آخر الأخبارأخبار محلية
التضامن الوطني.. السلاح الأقوى في وجه العدوان الإسرائيلي!
باستثناء بعض الحالات “الفردية” التي لا ينبغي تسليط الضوء عليها، وبمعزلٍ عن بعض المحاولات لتحقيق “المكاسب” من حركة النزوح، ليس خافيًا على أحد أنّ التضامن الوطنيّ شكّل عنوانًا أساسيًا لتعامل اللبنانيين مع العدوان الإسرائيلي منذ يوم الإثنين، على الرغم من الاختلاف السياسي في ما بينهم حتى حول “أصل” الحرب، وتحديدًا حول “جبهة الإسناد” التي أعلنها “حزب الله” في الثامن من تشرين الأول الماضي.
ولعلّ مظاهر “التضامن” هذه بدأت منذ الأسبوع الماضي، وتحديدًا بعد مجزرتي الثلاثاء والأربعاء، عندما قام العدوّ الإسرائيلي بتفخيخ أجهزة الاتصال التي يحملها عناصر “حزب الله”، وتفجيرها بآلاف الأشخاص في وقتٍ واحد، ما أسفر عن سقوط آلاف الإصابات في دقيقتين فقط، بين شهيد وجريح، في جريمة غير مسبوقة ليس في تاريخ “حزب الله” والمقاومة، بل في التاريخ ربما، ما استوجب تعاطفًا وطنيًا واسعًا، بمعزل عن الآراء السياسية.
تكرّر الأمر نفسه مع دخول العدوان الإسرائيلي مرحلة جديدة يوم الإثنين الماضي، إذ تفاعل اللبنانيون سريعًا مع الحدث، على وقع القصف العشوائي لمناطق لبنانية عدّة، في عمق الجنوب والبقاع، كما على وقع حركة النزوح الواسعة التي تسبّبت بها التهديدات الإسرائيلية، وهو ما أدّى سريعًا إلى ظهور مبادرات مجتمعية في مختلف المناطق، وسط دعواتٍ لافتة لاحتضان العائلات القادمة من الجنوب، التي نزحت باتجاه صيدا وبيروت.
هدف إسرائيل المخفيّ
لعلّ خير دليل على أهمية التضامن بين اللبنانيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي بصورة عامة، يتمثّل في أنّ مثل هذا التضامن يشكّل “النقيض” لما يريده العدو الإسرائيلي، الذي عمل خلال الأيام الماضية بشكل حثيث من أجل “الإيقاع” بين اللبنانيين، خصوصًا بعد المشهد “الوحدوي” الذي ظهر في الأسبوع الماضي، والذي يقول البعض إنّه أزعج الإسرائيليين إلى حدّ بعيد، جعلهم “يسرّعون” في العملية العسكرية، لمنع الالتفاف حول “حزب الله”.
ويكفي للدلالة على ذلك التوقف عند الأداء الإسرائيلي في الأيام الماضية، ولا سيما لجهة محاولة الإيقاع بين اللبنانيين، عبر تأليبهم على بعضهم البعض، وهو ما تجلّى بشكل خاص مع تكرار الحديث عن أنّ الحرب هي ضدّ “حزب الله”، وليست ضدّ اللبنانيين ككلّ، وأنّ على هؤلاء أن يبتعدوا عن الحزب حتى يبقوا آمنين، بما يعني في مكان ماٍ، “عزل” الحزب عن سائر مكوّنات المجتمع، ولو أنّ ذلك يتناقض مع فكرة أنّ الحزب هو جزء من المجتمع.
ويقول العارفون إنّ “المنطق” الإسرائيلي بهذا المعنى يتلاقى مع مشاريع الفتنة، ولا سيما الطائفية منها، التي لطالما دفع العدو باتجاهها في أكثر من مكان، علمًا أنّ ما أرادته تل أبيب من ذلك كان زيادة منسوب الكراهية، وربما الانقسام، بما يستعيد مشهدية الحرب اللبنانية، انطلاقًا ربما من “طرد” بعض اللبنانيين العائلات النازحة، بحجّة الخوف من أن يكون بينها عناصر في “حزب الله”، ما يعني تعريض مناطق جديدة لخطر الاستهداف.
أهمية التضامن الوطني
لكن، خلافًا للرغبة الإسرائيلية الكامنة، كان واضحًا أنّ اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومناطقهم، اختاروا تجاوز الخلافات السياسية القائمة في ما بينهم، والالتفاف حول بعضهم البعض، في وجه إسرائيل التي يتقاطع الجميع في لبنان على مبدأ العداء معها، وذلك انطلاقًا من أنّ العدوان الإسرائيلي بما أثبتته الأيام الأخيرة لم يكن ضدّ “حزب الله” حصرًا كما يقول الإسرائيليون، بل ضدّ لبنان بالمطلق، وضدّ السيادة اللبنانية في المقام الأول.
ويقول العارفون إنّ التضامن الوطني الذي جسّدته المبادرات المجتمعية التي انتشرت بشكل سريع وواسع، خصوصًا عبر منصّات التواصل الاجتماعي، وشهدت تفاعلاً مثيرًا للانتباه، يكاد يوازي بأهمّيته التصدّي العسكري للعدوان من جانب “حزب الله”، إذ يعرف الجميع أنّ الوحدة الوطنية هي “الحصانة” في مواجهة العدوان، وأنّ غياب هذه الوحدة يقدّم “هدية مجانية” للعدو لتحقيق أهدافه ومآربه، بما يضعف الموقف اللبناني.
وإذا كان هذا التضامن يكرّس موقفًا شعبيًا مهمًا، لا بدّ أن يؤخذ بالاعتبار في أيّ تسوية يمكن التوصل إليها، فإنّه يأتي أيضًا ليعزّز الموقف الرسمي اللبناني، الذي عبّر عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته إلى نيويورك، حيث عقدت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ليس بجديد الحديث عن أهمية التضامن الوطني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، عدوانٌ قد يجد في الانقسام والفتنة “ضالته”، وهو ما أثبتته محطات تاريخية عدّة. ولعلّ أهمية هذا التضامن تتضاعف أكثر، في ظلّ أزمة سياسية مفصلية كالتي يعيشها البلد، الذي لا يزال بلا رئيس للجمهورية، مع أهمية الدور الذي يفترض أن يلعبه الأخير سواء في رفع الصوت رفضًا للعدوان، أو في ترتيبات التسوية لمرحلة ما بعده…
مصدر الخبر
للمزيد Facebook