هل تنجح الحركة الديبلوماسية في حصر مفاعيل الردّ على الردّ؟
الانتظار والترقب عنوانا المرحلة الرمادية التي تسبق الردّ الإيراني بأبعاده الثلاثية. فالعالم يضع يده على قلبه. الجميع متخوفون، الأقربون والأبعدون. وإذا وقع المحظور فلن يُستثنى أحد من تداعياته، سواء بالمباشر أو من خلال الانعكاسات التي سترخي بثقلها على الوضع الاقتصادي على امتداد الكرة الأرضية بخطوطها العرضية والطويلة. وما حصل في الساعات الماضية في أسواق البورصات الإقليمية والدولية من انهيار كارثي أكبر دليل على ما يمكن أن تتركه الحرب الواسعة والشاملة بين إسرائيل وإيران، وإن من خلال حلفائها في المنطقة، من آثار سلبية على مجمل الوضعين الاقتصادي والمالي في العالم كله.
وعلى رغم هذا الجو المحموم، ومع ترّقب ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، فإن الحركة الديبلوماسية الغربية، ومن بينها الفرنسية، لا تزال تراهن على إمكانية التأثير على كل “أطراف الحرب” لكي تبقى ردود الفعل العسكرية محصورة ضمن أطر ضيقة، بحيث لا تُعطى تل أبيب أي فرصة أو ذريعة لتوسيع الحرب، التي قد تشمل كل لبنان وبناه التحتية ومرافقه الحيوية.
وفي رأي بعض الأوساط السياسية فإن “حزب الله” الذي سيختار أهدافه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بدراية فائقة يدرك خطورة توسعة الحرب على لبنان، ولكن هذا لا يعني أن المدن الإسرائيلية ستكون في منأى عن الصواريخ البعيدة المدى والدقيقة، خصوصًا أن في هذه المدن مواقع استراتيجية معرّضة للقصف قد يكون ضرره أكثر قساوة مما يمكن أن يكون عليه الوضع في لبنان إذا ما قيست الأمور في موازين الربح والخسارة.
وتشير هذه الأوساط إلى أن ما تشهده المساعي الدولية لتجنيب لبنان ما لا طاقة له على احتماله بسبب ظروفه الداخلية، اقتصاديًا واجتماعيًا، من حركة غير اعتيادية ليس حبًّا بلبنان فقط، بل خوفًا على ما يمكن أن يحدثه القصف الصاروخي من أضرار في المنشآت الإسرائيلية الحيوية، ومن بينها حقل ديامونا النووي، ومنصات حقل “كاريش” وغيرها من الأهداف الاستراتيجية، في الوقت الذي سيقتصر القصف الإسرائيلي على تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس في لبنان، الذي يفتقد إلى منشآت حيوية واستراتيجية كتلك الموجودة في إسرائيل.
من هنا قد يأتي ردّ “حزب الله”، كما تقول هذه الأوساط، الذي رفض المقترحات التي رفعت إليه بالواسطة “مدوزنًا” على إمكانية الردّ المضاد، مع استمرار رفضه لأي مقترح لا يأخذ في الاعتبار المعادلات الجديدة، التي أرستها “المقاومة الإسلامية” في استراتيجية موازين قوة الردع المدعومة بما تحققه المقاومة في فلسطين من وقفات صمود، وما يقوم به الحوثيون من عمليات في البحر الأحمر، وما تتعرّض له القواعد الأميركية في العراق وسوريا من هجمات موجعة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook