آخر الأخبارأخبار محلية

وزير الثقافة: الحوار دعوة ثابتة وسبيلٍ لحلِّ مسألة الشغور الرئاسي

لفت وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى إلى ان “المجتمعات البشرية لا تنمو إلا بالحوار العقلاني الهادئ الذي يهدفُ إلى تقريب وجهات النظر في المسائل اليومية الشائكة على جميع الصعد”. مؤكدا ان “الحوار وسيلةً إلى الترقي وحل المشاكل”. وقال :”تذكروا دائمًا أن مفردةَ الحوار قد تكون أكثر المفردات استعمالًا على لسان الإمام المغيب الإمام موسى الصدر ولسان دولة الرئيس نبيه بري، وحركة أمل، وما برح الحوار اليوم دعوةً ثابتةً وسبيلًا بيِّنًا لحلِّ مسألة الشغور الرئاسي.”

كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته حفل التخرج بدعوة من مؤسسات “أمل” التربوية لطلاب ثانوية الشهيد مصطفى شمران الناجحين في امتحانات الشهادة الثانوية العامة 2023-2024 دفعة القيادي المربيّ عاطف عون في قاعة مسرح مجمع أهل البيت -البابلية وبحضور المسؤول التنظيمي لحركة “أمل” في الجنوب الدكتور نضال حطيط ، مدير عام مؤسسات أمل التربوية الدكتور بلال زين الدين عضو مجلس ادارة مؤسسات “أمل” التربوية باسم لمع ، رئيس المنطقة التربوية في الجنوب احمد صالح ،مدير الثانوية ابراهيم يونس وحشد كبير من الفاعليات والهيئات التربوية وعائلات الخريجين.

وقال المرتضى: “قال الفيلسوف البريطاني اللورد برتراند راسّل: “ينبغي لنا أن نعرفَ أيَّ جيلٍ نريد كي نعرف أيَّ مدرسةٍ نبني”. هذا الفيلسوف الذي عاش قرابة قرنٍ من الزمان، وتعلم كجميع التلامذة الإنكليز حب إسرائيل والدفاعِ عنها، كان بطبيعة الحال مؤيدًا وداعمًا لفكرة إنشاء وطن قومي لليهود، لكنه قبيل وفاته عام 1970، عاد في محاضرةٍ له آظنُّه الأخيرةَ فقال: “لقد علمونا أنَّ من الواجبِ علينا التعاطفَ مع إسرائيل بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيدي النازيين. لا أرى في هذا حجةً لتأبيد أي معاناة. ما تفعله إسرائيلُ اليوم لا يجوز التغاضي عنه، واستذكار فظائع الماضي لتبرير فظائع المستقبل نفاقٌ خالص”.

أضاف: “أردتُ من ذكرِ أفكار هذا الفيلسوف أن أتأمل وإياكم في علة التبدل الظاهر في موقفه تجاه إسرائيل. ذلك أن السياسة الغربية كلَّها كما يعرفُ الناسُ كافةً في مقاربتِها لمسألة اغتصاب فلسطين لم تعتمدْ في مدارسها وجامعاتها إلا المناهجَ التي تعلم طلابها الانحياز إلى جانب الكيان المغتصب ضد العرب أهل الأرض وأصحابِها. فكيف أمكن برتراند راسل في أواخر حياتِه أن يخالفَ ما تلقنه صغيرًا، وآمن به كبيرًا، فانتهى إلى اتهام السياسة التي تدعم إسرائيل بالنفاق الخالص؟؟؟ ثمّ؛ أوَليست المظاهرات التي ملأت مدن الغرب بالمتظاهرين، وسماءَها بهتافاتهم المؤيدة للشعب الفلسطيني والداعية إلى وقف المجازر والإبادات الجماعية دلالاتٍ أخرى حديثةً عن انحياز كثيرين من الطلاب ضد ما تلقنوه خفيةً وجِهارًا في المناهج التربوية؟؟؟”

وتابع: “الجوابُ عندي بسيط، وهو أن كلَّ ما يخالفُ حقيقةَ الحياةِ ونواميسَ العدالة المطلقة التي وضعها الله لانتظام العيش الإنساني، لن ينجحَ في قهر هذه الحقيقة ولَيِّ عنق التاريخ مهما أُعِدَّ له من برامج ومناهج، ومهما سُخِّرَ له من أدوات تربية وإعلام. وحقيقة الحياة التي لا نقاشَ فيها تقضي بأن وجودَ الكيان المحتل عمليةُ اغتصاب محض، قد بدأ زيفُها بالتكشف أمام الطلاب الغربيين قادة مستقبلِ دولِهم، فلا بدَّ لهذا الكيان إذن من التفسخِ والسقوط بفعل تآزرِ عوامل كثيرة ضده، منها المقاومة والصمود، ومنها التشرذم الداخلي في مجتمعه المخلَّق، ومنها ازدياد الوعي العالمي حول عدوانيته، وهذا كله بات الآن موجودًا، ولن تنفع البرامجُ التربوية المصطنعة في الاستحواذ أكثر على عقول الناشئة، وتوجيهها إلى الدفاع عن باطل هذا الاحتلال.”

وقال: “الجيل إذن صنيعةُ التربية، لكن، إذا بنيت على حقيقة نواميس الحياة. هذا ما آمنت به مؤسسات أمل التربوية، منذ تأسيسها على هدي تعاليم الإمام المغيب السيد موسى الصدر، فجعلت مناهجَها سبلًا لتدريب طلابِها على الانتماء الخالص إلى الحق والإيمان والوطنية. وها هي سنةً بعد سنة، في مختلف فروعها المنتشرة بين الجنوب والبقاع وبيروت، تخرجُ أفواجًا من صانعي الأمل بالغد الأفضل. وفي مناسبة تخريج هذه الدفعة، لي إليكم أيها الطلاب الأحباء وصايا قليلة أرجو أن تأخذوها بألبابِكم قبل الأسماع: أما الوصية الأولى فنابعة من حقيقة الإيمان بلبنان وهي أن هذا الوطن لجميع أبنائه، مهما اختلفت توجهاتُهم وانتماءاتُهم. فحافظوا على نعمةِ التنوع هذه، التي بمقتضاها يكون كلُّ مواطنٍ حاجةً لأخيه وللوطن الذي يحفظُ لكل فردٍ من بنيه مكانةً في الحاضر والماضي والمستقبل. وأما الوصية الثانية فبنتُ الأولى، وهي أن المجتمعات البشرية لا تنمو إلا بالحوار العقلاني الهادئ الذي يهدفُ إلى تقريب وجهات النظر في المسائل اليومية الشائكة على جميع الصعد. فآمنوا بالحوار وسيلةً إلى الترقي وحل المشاكل. وتذكروا دائمًا أن مفردةَ الحوار قد تكون أكثر المفردات استعمالًا على لسان الإمام المغيب ولسان دولة الرئيس نبيه بري، وحركة أمل، وما برح الحوار اليوم دعوةً ثابتةً وسبيلًا بيِّنًا لحلِّ مسألة الشغور الرئاسي”.

أضاف: “أما الوصية الثالثة، فهي أن تستزيدوا ما استطعتم من العلم في التخصصات التي أنتم مقبلون عليها. لقد أصبحت أبواب العلم الحديث واسعةً جدًّا، ولبنان ومستقبلكم فيه بحاجةٍ إلى علماء يبدعون في ابتكار أسباب الحداثة والتطور، ولكم في العالم الجنوبي الكبير حسن كامل الصباح قدوةٌ وأسوة. وتزودوا دائمًا بالثقافة، بمعناها الواسع، فهي خير زاد. وأما الوصية الرابعة، فهي أن كلَّ ما ذكرت يبقى قاصرًا عن بناءِ النفسِ والوطن بناءً متينًا، إذا لم تزيِّنْه القيمُ والمناقبُ والفضائل. فإنها الجزءُ الأصيل من بنائِنا النفسيِّ والروحي، فلا ينبغي التفريط بها، تحت أيِّ عنوان. والمشروع الصهيوني المذخَّرُ بكلِّ آلات القتل والتدمير، لن يكتفي بالحجر والبشر في فلسطين والجنوب والأمة كلها، بل هو يرمي في النهاية إلى قتل الروح بنشر ما يخالف تراثنا ويقطعُ صِلاتِنا به.”

وختم: “في النهاية، أتوجه إلى الخريجين وذويهم، والمدرسة وطاقميها الإداري والتعليمي، وإلى مؤسسات أمل التربوية على امتداد لبنان، بخالص التهنئة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى