زلزال أصاب النبطية.. روّاد السوق يبكون مكاناً دمرته إسرائيل!
صبيحة الأحد، بدا سوق النبطية التجاري أشبه بمنطقة منكوبة غداة غارة إسرائيلية استهدفته. محال استحالت أكواما من الركام تتصاعد من أنحائها أعمدة دخان، وسكان يعاينون الدمار ويبكون قلب مدينتهم النابض وذكرياتهم.
ونفّذ الطيران الإسرائيلي غارة قرابة الثامنة والربع مساء السبت استهدفت وسط السوق التجاري في مدينة النبطية، كبرى مدن الجنوب اللبناني ومركز نشاطه الاقتصادي.
وفي الشارع كما على مواقع التواصل الاجتماعي، يبكي سكان المدينة سوقهم وذكرياتهم فيه منذ نعومة أظافرهم.
علي يقول إنه شعر وكأن منزله هو ما قصف، إذ إن كثيرين من أهالي المنطقة، فضلا عن أصحاب المحال أنفسهم، تربطهم بالسوق ذكريات كثيرة، فهو شاهد على ذكريات لكل فرد من أهالي المدينة، الذين انقسموا بين من يريد الرحيل ومن يتشبث بالمكان رغم دماره.. فكيف أصبح السوق؟ وماذا قال رواده؟
طارق: زلزال بسوق النبطية
ويقول صدقة بينما يحمل عبوة مياه بلاستيكية ولا يقوى على حبس دموعه: “يعجز اللسان عن التعبير، لم نعد نقوى على الكلام”، مضيفا “أنا باق هنا ولن أغادر النبطية، النبطية أمّنا.. إنه لأمر محزن أن تجد أرزاق الناس دمرت”.
على بعد أمتار منه، تشقّ ألسنة نيران طريقها بين حجارة متصدعة، وتتصاعد أعمدة دخان أسود من أنحاء عدة. وحدها شجرة خضراء يانعة بقيت صامدة بعدما تحول كل ما يحيط بها الى ركام.
لافتات بلا محال
وتهشمت واجهة مبنى من 3 طبقات، وبدت جدرانه سوداء جراء الدخان، بينما تقطعت حبال كهرباء وتدلت في أماكن عدة.
وأحدثت الغارة دمارا كبيرا في سوق المدينة التجاري الذي يشكل منذ عقود مقصدا لسكان المدينة وروادها من البلدات الواقعة في محيطها. ويكتظ السوق بمحال ومؤسسات متنوعة بينها متاجر ثياب ومجوهرات وحلويات.
وتقع مدينة النبطية وهي مركز محافظة تحمل الاسم ذاته على بعد نحو 13 كيلومترا عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل. وتضم مؤسسات رسمية وتجارية كبرى ومستشفيات عامة وخاصة إضافة إلى جامعات رسمية وخاصة.
وسبق لإسرائيل أن وجهت منذ بدء التصعيد مع حزب الله قبل عام ضربات محدودة طالت شققا في المدينة، من دون أن تخلف دمارا واسعا.
جابر: هل هناك من نكبات أكبر
ويتحسّر الرجل المسنّ بينما يضع نظارة شمسية “كانت هذه أجمل منطقة وأفضل سوق فيها”، مضيفا “ليترأف الله بالناس ويساعدنا. نحن خائفون ودماؤنا على أيدينا ونخشى ضربات جديدة، إذ أنهم (الإسرائيليون) لا يستثنون أحدا ويريدون جعل النبطية أرضا محروقة”.
ويسأل جابر الذي يسير بخطى بطيئة وخلفه دمار واسع “هل هناك من نكبات أكبر؟ أريد أن أغادر، لكن من سيأخذني الآن وأنا عاجز عن التحرك؟”.
ويتابع بحرقة: “من سينظر في حالنا؟ نوابنا الذين يسافرون ويقيمون في الفنادق؟ هل من يأتي منهم لتفقدنا والسؤال عن حالنا؟”.
علي: السوق منزلي
وبين هؤلاء محمود خرابزيت (69 عاما) الذي اعتاد منذ سنوات طويلة احتساء القهوة مع أصدقائه يومياً فيه.
وعلى غرار كثر، يقول إن المدينة “مرت حروب كثيرة عليها واستُهدفت بالقصف، لكننا ما زلنا صامدين فيها”.
ويؤكد أن استهداف إسرائيل للمدينة لن يدفعه الى مغادرتها. ويوضح “باق هنا. هنا منزلي ومنزل أهلي ومنازل إخوتي. لا أستطيع أن أترك النبطية. النبطية روحي. وعندما تروح الروح” تكون قد انتهيت”.
وعلى بعد أمتار، يشبّه الشيخ علي طه (63 عاما) السوق بمنزله، ويقول لفرانس برس: “شعرت كما لو أن منزلي تعرّض للقصف. هنا ترعرعنا وتعرف الناس كلهم بعضهم الى بعض”.
وفي منشور على فيسبوك، عدّدت الكاتبة بادية فحص أسماء محال حفظتها مع أسماء مالكيها عن ظهر قلب في الشارع المستهدف: مكتبة ومحل حلويات وألبسة وأحذية وفلافل وبهارات وصيدلية ومحل بيع أسطوانات كان يطرب بموسيقاه رواد السوق.
وختمت منشورها الذي لاقى تفاعلاً واسعاً: “هذا قلبنا الذي احترق وليس مجرد مربع أسمنت”. (فرانس برس)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook