S تتوقع انهيار الليرة والأرقام تؤكد العكس
لا ريب في أن التوقعات التشاؤمية التي أتى بها تقرير S&P، لها ما يبررها في أرقام المالية العامة ومصرف لبنان، وفي واقع العجز والتعطيل الذي تعيشه الدولة منذ سنوات. إلا أن الجديد في التقرير، الاستنتاجات المستقبلية لسعر صرف الليرة إزاء الدولار، وقياس ذلك على أرقام وتوقعات في المالية العامة، يعرف الجميع عدم دقتها وشفافيتها. فالارتباك والفوضى كانا سائدين في احتساب العائدات والصرفيات التي لم تكن موحدة حتى الأمس القريب عندما وافق مجلس الوزراء على طلب وزارة المال، ولغايات تسجيل القيود المحاسبية لعمليات النفقات والإيرادات الحاصلة بالدولار الأميركي، اعتماد سعر صرف حددته حسب سعر صرف الدولار المحلي والنقدي المعتمد بين 2020 و2024.
هذه التوقعات السوداوية، قد تكون محقة في تظهير الوجهة المستقبلية الحقيقية للاقتصاد، وربما لا تكون كذلك، لأسباب ومعطيات عدة. بيد أن أكثر ما أثاره التقرير من قلق واستغراب لدى العامة، هو توقعه مزيدا من الانهيار المتدرج لسعر صرف الليرة في الأعوام الثلاثة المقبلة، محددا 2025 عام بدء ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 115.000 ليرة بنسبة 28.5%، يليه عام 2026 ارتفاع إضافي يصل إلى 136 ألفا للدولار الواحد، بنسبة 51.9%، وصولا إلى عام 2027 حيث توقع التقرير ارتفاعا كبيراً يصل فيه سعر صرف الدولار إلى حدود 152 ألف ليرة بزيادة 69.8%.
قد تكون تقديرات “ستاندارد آند بورز” مستقاة من واقع الأرقام المستمدة من تقارير رسمية ودراسات علمية خاصة، لكن الغرابة تكمن في إغفال الوكالة أن الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق تقلصت إلى نحو 57 ألف مليار ليرة، بعد عمليات الشفط المستدام للسيولة التي اعتمدها مصرف لبنان منذ أكثر من عامين. وعليه، بات في يد المركزي ورقة قوة يمكنه استعمالها عند الحاجة، والتدخل لشراء الليرة ولجم أي ارتفاع في سعر صرف الدولار، والسيطرة على المضاربات الممكنة بمبلغ 600 مليون دولار فقط، وهو ما يعادل مجموع السيولة بالليرة اللبنانية في السوق كاملة.أمام هزالة رقم الـ 600 مليون دولار نسبيا، ووجود احتياط دولاري يزيد على 10 مليارات دولار في مصرف لبنان، وفي ظل
توافق حكومي مع حاكمية المركزي يمنحه الغطاء والاستقلالية اللازمين لإدارة معركة الدفاع عن الاستقرار النقدي، كيف للدولار أن يحلق مجددا؟ وكيف لـ”ستاندارد آند بورز” أن يفوتها هذا الاحتمال الذي تناوله كثر في الحلقات البحثية والإعلام؟
مصادر متابعة أكدت أن الكتلة النقدية الموجوده في السوق هي 57 ألف مليار ليرة (ما يوازي 600 مليون دولار)، أي أقل من 6% من احتياط مصرف لبنان المقدر بـ 10 مليارات و300 مليون دولار، وتاليا لا خوف على استقرار سعر صرف الليرة راهنا ومسقبلا. وأكدت المصادر عينها أنه على الرغم من الوضع السياسي والأمني في الجنوب على خلفية حرب غزة، كان في إمكان مصرف لبنان خفض سعر الصرف إلى ما دون 70 ألف ليرة، لو أنه لا يعمد إلى شراء الدولار من السوق لزوم رواتب القطاع العام (أكثر من 110 مليون دولار شهريا) وبعض المدفوعات الأخرى مثل المساعدة للقطاع التربوي (300 دولار لكل أستاذ).
ولا تخفي المصادر أن ثمة نقطة وحيدة يمكن أن تؤثر على سعر الصرف وتجعل توقعات S&P منطقية، تتعلق بما يحكى عن خطة لليلرة الودائع على نحو قد يزيد الكتلة النقدية بنحو 75 تريليون ليرة سنويا، بما سيرفع سعر الصرف إلى نحو 150 ألف ليرة، ويضرب في المقابل القدرة الشرائية للمواطنين الذين يقبضون بالليرة اللبنانية.
وفي مقابل السيناريو المتشائم الذي عرضه تقرير “ستاندرد أند بورز”، تلفت المصادر إلى سيناريو يمكن أن يقلب الوضع رأسا على عقب عبر انتخاب رئيس للجمهورية والمضي بالإصلاحات وضخ أموال من الخارج، وتاليا يمكن أن يتراجع سعر صرف الدولار إلى نحو 60 ألف ليرة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook