آخر الأخبارأخبار محلية

تحييد المخيمات منذ عشرة أشهر على وشك أن ينتهي

من الواضح أن تل أبيب أضافت إلى مهمتها في مواجهة “حزب الله”، مهمة أخرى هي القضاء على  ما تعتبره الخطر الفلسطيني المجاور للحزب في الساحة عينها. 

وكتب ابراهيم بيرم في” النهار”: إلى الأمس القريب كانت إسرائيل تقارب الخطر الفلسطيني على أنه يمكن تأجيل جبهه، لكن اغتيال القيادي  في حركة حماس سامر  الحاج لدى مروره على مستديرة حسبة صيدا، ومن ثم اغتيال القيادي المخضرم في كتائب شهداء الاقصى والذراع المقاومة لحركة فتح خليل المقدح كان  إيذانا من جانب تل أبيب بانقضاء “فترة السماح والتأجيل” تلك، والإعلان أن الخطر يتعاظم ويتطلب الشروع في القضاء عليه قبل أن يصير حالة متجذرة.

ليس خافيا أنه منذ عملية مجدو في الجليل الأعلى التي نفذها قبل أقل من عامين مقاتل من مخيم برج الشمالي بالقرب من صور ينتمي إلى حركة “حماس”، وحالت ظروف معينة دون نجاحها فبقيت لغزا إلى وقت قريب، سقطت عند المعنيين في تل أبيب نظرية اللامبالاة بالوجود الفلسطيني في لبنان، وفرضت عليهم استعادة تجربة المواجهة المضنية مع مخاطر هذا الوجود، والتي بدأت منذ نهاية الستينيات وصولا إلى يوم الاجتياح العسكري الواسع للبنان صيف عام 1982.

وقد صار لزاما على إسرائيل أن تضع في حساباتها أن الأعوام التي تلت حرب تموز 2006، قد أنتجت تفاهما مكتوما بين “حزب الله” والجانب الفلسطيني المناهض لاتفاقية أوسلو. وتعزز الأمر بعدما أنهت حركة “حماس” رحلة ابتعادها عن “محور المقاومة”، وعادت إلى حضن هذا المحور برهانات جديدة حاسمة وقاطعة. وخلال وقت قصير اقتحمت “حماس” المخيمات الفلسطينية في لبنان وركزت فيها رؤوس جسور، ونجحت في إرساء واقعين جديدين: تعزيز حضورها في هذه المخيمات وفتح باب المنافسة مع فصائل سابقة الحضور وفي مقدمها حركة ” فتح “. وخلال فترة قصيرة عاد لبنان ومخيماته ليكون المقر المركزي لقيادات فلسطينية أساسية. فإلى جانب قيادة الجهاد كلها (أمينها العام ونائبه وكل جهازها نخالة – الهندي) يقيم نائب الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية” جميل مزهر والأمين العام لـ”الجبهة الديموقراطية” فهد سليمان وثلاثة أرباع قيادة “حماس” في الخارج، فضلا عن فصائل أخرى.

والمعروف أن الوجود الفلسطيني أدى منذ بدء المواجهات الحدودية مهمتين أساسيتين: الأولى المشاركة المباشرة في “حرب الإسناد” التي يقودها “حزب الله” عبر عمليات متنوعة، والثانية تأمين إيصال السلاح والأموال إلى الضفة الغربية عبر طرق التفافية تحتاج إلى جهد استثنائي، وخصوصا أنها تمر في الأراضي الأردنية، وهي مهمة شاقة، أفرزت لها إدارة متخصصة تضم قيادات مخضرمة كان قطب الرحى فيها خليل المقدح الذي قضى أخيرا، وثمة من يعتبره القائد الفعلي لـ”كتائب شهداء الأقصى” التي كانت إسرائيل تعتبر أنها قصت أجنحتها وشلت يديها عن الفعل.

وتعتقد إسرائيل أنها بقطعها قنوات التمويل وإيصال السلاح إلى الضفة تحقق ثلاثة أهداف دفعة واحدة: 

الأول: قطع شرايين التواصل مع الضفة وضمان عدم إشباعها بالسلاح.

الثاني: سد كل المنافذ التي من شأنها أن تعيد الضفة إلى دورها السابق إبان انتفاضة الأقصى، عندما كانت مصدر إبطال العمليات “الاستشهادية” التي أقلقت إسرائيل وأدمتها، فاضطرت إلى بذل جهد استثنائي لإيقافها، ولاسيما بعد وفاة ياسر عرفات الذي حاصرته في “المقاطعة” في رام الله.

لذا، وعلى عجل، بدت إسرائيل في سباق مع الوقت لكي تحول دون أن تعود الضفة و”حماس” إلى أداء هذه المهمة، وخصوصا أن “حماس” نفسها قد أعلنت صراحة بعد عملية تل أبيب التي نفذها انتحاري أنها في صدد العودة إلى هذا الاسلوب ردا انتقاميا بحق غزة وسكان الضفة على ممارسات إسرائيل الوحشية.

وليس خافيا أن “محور المقاومة” تعامل مع هذا الإعلان بارتياح كبير وعده عنصر قوة إضافيا، وخصوصا أن المواجهات في الضفة باتت على أشدها، فضلا عن أن إسرائيل والمحور يتعاملان مع هذه البقعة الجغرافية الملتهبة المكتظة بنحو عشرين مخيما وبأكثر من مليوني فلسطيني على أنها ساحة المواجهة المقبلة البديلة من غزة.

ومع أن إسرائيل عدت اغتيالها المقدح “صيدا ثمينا لها” وهي تبادر إلى فعل وقائي يحول دون انتشار النار في الضفة الغربية، فإنها أيضا شاءت أن تكون بمثابة رسالة إلى المخيمات في لبنان وفي مقدمها مخيم عين الحلوة، فحواها أن عملية “تحييد المخيمات” التي مارستها إسرائيل منذ عشرة اشهر على وشك أن تنتهي وتصير هذه المخيمات هدفا للإغارات كما البلدات اللبنانية، إذا واصلت مشاركتها.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى