آخر الأخبارأخبار محلية

دروز لبنان: هذا موقعنا التاريخي

لم يؤثر تراجع احتمالات توسع الحرب العسكرية في جنوب لبنان على التموضعات السياسية في الداخل اللبناني، فما كتبته حرب غزة في المنطقة لا يمكن أن يمحى خلال السنوات المقبلة في المتغيرات الكبرى التي تحكم المشهد الدولي وما يواكبها من تحركات سريعة من القوى الاقليمية التي تجد نفسها أكثر قدرة على المناورة لتحصيل أكبر قدر ممكن من المكتسبات والحصص. على الصعيد الداخلي يبدو المشهد مماثلاً، فالإنتقالات السياسية التي تظهر اليوم، تسارعت بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في غزة.

زادت في الاشهر الاخيرة قدرة القوى والشخصيات السياسية على تبديل موقعها السياسي في لبنان، وان كان ذلك يعود الى الشرعية الشعبية التي تمنحها القضية الفلسطينية، والصراع العسكري مع إسرائيل. كما ان مفاعيل الحرب الطويلة التي سيطرت على المنطقة ساعدت في اعادة تشكيل البيئة الشعبية لدى أكثر من فئة طائفية في لبنان، وقد يكون التقارب السنّي- الشيعي هو الوجه الأبرز للتحولات الكبرى والاستراتيجية التي ستؤثر على المسار والتوازنات السياسية في لبنان لسنوات طويلة مقبلة، من هنا باتت تصريحات النواب السنّة المقربين من الرئيس سعد الحريري اكثر جرأة في مقاربة فكرة دعم وتأييد خيارات “حزب الله” الرئاسية على سبيل المثال.

الى ذلك يبرز ايضاً موقف الطائفة الدرزية، التي يجتمع اليوم قطباها ، الرئيس السابق للحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” طلال ارسلان خلال رعاية مصالحة في بيصور، ليطلقا مواقف مؤيدة لفلسطين ومتضامنة مع غزة وداعمة للمقاومة في لبنان. واذا كان هذا الموقف طبيعياً لدى ارسلان الذي حافظ على موقعه السياسي في السنوات الماضية، فإن التحول الهائل الذي يصر جنبلاط على تظهيره يوحي بأن الرجل استفاد بشكل قطعي من الاحداث الحاصلة ليسرّع عملية انتقاله الى قرب “حزب الله” سياسياً بعد سنوات الخلاف.

ليس تفصيلاً ان يتحدث زعيما الطائفة الدرزية في احتفال سيضم اكثر من ألفي شخص، ضمن خطاب متناسق إستراتيجياً، اذ ان تظهير الموقف الدرزي العام بوصفه كتلة صلبة إلى جانب “حزب الله” في مقاومته اسرائيل يعني أن جنبلاط تحديداً، يريد تحويل موقفه السياسي الى ثابتة داخل الشارع الدرزي، وهذا قد يكون هدية مجانية لإرسلان الذي سيثبت صوابية خياراته السياسية التي “تحمي الطائفة” تيمناً بالتعابير والعناوين الجنبلاطية.

بالتوازي مع الحرب وانخراط “حزب الله” فيها وانقسام اللبنانيين بين مؤيد كامل ومعارض شرس، قرر جنبلاط وارسلان الاعلان ان الطائفة الدرزية ثابتة في موقعها التاريخي، مع ما يستتبع ذلك من تأثيرات سياسية مرتبطة باليوم التالي للحرب والاستحقاقات المقبلة، وتأثيرات استراتيجية مرتبطة بالموقع الجغرافي للتمركز الدرزي واهمية موقفهم وتأثيره ميدانياً خلال اي حرب شاملة. سيشكل الدروز، بقرار واضح من قيادتهم حاضنة جدية لأي موجة مهجرين قد تحصل من الجنوب الى مناطق الشوف وعاليه في حال تدهور الوضع الامني، كما ستلعب القرى الدرزية في الجنوب دور الحاضن للمقاومة خصوصاً في ظل ما يحكى عن بحث اسرائيل عن نقاط ضعف للتقدم البرّي من الجولان بإتجاه البقاع الغربي وحاصبيا.

سيسلف جنبلاط “حزب الله” موقفا كبيراً في لحظة التوتر الاقصى وسيكون ارسلان اكبر الرابحين، والرسالة هنا تعني ايضا ان عزل الحزب داخليا ممنوع، وان الدروز يقفون الى جانب التحالف السنّي الشيعي الذي يقاتل اسرائيل وهذا اصطفافهم التاريخي، ولهذا الموقف وان كان مبدئياً تبعات ايجابية على مطلقيه في حال انتصر الحزب، وسلبية في حال هزم..

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى