تكتّل باسيل يتراجع.. ماذا بعد طرد آلان عون واستقالة أبي رميا من التيار؟!
“ديكتاتورية التيار”؟
الخطوةُ التي اتخذها أبي رميا تعتبرُ كبيرة أيضاً وليست عادية على صعيد “التيار”، في حين أن استقالته من الحزب تعني أن الأخير خسرَ أحد البرلمانيين الناشطين، كما أنه افتقدَ أبرز الذين ارتبط اسمهم بمسيرة رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون السياسيّة.
أبي رميا الذي ارتأى المضي بعيداً عن “التيار” كـ”تنظيم سياسي”، جاء قرارهُ ليكشف عن صراعٍ حقيقي داخل “الوطني الحر”، وليُظهر أن هناك تذبذباً كبيراً داخل صفوفه لاسيما على صعيد النواب ضمنه.
وبالعودة إلى مسألة آلان عون، وبعيداً عن الأسباب الموجبة لفصله من “التيار”، من وجهة نظر القيادة المحسوبة على باسيل تحديدًا، فقد قوبل القرار بانتقادات شديدة في أوساط بعضها قريب من “الوطني الحر”، باعتبار أنّ القرار يؤكد مرّة على ما يسمّيها هؤلاء “ديكتاتورية باسيل” بصورة أو بأخرى، بدليل العدد الضخم لقرارات الفصل من “التيار” منذ تاريخ تسلمه رئاسة الحزب، خلافًا لما كان عليه الحال قبل ذلك، حين كان العماد ميشال عون قادرًا على ضبط الأمور بشكل كامل.
يقول هؤلاء إنّ القرار بحق عون كان متوقَّعًا منذ فترة طويلة، وحتى قبل أن يبدأ التمهيد له في الأسابيع الأخيرة، وحتى قبل فصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي وُضِع أيضًا في خانة “تحضير الأرضية” لطرد غيره من النواب، بل تعود جذوره إلى انتخابات “التيار” السابقة، يوم تراجع عون عن خوض المعركة في وجه باسيل بتمنٍ من خاله العماد عون، ليبدو واضحًا حينها أنّه “أرجأ” الفكرة، ولم يُلغِ “الطموح”، بشكل أو بآخر.
ولأنّ النائب آلان عون بدا “المنافس الحقيقي الوحيد” لباسيل على زعامة “التيار”، فإنّ قرار إقصائه كان متوقَّعًا، ولو أنّ التريّث به كان في محاولة لتجنّب المفاعيل المحتملة له، خصوصًا في ضوء الحديث المتكرّر عن نواب يستعدّون للخروج طوعًا، من باب التضامن معه، كما فعل ابي رميا اليوم، علمًا أنّ الحيثية التي يتمتّع بها النائب عون، سواء على مستوى “التيار” ككلّ، أو على مستوى العلاقات مع سائر الأحزاب، أو على مستوى قضاء بعبدا تحديدًا، لعب دورًا جوهريًا في كلّ ذلك.
القرار “الطبيعي”
لكنّ ما يقوله هؤلاء عن “ديكتاتورية باسيل” يبدو هو المُستهجَن بالنسبة للمقرّبين من باسيل، أو المؤيدين لوجهة نظره، حيث يلفتون إلى أنّ مثل هذا الكلام مفهوم في السياسة من جانب خصوم الرجل، الذين يرغبون بالتنقير عليه، لكن لا يمكن أن يكون مفهومًا لمن يفقه في العمل الحزبي، ولا سيما التنظيمي منه، فحرية الرأي يجب أن تكون مكفولة، لكن شرط ألا تتحوّل إلى تحدّ أو تمرّد، أو حتى ألا تظهر بهذا الشكل أمام الرأي العام بأيّ صورة من الصور.
بيد أنّ أكثر ما يثير استغراب هؤلاء يكمن في كون بعض الانتقادات لقرار فصل النائب عون يأتي من أحزاب أخرى لم تُعرَف يومًا بتقديسها لحرية الرأي في داخلها، علمًا أنّ هذه الأحزاب نفسها تشهد الكثير من “السوابق” على طرد قياديّين فيها لأسباب أقلّ بكثير من المخالفات التنظيمية، حيث تسأل هذه الأوساط: هل يقبل أيّ حزب لبناني آخر بأن يبقى نائب في صفوفه، وهو يخالف قرارات قيادته، أو يشرّع لنفسه انتخاب “من يشاء” رئيسًا خلافًا للقرارات؟
استنادًا إلى ما تقدّم، يرى أصحاب هذا الرأي أنّ قرار فصل النائب عون هو “الطبيعي”، علمًا أنّ تأخّر صدوره هو “غير الطبيعي”، ولكنّه يعبّر عن رغبة ظلّت موجودة حتى اللحظة الأخيرة في تجنّبه، خصوصًا أنّ للقرار تأثيراته وانعكاساته على بنية “التيار” بصورة عامة، خصوصًا إذا ما صحّ الحديث عن أنّ نائبين آخرين أصبحا بحكم الخارجين من كتلة “التيار” بعد عون، ما يعني أنّ تكتل “لبنان القوي” خسر أربعة نواب دفعة واحدة، وفي فترة وجيزة.
ثمّة من يقول إنّ النتيجة المباشرة لإخراج النائب آلان عون من “التيار”، معطوفًا على قرار أبي رميا الأخير بالاستقالة وما قد يحصل لاحقاً عبر نواب آخرين قد يتخذون الخطوة ذاتها، لا تكمن فقط في تراجع تكتّل باسيل، عددًا وربما نوعًا، ولكن أيضًا في خسارة باسيل “معركة” التكتّل المسيحي الأقوى، إذ بات عليه الاعتراف بأنّ كتلة “القوات” هي الأولى مسيحيًا، بعدما تقلّص حجم كتلته، مع ما لذلك من دلالات “معنوية”، ولو لم يكن له انعكاسات مباشرة في السياسة!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook