القوات احيت ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية في كندا
بعد تلاوة الانجيل المقدس القى المطران تابت عظة من وحي المناسبة جاء فيها: “نتشارك اليوم في قداسنا هذا الذي نقدمه معكم لراحة نفس الشهيد الشيخ بشير الجميل وشهداء القوات اللبنانية. وقد باتت هذه المناسبة تحية سنوية لمن استشهدوا ليبقى الوطن؛ ولينتموا الى وطن السماء حيث لا حرب ولا سلاح في حضرة الآب السماوي حيث المحبة التي لا تزول. إن ذكر الشهداء مرادف للإقدام والتضحية، هو حديث عن أناس نذروا حياتهم لرفعة مبادئهم. هم أبطال في معركة الحياة، وقد ضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء؛ لا يهابون الموت، مؤمنين بأن حياتهم إنما تهدى إلى هدف أسمى. لقد نزعوا من قلوبهم حب الحياة وتوجهوا نحو المعركة، لأنهم كانوا يعلمون أن نضالهم سيساهم في بناء غد أفضل”.
تابع:”حملوا شعلة الحق، وآمنوا بأن ثمن الحرية هو أعلى من كل الثروات. الشهداء هم من أعطوا الوطن معنى، وجعلوا من القضية راية ترفرف فوق هاماتنا. إنهم لم يموتوا، بل يعيشون في قلوب من عرف كلا منهم كرموز للشجاعة، وكأمثلة للتفاني من أجل الآخرين. هكذا كان أسلوبهم في المحبة. كلما تذكرنا تضحياتهم، نتذكر أن الطريق إلى الخلاص مليء بالعقبات والتحديات، من أجل تحقيق أهداف نبيلة تتجاوز حدود الزمان والمكان”.
اضاف:”في هذا الأحد الأخير من زمن العنصرة ويصادف أيضا مولد العذراء مريم؛ يدعونا بولس الرسول الى المحبة، التي هي “الدين” الوحيد علينا للقريب، ويعطينا يسوع في إنجيل لوقا مثل السامري الصالح لتوضيح مفهوم الرحمة والتعاطف الحقيقي والمحبة. (ولا بد من توضيح الإطار التاريخي والجغرافي لهذا المثل، إذ أن السامريين كانوا يشكلون خليطا من اليهود والوثنيين، وحتى عبادتهم كانت مختلطة بالوثنية، وقد نشبت بينهم الخلافات حتى صار اليهود يتجنبون الاتصال ب “السامريين”، بل يكرهونهم. وقد تبلور العداء وصار الانفصال نهائيا حين بنى السامريون لهم هيكلا منافسا في جرزيم بدلا من هيكل أورشليم، وبسبب اختلاف أفكارهم الدينية. أما جغرافيا فالطريق المباشر ما بين اليهودية والجليل يمر بالسامرة، وهذا الطريق يستعمله الجليليون. أما يهود اليهودية فكانوا يتحاشون المرور في السامرة لئلا يتنجسوا من السامريين، فكانوا يلتفون حول السامرة ويأخذون طريقا أطول عبر بيرية).”
وقال:”إنها في الظاهر قصة عادية لكنها تحمل رسالة عميقة تتجاوز حدود الزمان والمكان، لتكون درسا في الإنسانية نلخصه في نقاط أربعة:
الرحمة تتجاوز الحدود: يظهر السامري الصالح أن الرحمة ليست محصورة في حدود دينية أو قومية ولا مقيدة بالوضع الإجتماعي. بل هي قيمة إنسانية تظهر أن المحبة تتخطى كل التباينات، والرعاية تأتي من قلب رحيم لا يعرف حدودا أو تمييزا ونستشهد بهذه العبارة بالفرنسية “La Charité n’a pas d’heure”.
الأفعال تفوق الأقوال: بينما تجنب الكاهن اليهودي واللاوي تقديم المساعدة، أظهر السامري من خلال أفعاله مثالا واضحا على أن الرحمة الفعلية تتجلى في أفعال ملموسة، وليس فقط في الأقوال.
مسؤولية كل فرد: يذكر المثل أن كل شخص لديه مسؤولية أخلاقية لمساعدة الآخرين. يمكن لأي شخص، بغض النظر عن خلفيته، أن يكون هو “السامري الصالح” في حياة الآخرين.
إنسانية مشتركة: يبرز المثل أهمية رؤية الإنسانية في كل شخص، وعدم الحكم على الآخرين بناء على خلفياتهم أو معتقداتهم، بل التفاعل معهم على أساس من الإنسانية والمساعدة المتبادلة”.
اضاف:”باختصار، يظل مثل السامري الصالح رمزا قويا للرحمة والتعاون، ويشجعنا على تقديم المساعدة دون النظر إلى الانتماءات أو الفوارق الثقافية. إنه دعوة للتعاطف، وتأكيد على أن العمل الطيب يمكن أن يحدث من أي شخص وفي أي مكان، مهما كانت خلفيته.
ويطرح قداسة البابا فرسيس السؤال اليوم بشكل مغاير فبدل القول: من هو قريبي؟ علينا أن نسأل: هل نحن قريبون من الآخرين؟ تصبح المحبة خدمة مجانية عندما تقرب المسيحيين من بعضهم، تجمعهم باسم المسيح. فنضع إخوتنا وأخواتنا قبل الدفاع الصارم عن النظام الديني. هذه المحبة فقط ستوحدنا لأن كل معمد ينتمي الى جسد المسيح نفسه، لتشكل “سيمفونية الانسانية” التي كان بكرها يسوع”.
وقال:”بالعودة الى نية قداسنا اليوم، فلنبق شعلة الإيمان والمحبة في قلوبنا مضاءة، فالأسر المسيحية في لبنان ما زالت بحاجة الى التضامن في ما بينها والإبقاء على إرادتها صلبة في مواجهة التحديات وهي كبرى وداهمة. ولنبق ذكرى الشهداء والمصابين حاضرة في يومياتنا لكي لا تضيع ولتبقى ذكراهم عطرة لاستكمال مسيرة الحرية وتجاوز هذه المرحلة الخطيرة من تاريخنا المسيحي في لبنان وجواره”.
وختم:”لنصل ونعمل ونتعهد بألا يفرط واحد منا بتضحيات شهدائنا والمصابين ولا بأوجاع أهاليهم وأسرهم وأن نتعالى على ما يفرقنا لتبقى قضيتنا الجامعة هي الحضور المسيحي الحر والفعال والحيوي في لبنان ومن أجل لبنان”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook