بين خماسية مفككة وهوكشتاين عاجز: لا انتخاب لرئيس ولا وقف للنار
ليست هناك اي اوهام لدى اي مسؤول او اي فريق سياسي لبناني ان “المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية” ستحقق في اجتماعاتها المعجزة المطلوبة لتمكين اللبنانيين من ان “يزمطوا” بانتخاب رئيس حسب تعبير الذين يروجون حاليا لنصائح عربية ودولية تسدى للافرقاء اللبنانيين في هذا الاتجاه وتدعوهم الى الاخذ بها قبل انتخاب رئيس جمهورية الولايات المتحدة الاميركية في 5 تشرين الثاني المقبل.
ويلاحظ سياسي بارز معني بالاستحقاق الرئاسي وسواه من الملفات الحساسة، ان هذه النصائح كرّت سُبحتها منذ الاعلان عن الحركة الجديدة للمجموعة الخماسية المتمثلة باللقاءات التي يعقدها بعض سفرائها مع عدد من المسؤولين الرسميين ورؤساء الكتل النيابية وكذلك لقاءات الرياض بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والمسؤول عن ملف لبنان في الديوان الملكي السعودي الدكتور نزارالعلولا، وما شاع بعدها من معلومات عن زيارة جديدة سيقوم بها لودريان للبنان نهاية ايلول الجاري بعد ان يكون سفراء الخماسية قد انجزوا جولة جديدة لهم على المسؤولين والكتل النيابية والسياسية لاستمزاجها الرأي في ما لديها من معطيات وفي ضوء المبادرة الحوارية المُجددة التي طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 31 آب المنصرم (خمسة ايام حوارية في الاستحقاق الرئاسي تنتهي بجلسة انتخابية واحدة بدورات متتالية ولا يرفعها رئيس المجلس الا بعد انتخاب رئيس).
ويلاحظ السياسي البارز نفسه كيف ان الولايات المتحدة الاميركية التي من المؤكد ان الجانبين السعودي والفرنسي قد اطلعاها على نتائج لقاءات الرياض، حركت الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين في اتجاه اسرائيل التي سيصل اليها الاثنين المقبل، موضحة، حسب بيان للبيت الابيض، أن زيارته لمنطقة الشرق الأوسط “تدخل في إطار جهودنا لخفض التصعيد وتجنب توسع النزاع”. فيما تحدث مسؤولون اميركيون عن ان هوكشتاين سيناقش مع المسؤولين الاسرائيليين “التوتر مع لبنان”. علما ان الموفد الاميركي لم يتمكن في زيارته الاخيرة لتل ابيب من مقابلة رئيس الحكومة بنيامين نتيناهو.
ويسأل هذا السياسي المعني: هل من رابط بين تحريك المعنيين للمجموعة الخماسية في اتجاه الاستحقاق الرئاسي اللبناني وبين تحريك هوكشتاين ليتابع وساطته بين لبنان واسرائيل لتنفيذ القرار الدولي 1701 في الجنوب اللبناني؟ ويقول لـ”لبنان 24″ انه في خلال بعض زيارات هوكشتاين للبنان وكذلك في خلال تحرك الخماسية اقيم شيء من رابط بين الامرين في اعتبار ان اي ترتيبات ومفاوضات لتنفيذ القرار 1701 تفرض وجود سلطة مركزية برئاسة رئيس الجمهورية تتولى هذا التنفيذ وهو امر لم تساعد الولايات المتحدة، حتى افتراضياً، لبنان عليه منذ الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية خريف العام 2022 من خلال “مونتها” على بعض حلفائها اللبنانيين المؤثرين في الاستحقاق الرئاسي لتليين مواقفهم بما يساعد الافرقاء السياسيين من الضفتين على انتخاب رئيس جمهورية جديد.
غير ان السياسي البارز عينه، لا يبدي تفاؤلا في امكان نجاح الحراكين الاميركي والخماسي في تحقيق هذا الهدف المزدوج والمتكامل في هذه العجالة وهو: اولا، تنفيذ القرار 1701 بما يوقف الحرب الدائرة على الجبهة الجنوبية خصوصا اذا لم يتوقف اطلاق النار في قطاع غزة الذي انفجرت جبهة لبنان “اسنادا” له في مواجهة الحرب الاسرائيلية عليه.
وثائيا، انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يضطلع بمسؤولياته ازاء اي اتفاق في شأن حدود لبنان الجنوبية تعاونه حكومة مكتملة المواصفات الدستورية، مع العلم ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تتولى وكالة صلاحيات رئاسة الجمهورية نتيجة الفراغ الرئاسي الذي بدأ في الاول من تشرين الثاني 2022 ما قصرت ولم تقصر حتى الان في اتخاذ المواقف والاجراءات اللازمة في الدفاع عن لبنان وحقوقه في ارضه وثرواته النفطية والغازية والمائية وغيرها.
الخماسية مفككة
امكانية نجاح الخماسية في حراكها الجديد، يراها السياسي البارز صعبة وذلك استنادا الى ما لديه من معطيات تؤكد ان الخلافات تجددت بين اركان هذه الخماسية بما جعلها مفككة، ويرسم المشهد بالقول: الاميركي في جانب وهو منشغل بالانتخابات الرئاسية اكثر من اي شيء آخر ويفتش فقط عما يفيده لدعم المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، الفرنسي في جانب آخر يبدو انه عاد على مبادرته الاصلية القائمة على “التوزان اللبناني التقليدي” وهو ان يكون رئيس الجمهورية لفريق ورئيس الحكومة للفريق الآخر، والسعودي والمصري متوافقان على موقف آخر، فيما القطري يكاد يغرد وحيدا، خصوصا وان بعض نظرائه الخماسيين يتهمونه بانه في امكانه تسهيل التوصل الى اتفاق على وقف النار في قطاع غزة من خلال ما لديه من تأثير على حركة حماس ولكنه لا يفعل، الى درجة ان هذا الاتهام الذي استفزه جعله يتخلى عما كان يطرحه من خيارات لرئاسة الجمهورية ويبلغ الى البعض انه يؤيد بعض الخيارات الأخرى المقابلة.
مهمة هوكشتاين
اما في ما يتعلق بمهمة هوكشتاين الذي لن يتردد في زيارة لبنان اثر زيارته المنتظرة لتل ابيب، فإن نجاحها يبقى رهنا بما سيكون عليه الموقف الاسرائيلي الذي يُعلن منذ اسابيع على لسان اكثر من مسؤول وهو ان اسرائيل لن توقف اطلاق النار في الشمال حتى ولو اوقفته في قطاع غزة بموجب صفقة او اتفاق ما مع حركة “حماس”. في الوقت الذي كان حزب الله ولا يزال يؤكد ان حربه في الجنوب هي “حرب اسناد” لقطاع غزة وانه سيوقف اطلاق النار بمجرد ان تتوقف الحرب الاسرائيلية عليه.
ويقول السياسي البارز ايضا وايضا ان الاسرائيلي غير مأمون الجانب، فهو كان ولا يزال يهدد ويتوعد بحرب شاملة ضد حزب الله ولكن الحزب ومن خلال وجود رجال المقاومة في الميدان والرصد والمتابعة اليومية لم يلاحظ على كل طول الجبهة الجنوبية ان هناك مؤشرات الى استعدادات عملية لشن حرب وشيكة او غير وشيكة.
ويؤكد ان السياسي ان الاسرائيلي لا يستطيع بامكاناته وظروفه الحالية المتراجعة على كل المستويات ان يشن اي حرب، وانه بتهديده وتهويله ضد لبنان انما يوجه رسائل الى الداخل الاسرائيلي لاستيعاب النقمة على الحكومة الاسرائيلية وسياساتها الحربية في غزة والشمال وفي شأن الاسرى وعودة النازحين الى المستوطنات الشمالية، وهي سياسات لم تحقق “النصر الكامل” الذي وعد بنيامين نتنياهو الاسرائيليين به بعد حرب دخلت شهرها الثاني عشر منذ السابع من ايلول الجاري.
المصدر:
خاص لبنان24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook