العودة إلى الروتين.. بإنتظار الردّ الإيراني
تراجع التصعيد الذي ظهر بعد خطاب نصرالله قبل يومين لا يمكن أن يكون عنصراً حاسماً في قراءة المشهد في المستقبل القريب، خصوصاً أن الردود التي تنتظرها تل ابيب لم تنتهِ بعد، بل لا يزال هناك أقله ردان، الردّ اليمني والردّ الإيراني. وفي الوقت الذي يتوقع خبراء ومتابعون أن يكون الرد من اليمن أقرب واسرع بعد فشل الجولة المقبلة من المفاوضات، فإن الردّ الإيراني سيحمل معه إمكانية رفع وتيرة التصعيد مجدداً، ليس في لبنان فقط بل في المنطقة ككل، خصوصاً أنه لا يزال مجهولاً كيف ستردّ طهران، وما هي الأهداف التي ستصيبها والمدى الزمني الذي سيأخذه الردّ وما اذا كان سيكون هناك ردّ على الردّ.
واذا كان “حزب الله” لديه اعتبارات مرتبطة بالداخل اللبناني، ويستطيع كمنظمة غير نظامية أن يتحمل عملية الإستنزاف، فإن إيران لا يمكنها التسامح بسيادتها بإعتبارها دولة اقليمية لديها نفوذ واسع، كما ان لديها الكثير من تراكم القوة الذي لن تخاطر بخسارته فقط لأن الردّ أن يحمل معه مخاطر التدحرج إلى حرب مفتوحة او شاملة مع إسرائيل، علماً أن ما حصل بعد ردّ “حزب الله” أكد أن اسرائيل ليست متحمسة للحرب الإقليمية كما تحاول أن توحي كما ان واشنطن لا تزال تمتلك قدرة كبيرة على فرملة أي ردة فعل إسرائيلية خارجة عن المألوف لتجنب الإنفجار الإقليمي.
هنا يبرز السؤال المحوري، ماذا بعد الردّ الإيراني؟ هل تستطيع اسرائيل إبتلاع الردّ الذي سيكون اقوى من ردّ ايران السابق الذي تلا إستهداف سفارتها في دمشق؟ على اعتبار أن تجاوز اسرائيل للرد وعدم قيامها بأي خطوة مقابلة يعني إنكسار الردع بين الطرفين لصالح طهران وفي لحظة بالغة الحساسية تخوض فيها تل ابيب معركة تصفها بالوجودية. كذلك فإن الرد المضاد من قبل اسرائيل وارد وبشدة ولا يشبه ردها على “حزب الله” بل سيكون هناك محاولة لإستهداف الاراضي الإيرانية، لا بل استهداف مراكز حيوية فيها، الامر الذي يفتح الباب امام سيناريوهات مختلفة وصعبة للغاية، منها اسقاط الطائرات الاسرائيلية ومنها اصابة الغارات لاهدافها وفي الحالتين سيكون الواقع الإقليمي امام احتمالات تدهور كبيرة غير مسبوقة.
من الواضح أن الردّ الإيراني قد يكون آخر الردود لأنه الأكثر فاعلية في الضغط على الولايات المتحدة الاميركية لتضغط بدورها على تل ابيب للوصول الى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، وعليه سيستمر الإستقرار الحالي ضمن المستوى المعهود من الإشتباكات والمعارك في جنوب لبنان بإنتظار ردّ إيران أو خطوة اسرائيلية تصعيدية جديدة في حال وجدت تل ابيب ان ردّ “حزب الله” عليها والردود المتتالية يمكن تحملها والإستمرار بسياسة الضرب تحت الحزام.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook