آخر الأخبارأخبار محلية

الجيش هو هو … بالأمس واليوم وغدًا

ليس سرًّا من أسرار الالهة إن قلنا إن المؤسسة العسكرية، قيادة وضباطًا وعناصر، هي المؤسسة شبه الوحيدة التي لا تزال صامدة على رغم ما تعانيه من أزمات اقتصادية ومالية، وهي الوحيدة التي يتطلع إليها جميع اللبنانيين من دون استثناء على أنها خشبة الخلاص. هكذا كانت بالأمس، وهي على هذا الخط ثابتة اليوم، والمطلوب منها غدًا قد يكون أكبر وأكثر أهمية مما قامت به، ماضيًا وحاضرًا. فالدور الذي يؤديه الجيش على مساحة الوطن حتى في جنوبه المعذّب يفوق بأهميته الأدوار الأخرى. فهو الذي يحفظ الأمن على امتداد الحدود الشرقية والشمالية، وهو الذي تحلّ معه الطمأنينة حيث يحلّ، وهو الذي لا يفرّق في اجراءاته الأمنية بين لبناني وآخر المتساوين في المعاملة اسنادًا إلى ما يصدر عنهم من أفعال قد يُشتمّ منها بأنها مخّلة بالأمن ومعكّرة للاستقرار ومعرّضة السلم الأهلي للاهتزاز. هو الحاضر الدائم في كل مكان تكون الحاجة إليه ضرورية. وما هو مطلوب منه كبير جدًّا عندما تتوقف آلة الموت عن حصد الأرواح عشوائيًا، وعندما تكّف عن تدمير المنازل فوق رؤوس أهلها، وعندما يتراجع الجنون الإسرائيلي عن غيّه، وعندما تهدأ النفوس، وعندما تدّق ساعة الحقيقة.

Advertisement










فللحرب نهاية حتمية على رغم تجبّر المتجبّرين. ومع كل نهاية هناك دور منتظر للجيش، الذي عليه يقع التعويل في استتباب الأمن الداخلي في مختلف المناطق، التي كانت عرضة أكثر من غيرها لوحشية الاعتداءات الإسرائيلية الغادرة، وبالأخص في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. فلدوره في مرحلة السلم أهمية قد توازي أهمية الأدوار العسكرية في زمن الحرب. هو الوحيد كمؤسسة عسكرية الذي سيُطلب منه بعد فرض القرار 1701، وبعد إدخال التعديلات المناسبة، أن يحلّ في المنطقة الجنوبية الواقعة جغرافيًا جنوب نهر الليطاني. ولكنه لن يحلّ هذه المرّة كما في المرّات السابقة، بل سيكون لحضوره الفاعلية القصوى في القبض على الأمن في هذه المنطقة، كما في سائر المناطق، بيد من حديد، خصوصًا أنه سيزوّد بما يحتاج إليه في مهماته الجديدة من معنويات ووحدة قرار، ومن عديد كافٍ ومن معدّات حديثة ومتطورة تسمح له بأن يواجه الصعوبات التي يمكن أن تعترض مهامه الأمنية.
ولأنه المؤسسة شبه الوحيدة الواقفة في وجه العواصف سيسندّ إليها المهمات الصعبة في زمن السلم. هي الضمانة الأكيدة لاستعادة المؤسسات الناظمة للحياة السياسية الطبيعية دورها الكامل، تخطيطًا وتنفيذًا، من خلال ما يجب اتخاذه من إجراءات إصلاحية، بعد أن يوضع حدّ للفراغ الرئاسي، وبعد أن توضع الآلية الدستورية في اطارها الصحيح من خلال الانتظام التلقائي لعمل السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، والإدارية. وقد لا يجمع اللبنانيون، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على أمر واحد بقدر ما يجمعون على أهمية دور المؤسسة العسكرية كضمانة أكيدة للوحدة الوطنية المعرّضة بين الفينة والأخرى لانتكاسات موسمية، وعلى أنها المقدّر لها أن تقوم بما لا يجرؤ الآخرون على القيام به من أدوار في كل مجالات الأمن، الداخلي منها والحدودي وحتى الأمن الاستباقي، لأن المتضررين من استتباب الأمن ستكون أعدادهم كثيرة وكبيرة، ولأن المصطادين بالمياه العكرة يتربصون عند مفارق الطرقات للانقضاض والعمل على اثارة الفوضى وأعمال الشغب.
فمن دون جيش قوي لا وحدة وطنية صلبة وراسخة ومحصّنة ضد العوامل الخارجية وملقحة بمضادات ضد كل أنواع الفيروسات، التي أنهكت الجسم اللبناني على مدى سنوات. ومن دون هذه الوحدة الحقيقية لا قيامة للبنان من تحت انقاضه السياسية والاقتصادية والمالية. فقيامة الأوطان لا تكون على أيدي الذين كانوا السبب الرئيسي في إيصاله إلى ما وصل إليه من أحوال سيئة وكارثية، بل على أيدٍ غير ملوثة بصفقات الفساد المشبوهة.
فالجيش هو هو بالأمس واليوم وغدًا. وهو الوحيد المعّول عليه في ما ننتظره في اليوم التالي.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى