آخر الأخبارأخبار محلية

معلومات عن استخبارات إسرائيل ضدّ حزب الله.. حقائق مثيرة!

في صيف عام 2006، اندلعت “حرب تموز” بين إسرائيل وحزب الله لمدة 34 يوما، وكانت بمثابة اختبار غير مسبوق للجانبين، لكنها، في الوقت نفسه كانت بمثابة “درس” لاشتباكات واسعة أخرى أكثر قسوة بعد 18 عاماً.

 

أسفرت تلك الحرب عن استشهاد 1191 لبنانيا وأُصيب أكثر من 4400، بينما لقي 43 إسرائيليا مصرعهم وأُصيب 997، وفقا لتقرير أصدرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، آنذاك، بينما وصل عدد الشهداء اللبنانيين في الاشتباكات الواسعة الجارية منذ 2023 إلى أكثر من ألفي شخص، بينهم أكثر من ألف منذ بدء القصف الجوي المكثف في 23 أيلول الماضي على جنوب لبنان وشرقه وكذلك ضاحية بيروت الجنوبية.

 

الطرفان “حزب الله” وإسرائيل خرجا من “تموز” ليس فقط بخسائر بشرية، بل أيضا بدروسٍ شكلت مسار الاستراتيجيات المستقبلية للطرفين، فإسرائيل جهّزت نفسها للتعامل مع حرب العصابات والتكتيكات غير التقليدية، أما حزب الله فقال إنه عزز بنيته التحتية العسكرية وطوّر ذراعه الصاروخي.. فكيف استغلّ كل من إسرائيل وحزب الله، حرب تموز لتعديل الاستراتيجيات في الاشتباكات الجارية؟

الاعتماد على السلاح وحده “خطأ كبير”

 

في عام 2006، بدأ حزب الله الحرب بأسر جنديين إسرائيليين، مما دفع إسرائيل للرد بقوة عسكرية هائلة، معتقدة أنها ستنتصر بشكل كامل، بفضل التكنولوجيا المتطورة وقدراتها الجوية.

ومع ذلك، لم تتمكن إسرائيل من تدمير منصات الصواريخ قصيرة المدى التي أطلقها حزب الله يوميا على مدنها، نظراً لعدم وجود نظام القبة الحديدية آنذاك، وفقا لشبكة سي إن إن.

اليوم، طوّرت منظومتها الدفاعية لاعتراض صواريخ حزب الله، حيث أعلنت أنها تمكنت من التعامل مع عشرات الصواريخ التي أطلقها الحزب على شمال إسرائيل، وأنها تصدت لبعضها، بينما سقط البعض الآخر في أماكن خالية دون إحداث إصابات.

إسرائيل تسلح نفسها استخباراتيا

 

بعد انتهاء حرب 2006، اعتبرت إسرائيل نفسها في حالة حرب مستمرة مع حزب الله، وأطلقت على هذه المرحلة “الحرب بين الحروب”، حيث واصلت جمع المعلومات الاستخباراتية عن حزب الله وقياداته لأكثر من عقد، وفقاً لصحيفة “فاينانشال تايمز”.

استخدمت إسرائيل الأقمار الاصطناعية، والاستخبارات البشرية لتحديث قائمة أهدافها. ووفقا لشلومو موفاز، الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في استخبارات الجيش الإسرائيلي، تمكنت إسرائيل من تطوير “خريطة استخباراتية” دقيقة لمواقع حزب الله.

وعلى عكس 2006، دخلت إسرائيل صراعاً مع الحزب هذه المرة وهي تمتلك بنكاً يضم آلاف الأهداف المحددة مسبقا، مقارنة بعدد قليل من الأهداف المدرجة في 2006.

الأمر هذا ظهر في الاشتباكات الحالية، عندما تمكنت من استهداف جميع قادة الحزب العسكريين، على مدار 10 أشهر، حتى وصلت إلى أمين عام الحزب نفسه مساء الجمعة، والقيادي الكبير علي كركي، قبل أن تعلن صباح السبت 28 أيلول اغتيال قائد الوحدة الصاروخية للحزب، محمد علي إسماعيل ونائبه.

 

أيضاً، اغتالت إسرائيل خلال الأيام الماضية القيادي في الحزب الشيخ نبيل قاووق، كما جرى استهداف القياديين الشقيقين حسن ومحمد جعفر قصير، في حين تم اغتيال محمد سكافي، رئيس منظومة الاتصالات في “حزب الله”. 

 

أما الحدث الأبرز الذي حصل يوم الخميس الماضي فتمثل بالحديث عن محاولة اغتيال إسرائيل رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين الذي يعتبر الخليفة الأبرز لنصرالله، وذلك بقصف جوي عنيف استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت.

“عقيدة النصر”: اضرب سريعا وبقوة

 

نشر مركز بيغن والسادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان تقريرا في عام 2020 يوضح “عقيدة النصر” الجديدة التي تبناها الجيش الإسرائيلي بعد حرب 2006.

تركز هذه العقيدة على تدمير قدرات العدو بأسرع وقت ممكن وبأقل عدد من الضحايا والتكاليف، بدلاً من السيطرة على الأراضي.

وتطبيقاً لهذه العقيدة، كثّفت إسرائيل خلال اليومين الأولين من حملتها القصفية الجديدة وزادت من ضرباتها الجوية إلى 8 أضعاف المتوسط السابق، ونفذت إسرائيل 80 غارة في غضون 24 ساعة فقط على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت بين يومي الجمعة والسبت 27 و28 أيلول، دون سقوط قتلى أو جرحى في صفوف جيشها.

الهدف من القصف كان تعطيل قدرات حزب الله وقيادته بسرعة، مستفيدا من محدودية دفاعاته الجوية، وفقا لما ذكره جان لوب سمعان من معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، وهو ما أكده مسؤول إسرائيلي، السبت 27 أيلول، لصحيفة نيويورك تايمز بأن الضربات دمرت نصف قدرة حزب الله الصاروخية.

حزب الله واستراتيجيات التسليح

 

بينما كانت إسرائيل تعيد تقييم استراتيجياتها، كان حزب الله بدوره يعزز قدراته الصاروخية، ووفقا لتقرير نشرته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، يمتلك حزب الله أكثر من 200 ألف قذيفة، تشمل قذائف الهاون، والصواريخ، والطائرات من دون طيار، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى، والصواريخ المضادة للدبابات والسفن، والذخائر المتفجرة، مع تدريب مستمر لكوادره على استخدامها.

وتشير دراسة من جامعة ريتشمان إلى أن حزب الله قادر على إطلاق ما يصل إلى 3000 صاروخ وقذيفة يوميا، وهو وابل مصمم لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية مثل مقلاع داوود والقبة الحديدية.

وتجسدت هذة القدرات حين أعلن حزب الله أنه أطلق صباح يوم الأربعاء 25 أيلول صاروخا ‏باليستيا من نوع قادر 1، مستهدفا مقر قيادة الموساد، ليكون أول صاروخ من حزب الله يصل مداه إلى تل أبيب.

حرب برية صعبة وكمائن قتالية

 

ومنذ أيام عديدة، تخوض إسرائيل و”حزب الله” حرباً برية عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، حيث تدور معارك عنيفة بين الطرفين.

 

وخلال هذه الجولات القتالية، نفذ “حزب الله” العديد من الكمائن في جنوب لبنان ضدّ القوات الإسرائيلية التي توغلت داخل الأراضي اللبنانية. 

 

إن تم النظر قليلاً إلى “مغزى الكمائن”، سيتضحُ أنَّ “حزب الله” قلب المعادلة العسكرية وأعاد مشهدية حرب تمّوز عام 2006 إلى الواجهة مُجدداً وذلك عبر القتال البري الذي يخوضه ضد الإسرائيليين.

 

قد تكونُ الحرب الميدانية التي يخوضها “حزب الله” هي تعويضٌ لخسائر مُنيَ بها عسكرياً خلال الفترة الماضية وتحديداً بسبب الاغتيالات. 

 

أيضاً، تعدّ هذه الحرب بمثابة تأكيد أن قدرة الحزب العسكرية لم تتأثر حتى أنّ اتصالاته الميدانية ما زالت متوافرة وقائمة رغم التفجيرات التي طالت أجهزة اللاسلكي والبيجر قبل أكثر من أسبوعين، ما يشير إلى أن هناك منظومة عسكرية ما زالت مستخدمة وتعتمد على نوع مستقل من الإتصالات قد يكون مشفراً بشكلٍ مُحكم ومرتبطا بخطوط سلكية محمية.

 

إلى ذلك، تكشف الحرب البرية الحالية تل أبيب لم تتمكن من تنفيذ 3 أمور وهي:

 

الأمر الأول: عدم التمكن من إبعاد قوة الرضوان أو عناصر “حزب الله” المقاتلين عن الحدود والدليل هو الإشتباك المباشر معهم في نقاط حدودية متقدمة مثل العديسة وعيترون.

 

الأمر الثاني: الإشتباكات التي حصلت كشفت أن منظومة القيادة والسيطرة التي يديرها الحزب لم تتأثر بالضربات الإسرائيلية المستمرة منذ عام، ما يشير إلى أن إحباط العمليات الهجومية من لبنان لم ينجح من قبل الإسرائيليين.

الأمر الثالث: على صعيد البنى التحتية، فإن عناصر “حزب الله” ما زالوا ، كما يتبين، يتمتعون بقدرة مناورة سريعة وسهلة عبر الأنفاق التي تصل إلى الحدود، ما يشير إلى أن إسرائيل فشلت في ضرب تلك البنى التحتية الخاصة بالحزب خصوصاً تلك التي تمثل نقطة انطلاق للمقاتلين خصوصاً باتجاه الحدود.

 

أمام كل ذلك، ترى المصادر أن “حزب الله نجح في أمور عديدة وهي: الحفاظ على سهولة الحركة، المرونة في توجيه النيران واستخدام التغطية الصاروخية، وتأمين الانسحاب لعناصره بعد الكمائن، فيما الأمر الأهم يرتبط بقدرة الحزب على توجيه ضربات صاروخية جديدة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية رغم التغطية الجوية المكثفة للعمليات الهجومية الإسرائيلية”.

 

بحسب المصادر، فإن ما يجري في جنوب لبنان الآن من كمائن واشتباكات مباشرة، يفتح الباب أمام سيناريو واحد لا مفر منه، ويرتبط بما حصل خلال العام 2006 حينما توغلت إسرائيل برياً داخل لبنان بينما تم استخدام الصواريخ المضادة للدروع لتنفيذ الاستهدافات ضد الدبابات الإسرائيلية.

 

عملياً، فإن الحزب، بحسب المصادر، عاد الآن إلى العمليات القتالية المرتبطة بـ”الوحدات الهجومية” التي تعتمد على التخفي وتنفيذ العمليات ثم التخفي مجدداً، مشيرة إلى أن هذا النمط القتالي يعطي “حزب الله” قدرة مناورة أكثر من دون إقحام أي وحدات كبرى في الهجمات لأن دورها لن يكون مطلوباً في هذه المرحلة.

 

وعليه، فإن الحزب يخوض الآن قتالاً مفتوحاً وغير محكوم بضوابط، ما قد يمنحه فرصة أكبر لتحقيق مكاسب عسكرية ميدانية يمكن أن تتحول إلى ورقة ضغط على الإسرائيليين.. لكن السؤال الأبرز: هل يُمكن اعتبار العملية البرية الإسرائيلية بمثابة إقتراب إنهاء معركة جنوب لبنان من قبل تل أبيب نفسها؟ الأيام المقبلة كفيلة بكشف كل ذلك. (بلينكس – لبنان24)

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى