حركة ناشطة لانتخاب رئيس توافقي.. ومحادثات سعودية فرنسية وأميركيّة
يقفل الأسبوع على عدوان اسرائيلي مفتوح من بيروت الى الجنوب والبقاع وصولاً الى الشمال، وقد سُجّلت منذ ساعات الليل وحتى الفجر اكثر من ثلاثين غارة على الضاحية الجنوبية.
في المقابل، ورغمَ الحركة التي حصلت في الأيام السابقة، بدءاً باللقاء الثلاثي في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط، وما تلاها من لقاءات ثنائية ومبادرات للبحث عن تسوية تفضي الى اجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت.
الى ذلك، ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها، كما بحث بن فرحان مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، التصعيد في المنطقة والمستجدات على الساحة اللبنانية.
وكتبت” الشرق الاوسط”: يضع “حزب الله” ملف الرئاسة والمشاورات والنقاشات بشأنها في عهدة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي أطلق مواقف في الأسبوع الماضي، أدت إلى خرق في جدار هذه الأزمة، ورجحت إمكانية التوصل إلى انتخاب رئيس بغض النظر عن الحرب الدائرة.
وقد نُقل عن بري دعوته لفصل الرئاسة عن الحرب، وتخليه عن شرط الحوار الذي يسبق الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس، كما استعداده لانتخاب رئيس توافقي. وبذلك يكون “الثنائي الشيعي”، المتمثل بـ”حزب الله” وحركة “أمل” قام بخطوات إلى الأمام، بعد تمسكه لنحو عامين بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
وتشير مصادر نيابية معنية بالملف الرئاسي إلى أن “كل ما يشترطه بري اليوم للدعوة لجلسة هو أن يتفاهم 86 نائباً على اسم رئيس معين”، لافتة في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، إلى أن “أكثر من حراك ينشط حالياً للوصول إلى تفاهم مماثل، وأبرز من يعمل على هذا الخط تكتل اللقاء الديمقراطي” الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط، والتيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل.
وتوضح المصادر أن “ما يتم السعي له هو وضع خريطة طريق للخروج من الواقع الراهن، ليس الرئاسي فقط، وإنما أيضاً من الحرب المستعرة، فتلحظ الخريطة رؤية وطنية لوقف النار وتطبيق القرار 1701 والتفاهم على اسم رئيس معين”.
وقال مصدر سياسي مطلع لـ “الديار” امس، ان هذه اللقاءات والحركة الناشطة تجري في اجواء مشجعة وايجابية، وهناك مناخ جامع على تحقيق هذا الهدف، لافتا الى ان موقف القوات اللبنانية ليس سلبيا، ولكنه في الوقت نفسه ما زال ضبابيا وغير حاسم.
وأوضح المصدر ان هناك تركيزاً في الحراك الجاري، على مضمون بيان عين التينة الثلاثي، مع التأكيد ان ما صدر عن اللقاء الثلاثي ينطلق من منطلق وطني عام، وليس من منطلق اصطفاف سياسي او طائفي، وهذا ما جرى التأكيد عليه خلال زيارة ميقاتي الى بكركي، او من خلال تحرك الحزب التقدمي الاشتراكي. ويشمل التركيز على النقاط الآتية:
1 – التأكيد على وقف العدوان الاسرائيلي ووقف النار، والالتزام بتطبيق القرار1701 وارسال الجيش اللبناني جنوب الليطاني ليقوم بمهامه بالتنسيق مع قوات اليونيفيل.
2 – تأمين الوحدة الوطنية والتضامن بين اللبنانيين لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي، بما فيه كارثة النازحين.
3 – قطع الطريق على كل ما يثير الفتنة بين اللبنانيين ويزعزع الاستقرار الاجتماعي والوطني.
ووفقاً للمعلومات فان اللقاءات المكثفة التي يجريها الرئيس بري، تجري في اجواء ايجابية بصورة عامة، مع التأكيد انها تصب في اطار ما اكده رئيس المجلس مؤخرا، لجهة انتخاب رئيس توافقي لا يكون تحديا لاحد ويطمئن اللبنانيين.
وذكرت مصادر مطلعة، ان التحرك الناشط لانتخاب رئيس توافقي دخل في مرحلة طرح الاسماء.
وحول ما يحكى عن تعزيز فرص انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون، كشفت المصادر ان بضعة اسماء مطروحة، وقد اعطيت للبطريرك الماروني بشارة الراعي، ومن بينها اسم العماد عون، وان البحث في الاسماء سيأخذ مداه في الايام المقبلة.
وفي هذا الاطار، قال مصدر نيابي في الحزب التقدمي الاشتراكي ردا على سؤال حول اجواء تحرك الحزب: “إن هذا التحرك يأتي في ضوء بيان ومبادرة اللقاء الثلاثي الذي عقد في عين التينة، مع التأكيد على ان هذا البيان ينطلق من منطلق وطني شامل، وليس من اي منطلق سياسي او طائفي”.
ورداً على سؤال حول موقف القوات اللبنانية، قال المصدر إن “موقف القوات مقبول، وهناك عمل على ازالة كل الحساسيات لتحسين اجواء السعي لانتخاب رئيس توافقي، وللحديث تتمة”.
وسألت “الديار” مصدراً نيابياً في القوات اللبنانية عن أجواء الجهود الاخيرة، فاكتفى بالقول: “هناك قرار بان نلتزم الصمت في الوقت الراهن، ولا شيء حتى الان في خصوص رئاسة الجمهورية، وموقف القوات اللبنانية معروف ولم يتغير.
ورداً على سؤال آخر: لا نستطيع ان نجزم باي شيء حتى الان، وهناك حرب قائمة”.
وكتبت “الأخبار”: لفتت المصادر إلى أن “الملف الرئاسي لا يُمكن إنجازه حالياً”، علماً أن قائد الجيش العماد جوزيف عون “بات يملك أكثرية مؤيدة”.
وكشفت المصادر أن “جنبلاط لم يعد يمانع انتخاب عون وأبلغ بري بذلك، وأن عدداً كبيراً من النواب السنّة عبّروا عن قبولهم بهذا الطرح، كذلك المستقلين.
أما “القوات اللبنانية”، فلن تقف في وجه الضغط السعودي الأميركي وستسير في نهاية المطاف بهذا الطرح”.
وفيما يعارض رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، وصول عون إلى الرئاسة، حتى اللحظة، قالت أوساط سياسية إن بري “لم يوافق، على عكس ما يحاول مقرّبون من عون الترويج له”، مشيرة إلى أننا “في حرب والجميع ينتظر الميدان”.
وفيما كتب المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين على منصة “إكس” أن “إدارة بلاده لم تعطِ الضوء الأخضر لعملية عسكرية في لبنان، وأنها تعمل على خط بيروت وتل أبيب لاستعادة الهدوء”، نفت مصادر مطلعة ذلك، مؤكدة أن “لا أحد يتحدث معنا عن حل ديبلوماسي، بل إن الأميركيين منحوا العدو الإسرائيلي كل الوقت لاستكمال عدوانه، بالتزامن مع الضغوط التي يقومون بها لأجل فرض واقع أمني وعسكري جديد في الجنوب وواقع سياسي وفقَ موازين مختلفة”.
وقالت المصادر إن “هذا الضغط يزداد كل يوم لأن هناك تخوّفاً من الواقع الميداني في الجنوب، والذي أثبت أن منظومة القيادة والسيطرة للمقاومة لم تتأثر باغتيال القادة، وهذا الواقع يجعل الأميركيين متوجّسين من إمكانية أن يعود الميدان ليقلب الموازين لمصلحة فريق الممانعة ويجهض مشروعهم”.
وتواصلت المساعي لأجل ترتيب يسمح لوزراء التيار الوطني الحر بالعودة الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء. وفهم أن الرسائل جارية بين ميقاتي من جهة، والنائب جبران باسيل الذي يحرص على التشاور مع الرئيس بري. وهو يطلب أن يصار الى إعادة البحث في آليّة العمل، بحيث يكون التشاور قائماً بشكل منطقي قبل تحديد جدول أعمال الجلسات، وأن يصار الى فتح الباب أمام البحث في كل النقاط العالقة، بما فيها تعيين موظفين أصيلين مكان الوكلاء الحاليين أو الممدّد لهم في مواقعهم المدنية أو العسكرية والأمنية.
وتلفت المصادر الى أن القطريين يتحمسون كما المصريين لأجل توسيع قاعدة التشاور حول مستقبل الوضع السياسي في لبنان، وهم يحثّون القوى السياسية على إيجاد إطار واسع. ومن بين الأفكار توسيع اللقاء الثلاثي الذي جمع بري وميقاتي وجنبلاط ليشمل آخرين مثل باسيل وبعض القيادات المستقلة عن التحالفات الكبيرة القائمة.
ويقول مصدر مشارك في هذه الاتصالات إن إطاراً واسعاً من هذا النوع سوف يضيّق هامش المناورة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية من أجل تمرير مكاسب سياسية على وقع الحرب، من دون أن تهتم لتماسك الوضع الداخلي الآن أو في أي فترة لاحقة.
ونقل عن ديبلوماسي عربي قوله إن على الأميركيين تذكّر ما حصل في عام 1983، حيث حصل الانقلاب السياسي الكبير في لبنان على التركيبة التي فرضت بعد الاجتياح، وكيف انتهى الأمر الى تجدد الحرب الأهلية في لبنان كلّه.
وحذّر المصدر من أن الولايات المتحدة لم تعد متمسكة كثيراً بما يعرف بـ”الاستقرار في لبنان” لأنها كانت سابقاً تخشى أن تسمح الفوضى بأن يمسك حزب الله بكل مفاصل البلاد، وهي ترى أن الحزب الآن “في موقع ضعيف جداً، ولا يمكنه فرض ما يريد”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook