آخر الأخبارأخبار محلية

بين كلام نصر الله وجدار الصوت.. حرب نفسية تسبق المواجهة العسكرية؟!

في وقتٍ يستمرّ حبس الأنفاس على مستوى المنطقة ككلّ، بانتظار ردّ إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في إيران، وردّ “حزب الله” على اغتيال القائد العسكري الكبير فؤاد شكر، جاء خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد الأخير ليزيد من حالة التوتّر والترقّب، مع تأكيده مرّة أخرى أنّ الردّ آتٍ، سواء في إطار ردّ فرديّ للحزب، أو جماعي لمحور المقاومة ككلّ.

 
في خطابه، زاد السيد نصر الله من مستوى “القلق الإسرائيلي”، فهو لم يحدّد موعد الرد على الاغتيال الإسرائيلي، بل اعتبر حالة الانتظار الإسرائيلي لهذا الرد “جزءًا من العقاب، وجزءًا من الردّ، وجزءًا من المعركة”، مشدّدًا على أنّ إسرائيل كلّها من الجنوب إلى الشمال تقف اليوم “على رِجل ونصف”. لكنّه أكّد أن العدوان على الضاحية لا يمكن السكوت عليه “أيًا تكن العواقب”، معتبرًا أنّ الجانب الإسرائيلي “هو الذي اختار هذا التصعيد” مع لبنان.
 
وإذا كان كلام الأمين العام لـ”حزب الله” بهذا المعنى يندرج في سياق “الحرب النفسية” مع العدوّ، فإنّ الأخير بادر لرفع مستوى هذه الحرب، حين استبق الخطاب بجولة هي الأعنف على الإطلاق من خرق جدار الصوت فوق بيروت وضواحيها، ما أثار حالة غير مسبوقة من الذعر بين الناس، فكيف يُقرَأ هذا التناقض بين رسائل السيد نصر الله القوية ومحاولات إسرائيل الاستفزازية، وهل تمهّد هذه الحرب النفسية للمواجهة العسكرية المرتقبة؟!
 
“رسائل” جدار الصوت
 
تزامنًا مع بدء احتفال “حزب الله” بذكرى مرور أسبوع على استشهاد قائده العسكري فؤاد شكر، وقبل أن يطلّ أمينه العام السيد حسن نصر الله، “صُدِم” اللبنانيون بخرقٍ عنيف جدًا لجدار الصوت، استغرق وقتًا غير بسيط، واهتزّت معه المنازل الآمنة، لدرجة شعر الكثيرون أنّ الحرب قد بدأت عمليًا، وأنّ إسرائيل قامت بضربة “استباقية” ربما، أو أنّها قصفت موقعًا ما في العاصمة بيروت، أو في ضاحيتها الجنوبية، كما فعلت قبل أسبوع.
 
وإذا كان خرق جدار الصوت بهذا الشكل غير المسبوق وُضِع في خانة “التشويش” على خطاب السيد نصر الله، الذي أشار إليه في مستهلّ خطابه، بوصفه “محاولات استفزازية” من جانب العدو الإسرائيلي، حين طالب الجمهور الحاضر بالتعامل معه بالهتافات المناسبة إذا ما تكرّر، فإنّ العارفين يضعونه أيضًا كجزء من “الحرب النفسية” التي يبدو أنّها بلغت مستوى جديدًا بين الجانبين، على وقع قرع طبول الحرب العسكرية التي يقول البعض إنها أصبحت أقرب من أيّ وقت مضى.
 
وقد يكون خرق جدار الصوت بهذا المعنى، وفق ما يقوله العارفون، بمثابة “إنذار إسرائيلي”، وربما محاولة لبثّ حالة من الذعر والخوف بين الناس، علمًا أنّ توقيته جاء وفق هؤلاء مقصودًا بالتزامن مع الخطاب الذي نُسِجت الكثير من السيناريوهات حوله، وحول إمكانية أن يتزامن مع ضربة نوعية للحزب، وكأنّ إسرائيل أرادت أن تنبّه بأنّها جاهزة للضرب فورًا، في أيّ لحظة وفي أيّ مكان، وهو ما يندرج أيضًا في خانة “التهويل”.
 
ماذا عن رسائل نصر الله؟
 
في مقابل اعتماد إسرائيل على “جدار الصوت” لتخويف اللبنانيين، فإنّ خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” الذي يندرج أيضًا في خانة “الحرب النفسية” مع العدو حمل مفارقات تكاد تكون “مناقضة”، وإن بدا مفعولها أقوى بحسب توصيف العارفين، الذين يلفتون إلى أنّ الخطاب جاء خلافًا للمتوقع، بنبرة هادئة جدًا، ولم يكن “حماسيًا” على طريقة العديد من خطابات السيد نصر الله السابقة، وهو جاء في النتيجة ليعزّز الترقّب، ويزيد حالة “الحذر” إسرائيليًا.
 
ويقسّم العارفون رسائل الخطاب إلى شقّين أساسيّين، يتعلق الأول بشرح “الأسباب الموجبة” للتأخّر في الرد الذي كان منتظرًا على مدى أسبوع، وهو حرص في هذا السياق على التأكيد أنّ الردّ آت، سواء من “حزب الله” أو من إيران، وسواء بشكل موحّد أو جماعي لكامل محور المقاومة، كما تعمّد أيضًا وضع التأخير الحاصل في سياق “الرد والعقاب”، بدليل خوف الإسرائيليين الذين يكادون يقولون للحزب “خلصونا بقا، وردّوا”.
 
أما الشقّ الثاني، وهو الأهم، فيقوم بحسب العارفين على الحديث عن أنّ الرد يجب أن يكون “نوعيًا”، ومختلفًا عن كلّ ما سبق في سياق المعركة القائمة مع العدو منذ فتح جبهة إسناد غزة بعد عملية “طوفان الأقصى”، فهو وإن كرّر الحديث عن تأنٍ وتروٍّ وعدم انفعال، كان حريصًا على التأكيد أيضًا أنّ إسرائيل هي التي اختارت التصعيد، وأنّ العدوان الذي ارتكبته على الضاحية، لا يمكن السكوت عليه مهما كانت العواقب، وهنا بيت القصيد.
 
لعلّ العبرة من خطاب السيد نصر الله ليست تأكيده على الردّ الآتي حتمًا من جانب “حزب الله” على العدوان الإسرائيلي على الضاحية، ولكن في نقل النقاش إلى “ما بعد الردّ”، من خلال رمي الكرة مرّة أخرى في الملعب الإسرائيلي. فإذا كان واضحًا من الكلام أنّ “حزب الله” غير معنيّ بتوسعة الصراع، والدخول في حرب مفتوحة أو شاملة، فإنّ الأوضح أنّ إسرائيل هي التي اختارت التصعيد في المقام الأول، وسيكون عليها أن ترسم خريطة “ما بعد الرد”!  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى