رياضة

الملاكمة الحديدية إيمان خليف.. بائعة الخبز التي وصلت إلى المجد في أولمبياد باريس

لم تتعب الملاكمة الجزائرية إيمان خليف أبدًا، من الانتقادات التي تعرّضت لها منذ بدء مشاركتها في دورة الألعاب الصيفية أولمبياد باريس 2024. فـ “عاصفة” التنمرّ العالمية التي طالتها، زادت من عزيمة “المرأة الحديدية”، وأوصلتها إلى الدور النهائي لوزن 66 كيلوغرامًا بالملاكمة.

 

إمرأة تاريخية عانت من التنمرّ..

 

 ودوّنت إيمان صاحبة الـ 25 سنة، اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الأولمبياد، بوصفها أول امرأة جزائرية وعربية تصل لنهائي أولمبي في رياضة الملاكمة، وسط هجوم قاس تجاوز حدود الأخلاق والآداب العامة والمبادئ السامية للرياضة، من خلال التشكيك في أهليتها لممارسة رياضة الملاكمة مع السيدات.

 

وكانت قد اصطف العديد من المواقع العالمية والشخصيات المعروفة، أبرزهم رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لانتقاد الملاكمة إيمان خليف بطريقة تحمل الكثير من الازدراء والتنمر، خصوصًا بعدما انسحبت منافستها الإيطالية أنجيلا كاريني من نزال جمعهما بعد 46 ثانية إثر لكمتين قويتين على رأسها، وهنا تم التشكيك أكثر في أهليتها للتنافس مع السيدات، بالرغم من أن مشاركتها حالياً في أولمبياد باريس، تأتي بعد موافقة اللجنة الأولمبية الدولية إثر تجاوزها الفحوصات اللازمة، وهي التي دافعت كثيراً عن البطلة الجزائرية خلال الأيام الأخيرة، ضد تلك الاتهامات.

 

اتهموها بأنها رجل.. جدل في أولمبياد باريس حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد انسحاب غريمتها | Euronews

قبل الذهب.. فضية تاريخية
وبالعودة إلى ما نحن فيه الآن، فالملاكمة الجزائرية ضمنت فضية على الأقل في الألعاب الأولمبية، في انتظار استهدافها الذهبية الأولمبية، الحلم الذي تلاحقه منذ خطواتها الأولى في هذه الرياضة، وعانت من أجله.
ولإيمان رحلة طويلة من المعاناة حتى التحليق في باريس، فقد نشأت وسط عائلة متواضعة في الجزائر، وكانت طفولتها صعبة واضطرت إلى توفير أموالها الخاصة لحضور تدريب الملاكمة.

 

 

خليف "على اليمين"

من كرة القدم إلى الملاكمة
ولكن قبل الملاكمة، أحبت إيمان كرة القدم ومارستها في شوارع قريتها مع الصبية، حيث عُرفت بأنها كانت تتعارك مع بعضهم، خاصة من لم يرق لهم أن تنافسهم فتاة في لعبتهم المفضلة، ولحسن حظها أنها تعرّضت لمثل هذا المناوشات، حيث ساعدها ذلك في اكتشاف موهبتها في الملاكمة، كما لوحظ عليها القدرات البدنية الفائقة بشكل متميز عن بقية أقرانها. لكن في بداية المسيرة، رفض والدها الملاكمة حيث كان مصرًا على بقاء ابنته في المنزل كأي فتاة محافظة في قريتهم، ومع تدخل زوج عمتها وأحد المدربين وافق في النهاية.

 

الملاكمة الجزائرية "على اليمين"

رحلة إيمان الحقيقية الصعبة، بدأت عند رحلة التنقل من بيتها المتواضع إلى قاعة التدريب. عشرة كيلومترات كانت تفصل قرية إيمان عن مقرّ تدريبها الجديد، فاضطرت لبيع الخبز بالطرقات وباعت والدتها “الكسكس”، حتى يتحملا نفقات المواصلات. ورغم ذلك، فكرت إيمان بالاعتزال بسبب صعوبة الجمع بين العمل والدراسة وكذلك التدريب، الا أنّ التشجيع الذي تلقّته من جيرانها وكذلك أقاربها، دفعها لمواصلة التطوّر في الملاكمة.

 

ثلاث سنوات من التدريب تحلّت فيها خليف بالإيمان، حتى برزت موهبتها وبزغت في الجزائر، وانضمت للمنتخب الوطني، وشاركت وهي في التاسعة عشرة من العمر في بطولة العالم 2018. ورغم احتلالها مراكز متأخرة في مسابقات دولية، فإن ذلك لم يثنِ من عزيمتها على التطوّر أكثر على المستويين القاري والإقليمي وكذلك العالمي، مثلما كان الحال في بطولة العالم 2022، عندما وصلت للمباراة النهائية وخسرت أمام الأيرلندية إيمي برودهرست.
الضربة القاضية لإيمان، كانت يجب أن تكون عندما استُبعدت من بطولة العالم 2023 في نيودلهي، بعد فشلها في اجتياز قواعد أهلية رابطة الملاكمة الدولية (أي.بي.أية)، التي تمنع الرياضيات اللاتي لديهنّ هرمونات ذكورية زائدة من المنافسة في منافسات السيدات. الا أنّ الملاكمة الجزائرية لم تستلم بعد الاستبعاد، فقد خرجت قائلة إنها فخورة بنفسها لرفع علم الجزائر، وإن ما حدث مؤامرة، وعادت لمواصلة الاستعدادات المقبلة للمنافسات.
بعد كل هذا، تكلّلت قصة إيمان خليف التي تأرجحت بين رفض والدها ممارسة الرياضة خوفاً من المجتمع، لمعاناتها المادية، لصعودها في عالم الملاكمة ووصولها لنهائي بطولة العالم، ثم الاستبعاد والتعرّض للتنمر، ثم العودة من جديد من بوابة أولمبياد باريس، في النهاية، بميدالية تاريخية ربما أقوى من الذهب، ولكن يبقى أملنا بجلبها الفخر أكثر للعرب ولبلدها بتحقيق الذهبية الغالية.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى