آخر الأخبارأخبار محلية

جو عيسى الخوري يقرأ في مداخلة فياض: الاشكالية تكمن في النظام وكيفية إدارة هذا الكيان

في العام 1926 اسقط الفرنسيون علينا دستور الجمهورية الثالثة فاستوحى المعنيون منه يومذاك دستور لبنان، ولم يلتفت هؤلاء الى تركيبة هذا الوطن التعددية، وفي العام 1943 أضيفت تعديلات إلى الدستور لتلائم الطائفة السنية من دون الالتفات الى هواجس الشيعة والدروز، وفي العام 1990، استحوذ الشيعة على دور من خلال منحهم مواقع أساسية في الدولة لكن لم يعزز دور الدروز في النظام. المهم اليوم هو الاقتناع أن هناك أربع مجموعات تؤثر على هوية لبنان، وحسناً فعل فياض بكلامه عن أربعة هواجس درزية سنية مسيحية وشيعية، فدستور الطائف جرد الرئيس المسيحي من صلاحياته في السلطة التنفيذية لكنه لم يمنحها الى رئيس الحكومة إنما لمجلس الوزراء مجتمعاً فجرى تمييع السلطة التنفيذية، وهذا ما يفسّر مرور لبنان بأزمات دستورية متتالية. ومن جراء ذلك تعاظمت قوة سلطة مجلس النواب ولذلك يمكن القول ان دستور العام 1926 و دستور الطائف لا يناسبان بلداً متعدد الطوائف.

وبناء على ما جاء في مداخلة فياض، لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن عمق المجموعة السنية هو العالم العربي السني والدروز أيضاً يبحثون عن دور يؤمنه لهم الدستور أو النظام ولذلك هاجسهما سياسي، في حين أن هاجس المسيحيين عندما تم إنشاء لبنان الكبير الذي نتمسك به، كان بناء بلد يحميهم سياسياً وكان لديهم أيضاً هواجس اقتصادية وامنية لذلك ذهبوا الى وضع نظام سياسي رئاسي وهذا أول خطأ ارتكب في دستور العام 1926، حيث كان من المفترض أن يكون لدى اللبنانيين دستور لا مركزي لبلد تعددي. كل ذلك يؤكد أن هاجس المسيحيين هو وجودي لأنهم اقلية في المنطقة وعددهم في لبنان اليوم لا يتجاوز ال 31 في المئة ولذلك يركزون على اهمية المناصفة بعيدا عن العد فعامل الديموغرافيا اسوة بدورهم يقلق راحتهم في هذا البلد. ويبقى أن الهاجس الشيعي ليس مرتبطاً فقط بإسرائيل إنما أيضاً بالتنافس التاريخي السني – الشيعي، فالشيعة كانوا يصنفون أقلية من قبل السنة، ولذلك تعتبر المجموعة الشيعية أن السلاح يشكل ضمانة سياسية لها أمام المجموعة السنية للمحافظة على دورها في النظام ويشكل ضمانة عسكرية لها في وجه إسرائيل لأنه يشكل رادعاً لها.

والأكيد أن المجموعات الأربعة يجب أن تتحاوز وتتناقش بعيداً عن الثنائيات وإن كان التشنج الكبير اليوم هو بين المسيحيين والشيعة ،فيجب الدفع قدماً نحو إنهاء هذا التوتر والاستفادة من المشهد الاقليمي ومقاربة دول المنطقة لمصالحها رغم كل التصادم الذي يسود علاقاتها. فمن أجل النجاح في وضع نظام يحافظ على خصوصيات المجموعات المكونة للبلد واحترامها يجب أن تتحاور هذه المجموعات، فدساتير 1926 ،1943 ،1990 استوردت مسوداتها من الخارج في حين أن الدستور يجب أن يكون مرآة لواقع البلد ومكوناته. ولذلك من المهم أن تجلس شخصيات منفتحة على الحوار ومتخاصمة مع بعضها البعض في الوقت نفسه للنقاش والتشاور. فالنظام السيئ جعل المجموعات السياسية مرتهنة للخارج وهذا ما جعل المسيحيين يشعرون باليتم في الوقت الراهن، فالدول الغربية لديها مصالحها ولا تهتم اليوم بالمسيحيين ووجودهم.

رأى فياض في مداخلته أن “الصيغة اللبنانية هشة جداً بحيث أنها تنتج بطرفة عين أزمة حكم ومؤسسات، وقوية جداً بحيث لا يستطيع أي من المكونات إحداث تغييرات فيها. وما ينص عليه مدخل المادة 95 بأن ما دون مرحلة الاصلاحات الجذرية هي مرحلة انتقالية، وما لم تطبق هذه الإصلاحات، فإن الدولة أيضاً هي دولة انتقالية”.
يوافق جو عيسى الخوري على ما ذكر، ويأتي على مواقف أطلقها الوزير السابق الدكتور غسان سلامة، حيال الطائف والبلد والذي قال “بادئ ذي بدء أنه لم يخطر ببالنا أبداً، لا اللجنة العربية ولا موفدها السيد الأخضر الإبراهيمي ولا مستشارها غسان سلامة يوماً، أننا نعمل للتوصل إلى النموذج الدستوري المثالي والأفضل للبنان. كنا نسعى للخروج من الحرب، لوضع حد للقصف العنيف والقتل والدمار. باختصار، كنا نبحث عن صيغة انتقالية تسمح بوقف الحرب من خلال تهدئة الميليشيات المتقاتلة “. من هنا، يؤكد عيسى الخوري ما قاله سلامة “أن التمسك اللاهوتي باتفاق الطائف في غير مكانه. في الطائف، كنا نأمل، بعد وقف الحرب، أن يدخل لبنان في مرحلة سلم واستقرار وبحبوحة تسمح لأبنائه بأن يفكروا بما هو النظام الأمثل الذي يصبون إليه. هذا التصحيح ضروري، لأن هناك من حوّل اتفاق الطائف إلى كتاب مقدس. هو ليس كتاباً مقدساً، هو مفيد وكان مفيداً في حينه”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى