آخر الأخبارأخبار محلية

من الذاكرة: كلمة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تكريم سابق للرئيس الراحل سليم الحص

شارك رئيس الحكومة  نجيب ميقات بتاريخ الأربعاء، ١٢ كانون الأول، ٢٠١٨ في حفل تكريمي  للرئيس الراحل سليم الحص  نظمه “المركز العربي لحكم القانون والنزاهة” في فندق الحبتور في سن الفيل.

وألقى الرئيس ميقاتي في الحفل الكلمة الآتية:
أيها الحضور الكريم
عندما طلب مني إلقاء كلمة في تكريم الرئيس سليم الحص قلت في نفسي انها مهمة صعبة وسهلة في الوقت ذاته. صعبة لأن كل الكلمات لا تفيه حقه، وسهلة لأنه بحر من العطاء في حياته المهنية. كلما ذُكر اسم الرئيس الحص أتذكر ثلاث محطات أولها في أواخر الستينيات من القرن الماضي وكنت في سن الثالثة عشرة، وكان والديّ رحمهما الله في زيارة الى المرحوم سامي الحص صديق العائلة ونسيب الرئيس الحص، وهناك إلتقيا بالصدفة الدكتور الحص والمرحومة زوجته الست ليلى. عندما عاد والديّ الى المنزل سمعت حوارهما عن الدكتور الحص وصفاته وثقافته وسعة اطلاعه وكان في حينه رئيس لجنة الرقابة على المصارف وقام بدور في إعادة الثقة بهذا القطاع بعد أزمة بنك انترا. سألت والدي عندها من هو هذا الشخص فقال لي “إنه مثال العلم والهدوء ويحمل صفات راقية، وإن شاء الله يا بني بتوصل لشهاداتو وبتكون متل أخلاقو”. بقيت هذه الواقعة في ذهني على الدوام.
المحطة الثانية التي أذكرها كانت في 4 كانون الأول من العام 1998 عندما دخلت العمل العام، وكنت محظوظاً أن أكون وزيراً في حكومة يرأسها الرئيس الحص، وكان أداؤه في جلسات مجلس الوزراء هادئاً وملفتاً بعيداً عن الصخب والجدال، يستمع الى كل النقاشات ويقول في النهاية الكلمة الفصل. خلال هذه الفترة تم تشكيل لجنة لدراسة الأوضاع الاقتصادية، وكانت برئاسة الرئيس الحص وعضوية الوزراء محمد يوسف بيضون، أنور الخليل، ناصر السعيدي، وأنا. كان الرئيس الحص يدعو اللجنة الى اجتماع كل سبت، بمشاركة خبراء إقتصاديين، للإطلاع على كافة الآراء والتوجهات. وكان لافتاً أن الرئيس الحص خلال هذه الإجتماعات كان شديد الحركة والحيوية ويناقش في كل أمر أو فكرة. فسألته يومها هناك فرق يا دولة الرئيس بين حضورك الهادئ في مجلس الوزراء وحضورك هنا، فقال لي “يا نجيب هذا هو محيطي فأنا كالسمكة في مياهها”.
المسألة الثالثة التي أذكرها أنه كان معنا في الحكومة وزير، رحمه الله، شديد التعلق بحرفية القانون، وكلما طرح أمر على مجلس الوزراء، يقول على الفور “هذا مخالف للقانون، متناقض مع المرسوم الإشتراعي 112، 113،114، تاريخ 12-6-1959 والى ما هنالك من آراء…” وكان هذا الوزير رحمه الله عضواً في اللجنة الوزارية الإصلاحية التي تشكلت في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وملماً بكل القوانين والمراسيم، ويعترض على كل ما يطرح. وكان الرئيس الحص هادئاً في ردات فعله على ما يسمعه، لكن في إحدى الجلسات قال للوزير المعني ” يا معالي الوزير نحمد الله أنني لا أحمل عقد قراني وإلا لكنت قلت لي أنه غير شرعي وغير قانوني، ولنفترض أنني سلمت معك بأنه غير شرعي، ماذا نفعل بابنتي. كفاك قولاً إن هذا غير قانوني وغير شرعي، هناك مسائل قانونية مر عليها أربعون عاماً والظروف تغيرت، وعلينا أن نكون مرنين مع الناس لخدمتهم”.
“هذا هو الرئيس الحص الذي يضع المصلحة العليا ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار وكان متجرداً وموضوعياً ودستورياً بامتياز، ومهما حاولنا أن نقتدي بالرئيس الحص، فسنبقى مقصرين.”


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى