اسرائيل تهدد بمواصلة ضرب حزب الله.. حرب الجنوب تُبعد التسوية وتهدّد لبنان؟
ورفعت قوات الاحتلال الاسرائيلي من وتيرة هجماتها الجوية، فاستهدفت بيت ليف، حيث سقط شهيد، وبيت ياحون، الطيبة، وعديسة، وسجلت بعض الاصابات، كما شنت اكثر من غارة على نقاط محددة في كفركلا.
واكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من الحدود الشمالية مع لبنان، أن “الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى وسنواصل ضرب “حزب الله” حتى نعيد سكان الشمال”.
وكتب ابراهيم حيدر في” النهار”: الخطر الذي يواجه لبنان انطلاقاً من جنوبه هو في استمرار المعركة المفتوحة التي تبدو اليوم مرشحة لأن تطول مع الحرب الإسرائيلية التي فتحت على الضفة الغربية والمستمرة أيضاً في غزة من دون تقدم فعلي في مفاوضات وقف اطلاق النار. وهذا التصعيد الذي يعكس قراراً إسرائيلياً بتمديد الحرب ومحاولة تحقيق أهداف في اطار سياسة تصفية القضية الفلسطينية، ترتفع شروطه حول لبنان، إذ أن إسرائيل تعتبر أن القوة العسكرية والصاروخية والطائرات المسيّرة الدقيقة التي يملكها “حزب الله” هي بمثابة تهديد مستمر، وبالتالي تحاول إسرائيل حشد الدعم الدولي حول مطلبها الداعي إلى إبعاد الحزب إلى شمال الليطاني أو إلى مسافة 10 كيلومترات عن الحدود.
وإذا كانت الشروط الإسرائيلية تحظى بتأييد أميركي، على الرغم من سقوط شرط المنطقة الآمنة أو العازلة عند طرح مشروع هوكشتاين في بداية مهمته بعد طوفان الأقصى، إلا أن الأميركيين يعملون على تجنب الحرب ويرفضون توسيعها بين لبنان وإسرائيل أو شن الأخيرة حرباً على لبنان قد تتحول إلى حرب إقليمية، وقد مارست الإدارة الأميركية ضغوطاً كبرى لمنع الانزلاق إلى الانفجار من دون أن يعني أنها قادرة نهائياً على لجم التصعيد الإسرائيلي، ولذا سعت الى إبقاء الوضع على ما هو عليه بموافقة ضمنية من طهران. وكان لافتاً أن واشنطن مررت التمديد لقوات اليونيفيل سنة إضافية وواصلت فتح قنوات خلفية مع طهران لإلغاء ردها على إسرائيل وهي مصرة على إبقاء المفاوضات قائمة حتى لو امتدت فترة طويلة كخيار وحيد لمنع التصعيد وإن كانت تستمر بدعم إسرائيل بالسلاح والذخائر. فالحلول الديبلوماسية هي الخيار الأميركي الوحيد الآن في ظل انشغال الإدارة بالانتخابات.
يتبين أيضاً من خلال العمليات الأخيرة لـ”حزب الله” اقتصارها على المواقع والمستوطنات القريبة من الحدود، بما يعني أنه لا يريد توسيع الحرب بل العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة من دون أن يعني ذلك وقف العمليات بل الاستمرار بربط لبنان بغزة. ولعل ما يحدث في الضفة قد يزيد من الضغط على جبهة الجنوب، إذ أن إسرائيل تسعى إلى ضرب بنية حماس ومحاصرة الضفة بالاستيطان ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة، فيما تسعى حماس إلى توسيع دائرة المعركة للتخفيف عن غزة مع ما يرتبه ذلك من أخطار على السكان.
لا أحد يستطيع تقدير إلى متى تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة ولبنان. الواضح أن الوضع الحالي مرشح للاستمرار لفترة طويلة، في ظل تعثر المفاوضات التي لم تشهد تقدماً بفعل التشدد الإسرائيلي حول محور فيلادلفيا، وممر نتساريم. وبينما تواصل إسرائيل عملياتها في غزة والضفة مستفيدة من مراوحة المفاوضات لتحقيق أهداف قبل الوصول إلى وقف لاطلاق النار، لا تزال المخاوف ماثلة من تطور الأوضاع على جبهة لبنان مع احتمال نقل إسرائيل حربها بشكل كامل ضد “حزب الله” بعدما نقلت جزءاً من قواتها من غزة الى الشمال خصوصاً بعد الغارات الاخيرة التي استهدفت منطقة بعلبك والبقاع وحديثها عن تأمين الضمانات بالقوة لسكان مستوطناتها الشمالية، إضافة إلى إعلان “حزب الله” أنه ينشر صواريخه ومسيّراته من الجنوب إلى البقاع وصولاً إلى القلمون والقصير في سوريا، ما يعني أن القرار 1701 بات خارج السياق المرتبط فقط بالجنوب، فيما بات لبنان أمام أحد احتمالين، إما الوصول إلى تسوية للحدود برعاية خارجية وإما الحرب المدمرة…
وكتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: ترك حزب الله هامشاً غامضاً للعدو، وفق ما أكّدت المصادر، إذ اعتبر السيّد نصرالله أنّ “الردّ انتهى”، ليقول بعد ذلك إنّ المقاومة تدرس الردّ وقد تقوم بآخر إذا لم تجده كافياً، ليختم خطابه بالإشارة الى أنّ المقاومة “قد تدخل الجليل بالفرقة الموسيقية”. ما يعني أنّ السيد نصرالله لم يُطمئن “الإسرائيلي” الذي يواصل اليوم اعتداءاته على القرى الجنوبية، كما على الفلسطينيين ليس فقط في قطاع غزّة، إنّما أيضاً في جنين في الضفّة الغربية. الأمر الذي يدلّ على خشيته الكبيرة من المقاومة، لهذا يتصرّف بجنون ويفتح الجبهات ويُصعّد، ويُكثر من الغارات ومن عمليات القتل، التي تدخل في إطار “الجرائم ضدّ الإنسانية” و “الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني”، التي لا يزال يحاكم عليها في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
كذلك، فإنّ الحزب تعلّم من تجربة ما قبل اندلاع حرب تمّوز- آب 2006، عندما أرسل “الإسرائيليون” جنديَين الى الحدود اللبنانية في محاولة استفزازية له، ما جعله يُقدم على أسرهما في حينه. وأدّى ذلك الى نشوب الحرب التي دامت 33 يوماً، بحجة أنّهم يريدون استرداد الأسيرين، ليتبيّن بعذ ذلك أنّهما قُتلا في هذه الحادثة، وتسلّموا جثتيهما لاحقاً. في حين أنّ الهدف الأول من هذه الحادثة، كان إيجاد ذريعة لضرب الحزب، وتدمير الجسور والبنى التحتية في لبنان، في محاولة للقضاء على الازدهار الذي كان ينعم فيه البلد، وإنهاء المقاومة فيه. لكنهم فشلوا في ما خططوا له، باستثناء جرّ الحزب الى الحرب. هذا الأمر نفسه، يحاول “الإسرائيليون” القيام به، بحسب المعلومات، منذ اليوم الأول لدخول الحزب في “جبهة الإسناد” في 8 تشرين الأول الفائت، أي استفزازه لجرّه مجدّداً الى حرب موسّعة وشاملة، غير أنّه يتنبّه جيّداً الى هذه المحاولات ويُفشّلها من خلال ضرباته المدروسة.
من هنا، ترى المصادر ذاتها، أنّ ما يقوم به حزب الله اليوم هو الحفاظ على عدم توسيع الحرب والإبقاء على ضرباته ضمن “قواعد الاشتباك” المتفق عليها ضمناً، على أنّه دائم الجهوزية لأي عدوان “الإسرائيلي” محتمل على السيادة اللبنانية، أكان برّاً وبحراً وجوّاً، وهذا يكفي. والأهمّ أنّه لا يُطمئن العدو، وإن ردّ على اغتيال شكر في الضاحية. وهو يتوقّع كلّ شيء، لكيلا تتمّ مباغتته، سيما أنّ “الإسرائيلي” الذي فَقد قوّة الردع يحاول التعويض عن هذا الأمر، بتنفيذ عمليات اغتيال قادة المقاومة بواسطة المسيّرات والذكاء الاصطناعي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook