آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – منظمة العمل اليساري: هجوم لإنهاء القضية الفلسطينية وإلحاق لبنان بمصير غزة

وطنية – عقد المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني اجتماعاً بحث فيه تطورات الحرب السياسية والعسكرية الأميركية ـ الاسرائيلية المفتوحة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. ولفت في بيان الى أنه تطرق إلى “السياسة الإيرانية وما يسمّى بحرب المساندة التي يخوضها حلفاؤها، وفي مقدمهم حزب الله من الجنوب اللبناني، والاحتمالات الراهنة التي تنذر تبعاً لما يحمله الموفدون وآخرهم آموس هوكشتاين بتدمير لبنان وما فيه من بقايا المؤسسات والمرافق العامة، في ظل أزمة داخلية مستحكمة تتمثل بتعذر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة شرعية وتحريك دولاب العمل، واعتماد إصلاحات هيكلية في مختلف القطاعات وبما يضع البلاد على سكة التعافي”.

 

وجاء في البيان: “بدأ الشهر التاسع والحرب الاميركية ـ الاسرائيلية المفتوحة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية لم تزل مستمرة مع استهدافاتها الخطيرة حيال القضية الفلسطينية والمنطقة العربية. ومعها ما هو متفرع عنها على أكثر من جبهة تحت راية مساندة غزة بإدارة ايرانية صريحة، غايتها تكريس دورها وحماية مكتسباتها المتحققة لها في المنطقة. وهي مرشحة للاستمرار مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وتشريع ابواب الصراع على السلطة لخلافة الولي الفقيه. وعطفاً على ضوء نتائج انتخابات البرلمان الاوروبي وفوز احزاب اليمين المتطرف، وانشغال فرنسا بانتخاباتها التشريعية، وفي ظل احتدام معركة الانتخابات الرئاسية الاميركية وتصاعد المنافسة بين مرشحي  الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي حول دعم إسرائيل، والتزام اهداف حربها الوجودية المتصاعدة”.

 

 

واعتبرت المنظمة أنه “من الواضح أن أداء الادارة الاميركية حيال الحرب الاسرائيلية وعلى مختلف جبهاتها، ينطلق من ثابت اساسي يتعلق بوجود اسرائيل وحماية أمنها ومصالحها. باعتبارها ركيزة أساسية في اطار الاستراتيجية الاميركية التي تستهدف السيطرة والهيمنة على المنطقة ومقدراتها. وما عدا ذلك هو قيد البحث والمتابعة دون استعجال، بدءا من أزمات بلدان المنطقة ومشكلاتها والعلاقة معها، أو قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه.. وفي امتداد تبنيها لاهداف الحرب الاسرائيلية ضده، تتولى الإدارة الاميركية قيادة  جبهاتها السياسية والدبلوماسية على الصعيد الدولي والاممي والعربي، إلى جانب التنسيق العسكري  الميداني على كل المستويات”.

وقالت: “فيما تستكمل اسرائيل تدمير ما تبقى من مدن ومخيمات قطاع غزة الذي اصبح خاضعاً بالكامل للاحتلال، بما فيها مدينة رفح، وتتابع ارتكاب أبشع المجازر وعمليات الابادة البشرية بحق السكان المحاصرين، أعلن الرئيس الاميركي ورقتة لاستئناف المفاوضات حول اتفاق هدنة مؤقته، غايته اطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين، وفتح مسار بحث طويل حول صيغة إنهاء الحرب ومستقبل ادارة قطاع غزة من دون مشاركة حماس.

 وإلى جانب تعطيل اصدار مجلس الامن الدولي قراراً ملزماً لاسرائيل بوقف الهجوم على رفح، ووقف اطلاق النار بناءً لطلب محكمة العدل الدولية، كان الهدف من الاعلان الاميركي الذي تبناه مجلس الأمن الدولي بما يشبه الاجماع، الايحاء بالضغط على اسرائيل، لتبرير مطالبة المجتمع الدولي ومصر وقطر وسائر الدول العربية الضغط على حماس ومحاصرتها من خلال تحميلها مسؤولية استمرار الحرب”. 

وتابعت: “في هذا السياق تسعى الادارة الاميركية إلى عدم إطالة أمد الحرب وتجنب اتساعها قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، في محاولة منها لكسب الصوت المعارض لها، المتمثل باصوات العرب والمسلمين والجناح اليساري من الحزب الديمقراطي وجيل الشباب الناشط في الجامعات.

بدورها لا تزال القيادة الايرانية تلتزم عدم الدخول مباشرة في حرب مع اسرائيل. وقد حمله ردها على تدمير قنصليتها في دمشق، واستمرار إدارتها لمعارك المساندة التي قررتها على أكثر من جبهة مع اسرائيل. وهي تأمل اشراكها في البحث حول شروط وقف الحرب ومعالجة أزمات بلدان المنطقة التي ساهمت تدخلاتها في تسعيرها، وفي انهيار مؤسساتها الدولتية واضعاف حصاناتها الوطنية والقومية. وكان للقضية الفلسطينية حصة، تجاوزت رفع الشعارات إلى رفض الاعتراف بشرعية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني ومناهضة السلطة الوطنية ودورها، والاستثمار في الانقسام الفلسطيني عبر دعم حركتي حماس والجهاد الاسلامي.

وفي هذا السياق كانت إدارتها ودعمها لمعارك المساندة الرمزية من العراق وسوريا، أو التي تحولت حروب استنزاف مفتوحة كما في اليمن ولبنان. وهي المعارك التي يظلل ترابط ابعادها الاستراتيجية شعار وحدة الساحات، في امتداد مساهمتها في تعميق أزمات بلدانها ومنازعات قواها ومكوناتها على السلطة، والتي حولتها ساحات مشرعة للتدخلات الخارجية السياسية العسكرية”.

 

وأشارت الى أن “عدم دخول ايران مباشرة في الحرب، لم يمنع الضربات الاميركية أن تطال الحرس الثوري والميليشيات التي تديرها في العراق. والاهم خسائرها الكبيرة جرّاء عمليات القصف والغارات الاسرائيلية المستمرة التي تستهدف مراكزه وقواعد الميليشيات التابعة له في سوريا”. 

 

النظام العربي 

وتابعت: “لقد أظهرت الحرب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني عجز النظام العربي  بأوضح صوره. وتحوّله عامل تسهيل لاستمرارها.  وكشفت أيضاً انعدام قدرته على التأثير في مداها الزمني المفتوح أو مساراتها التدميرية، وهي الاطول في تاريخ الحروب. والشاهد ثبات اتفاقيات التطبيع المعقودة مع اسرائيل. في موازاة تقدم مسار المفاوضات الاميركية السعودية بشأن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والموافقة  المبدئية على طلبات السعودية التي تكرسها طرفاً إقليمياً حليفاً لاميركا في مواجهة ايران، مقابل تطبيع علاقاتها مع اسرائيل في ضوء وعد بالموافقة على حل الدولتين.

واسباب مواقف الأنظمة العربية والنخب الحاكمة موصولة باتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، لكن أكثرها مرده الأزمات السياسية المستمرة في العديد من البلدان العربية، تحت وطأة الصراع على السلطة بين تشكيلاتها السياسية والاجتماعية الطائفية والعرقية المتنازعة، كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا ولبنان و.. ومضاعفات التدخلات الخارجية الاقليمية والدولية التي ساهمت في تكريس تفكيك بُناها المؤسسية السياسية والاقتصادية وعمليات القتل والتهجير والتدمير لمقوماتها المدينية، وترك مجتمعاتها اسيرة اللجوء والنزوح والمجاعة الزاحفة في ظل سلطات الأمر الواقع الميليشياوي وبقايا أنظمة الاستبداد المحمية من الخارج.

 

 وهذا ما جعل مصيرها معلقاً، بانتظار من يتنكب مسؤولية البحث الجاد في مشاريع الأجوبة عن الاسئلة الصعبة المتعلقة بمسيرة إنقاذها، وإعادة بناء دولها ومؤسساتها، وكذلك من يجدد الأمل بإمكانية بقائها أوطاناً ودولاً موحدة لشعوبها، بما فيها لبنان، بديلاً عن انتظار التسويات التي سيقررها الخارج في نهاية المطاف وفق مصالحه”.

 

ورأت أن “اسرائيل لم تتمكن لغاية الآن من تحقيق أهداف حربها المتمثلة باستعادة الاسرى وتصفية وجود حماس، والأهم تهجير سكان قطاع غزة بعد تدميره. ولذلك تتصاعد حدة السجال السياسي في أوساط الحكم والمعارضة الاسرائيلية، وتتزايد المطالبة باستقالة الحكومة  ومحاسبة رئيسها ووزرائها، وبعض قادة الجيش والاجهزة الامنية. بما فيه استقالة وزراء اليمين الذي التحقوا بحكومة الحرب. لكن ذلك لم يعدل في التزام رئيس الحكومة واعضائها الباقين باستمرار الحرب، ورفض وقف اطلاق النار قبل تحقيق أهدافها، لأن ذلك يشكل هزيمة سياسية وعسكرية تهدد قضية الاستيطان ومصير الكيان والدولة. ولا يختلف الامر بالنسبة لقيادة الجيش التي تتولى إدارة العمليات العسكرية على جبهتي قطاع غزة والضفة الغربية، والتعامل مع حرب الاستنزاف المفتوحة على الجبهة الشمالية، بالاضافة إلى استكمال التحضيرات تحسباً لحرب أوسع”.

 

وقالت المنظمة: “ورغم خسائرها في صفوف المدنيين والعسكريين، وعلى صعيد الدمار والخراب  المالي والاقتصادي الصناعي والزراعي والسياحي وفي البنى التحتية، التي تفوق بنسب كبيرة ما اصابها في حروبها السابقة، ومعه النزوح القسري من مستوطنات الجنوب والشمال، إلا أن الأكثرية الساحقة من الاسرائيليين تبعاً لنتائج استطلاعات الرأي العام ما تزال موحدة حول استمرار الحرب على جبهة غزة والضفة الغربية، وتصعيدها على جبهتها الشمالية مع لبنان، في موازاة رفض الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

وفي هذا الاطار يقع سعي رئيس حكومة اليمين المتطرف نتنياهو، لإطالة أمد الحرب، لتجنب المساءلة حول عملية حماس وما كشفته من أوجه تقصير وأخطاء قاتلة بعدها. إن استمرار الحرب وتعدد ساحاتها، يعطيه فرصة استغلال التنافس على دعم سياسة إسرائيل أثناء الموسم الانتخابي الأميركي المقبل. وهو لا يخفي رغبته بفوز الرئيس الجمهوري السابق ترامب، والعودة إلى صفقة القرن بكل مندرجاتها، لتصفية القضية الفلسطينية وتبديد خيار حل الدولتين، واستكمال مسار التطبيع مع الدول العربية وتصعيد المواجهة مع ايران.

والأهم في هذه الحرب، خسائر اسرائيل السياسية والمعنوية، وتزايد وتيرة استنكار ممارساتها المخالفة لابسط الشرائع الانسانية والاخلاقية، وادانة تجاهلها للقوانين والقرارت والاعراف الدولية والاممية.

ويبقى الأكثر أهمية هو انهيار السردية الصهيونية التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني وسقوط اتهامات معاداة السامية عن المعارضين لجرائمها. وبدء محاكمتها باعتبارها دولة تمييز عنصرية، ومحاكمة قياداتها كمجرمي حرب، امام محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين. ما مهد لاعتبارها “دولة قاتلة للاطفال”. هذا عدا ارتفاع عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية وتقر بحقها في الانتساب للامم المتحدة كدولة كاملة العضوية رغم الفيتو الأميركي”.

 

وأردفت: “إن صمود الشعب الفلسطيني الاسطوري وتضحياته الجسام والعمليات البطولية لمقاتلي حماس وسائر التنظيمات ضد جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، ومواجهته منفرداً لدولة الاستيطان وعصابات المستوطنين وجيش الاحتلال الاسرائيلي، يشكل صفحة مجيدة في تاريخه النضالي من اجل قضيته على ارضه. غير أن قيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية لم تتمكنا من تجاوز الخلل الهائل في موازين القوى الذي يحاصر القضية الفلسطينية، في ظل الانقسام الفلسطيني، والحصار الاميركي الاسرائيلي الطويل على الصعيدين السياسي والمالي، بمشاركة من أكثرية الانظمة العربية التي تكتفي باصدار بيانات الدعم والتاييد الانشائي لهما.

ومع حاجة الفلسطينيين الملحة لوقف مسيرة القتل والتهجير والدمار. يتجدد مأزق قيادة حماس بحثاً عن مخارج لأزمتها، في مواجهة المضاعفات الكارثية لعملية طوفان الاقصى، التي استُخدمت ذريعة لتبرير حرب شاملة، دمّرت بالكامل ما كان يسمى دولة حماس في غزة المحاصرة وهجَّرت سكانها واللاجئين إليها. خاصة وأن موافقتها على الهدنة المؤقتة وتسليم الاسرى  ينزع منها أهم اسلحتها في هذه الحرب. ويُشرّع بوجه قيادتها سيل الاسئلة الصعبة، حول قرار وأهداف ونتائج العملية التي نفذتها. وحول مستقبل قطاع غزة بعد وقف الحرب، وفي ظل ما اصابه من دمار وخراب عمراني واقتصادي وتدمير ممنهج لمعالم الحياة ومقوماتها. ويضاف لها الكثير من الاسئلة حول مستقبل دورها السياسي في ضوء نتائج تجربتها كتنظيم أصولي مسلح استسهل التفرّد بقرار الحرب، والانقلاب على الوحدة والتفريط بالإنجازات التي حققتها مسيرة النضال الفلسطيني. وحول تعاطيها مع استحقاقات ما بعد الحرب وقد اصبحت أكثر تعقيداً وأشد خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية عما سبقها. علماً أن رفض الهدنة، سيحمّل قيادتها  امام العالم مسؤولية استمرار الحرب الوحشية، والاهم امام الشعب الفلسطيني.  

من المؤكد أن الانقسام الفلسطيني المستدام، جعل مأزق السلطة الفلسطينية وحركة حماس عسيراً وخطيراً في آن.  خاصة وأن مواقف قيادة حماس الايجابية في اجتماعات اسطنبول وموسكو وبكين، أضيفت إلى أرشيف الاتفاقات التي لم تنفذها قبل الحرب.

صحيح أن السلطة الوطنية تتحصن بمواقفها المبدئية حول الوحدة الفلسطينية وشرعية منظمة التحرير، وبرفض التهجير والمطالبة بوقف اطلاق النار وإنهاء الحرب، والتمسك بوحدة القطاع والضفة الغربية والقدس. الا ان عدم وجودها في قطاع غزة جرّاء الانقسام الذي تتحمّل مسؤوليته قيادة حماس، والرفض الاسرائيلي  لأي دور لها فيه، وهو ما لا تعترض عليه حماس، لا يعوضه حضورها  في المحافل الدولية والعربية. علماً أن عدم المواجهة العسكرية مع جيش الاحتلال يهدف إلى تفويت فرصة اعلان اسرائيل الحرب عليها وعلى الضفة الغربية وتدمير مدنها مع مخيماتها، أسوة بما يتعرض له القطاع. وهو ما لم يمنع عنها المزايدات الشعبوية التي تصب في طاحونة الاحتلال.

لقد رفع  الانقسام المستدام، منسوب المخاطر التي تهدد مصير القضية الفلسطينية، وعطل قدرة قيادتها على توظيف إمكانات وطاقات شعبها في مواجهة معادلات الحرب الصعبة على سائر جبهاتها تحت راية برنامج موحد. وفي السياق يقع الحصار السياسي والمالي والميداني المحكم الذي تتعرض له منظمة التحرير والسلطة في آن، والرفض الاسرائيلي لأي دور لها. بالاضافة إلى الشروط والطلبات الاميركية المرفوضة أصلاً. هذا عدا التدخلات والمزايدات الايرانية التي تستغل الانقسام لغايات لا صلة لها بمصلحة الشعب الفلسطيني في أخطر مرحلة من تاريخه، وهو يواجه منفرداً الحرب التي تستهدف وجوده وقضيته.  علماً أن التحدي التاريخي الذي تتعرض له مختلف الفصائل يتمثل في استعادة سلاح الوحدة الوطنية والبرنامج النضالي الموحد الذي يبقي قضية الشعب الفلسطيني على قيد الحياة، ويصون  تضحياته وصموده ويسدد مسيرته،  ويمنع  تبديد الدعم الدولي الاستثنائي لقضيته ودعمه خيار الدولة الفلسطينية، والافادة من الدعم الواسع له في المحافل الدولية القانونية ومحاكمة الكيان العنصري وقياداته بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية”.

 

لبنان

أما في موضوع لبنان والحرب، فقالت المنظمة: “على الجبهة اللبنانية، يتواصل العدوان الصهيوني على لبنان بذريعة معركة  المساندة التي قررها حزب الله ضد اسرائيل. وتربط قيادته موعد نهايتها بوقف الحرب على غزة، باعتبارها معركة مساندة لها، قبل أن تفتح جبهة الجولان السوري المحتل من لبنان، وتضاف وظيفة الحرب الاستباقية دفاعاً عنه. ورغم الالتزام بقواعد الاشتباك إلا أن منحى التصعيد المتدرج لحرب الاستنزاف المفتوحة، وما تنطوي عليه من خسائر بشرية كبرى، ومن تهجير ودمار عمراني وخراب اقتصادي لا يمكن الاستهانة بها، يُنذر بتحوّلها حرب تدمير شامل وفق كل المؤشرات والمعطيات السياسية والميدانية، التي تعززها انذارات قادة اسرائيل اليومية، وما يحمله الوسطاء وموفدو الخارج معهم من تحذيرات حول اقتراب موعد الحرب على لبنان.

الثابت أن الازمة اللبنانية اصبحت أكثر ارتباطاً بأزمات المنطقة، وبمسارات ونتائج الحرب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ومعارك المساندة. وهي مرشحة للاحتدام  في الايام المقبلة، مع تقدم الحرب الاسرائيلية في غزة  نحو مراحلها الاخيرة. استناداً إلى نتائج جولات الموفد الاميركي ومصير الورقة الفرنسية حول تنفيذ القرار 1701، جرّاء رفض حزب الله البحث بتنفيذه، قبل وقف اطلاق النار في غزة، أو بأي ترتيبات تتعلق بمصير ملف الحدود اللبنانية بكل تعقيداتها، خاصة في ما يتعلق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا مع الكيان الاسرائيلي. ويضاف فشل اللجنة الخماسية والموفد الفرنسي بشأن الاستحقاق الرئاسي، بفعل الشروط المتبادلة بين قوى السلطة الطوائفية، والتي تعكس انتظارية اصحابها لنتائج الحرب ورهاناتهم على الخارج، لتحديد خياراتهم مع استعادة الطروحات التقسيمية، من الفدرالية إلى الاكثرية العددية و سواها.

إن عدم قدرة حزب الله على وقف حرب الاستنزاف، بالرغم من خطر تحولها حرباً شاملة يعزز مأزق قيادة الحزب، بالنظر لانعكاسات نتائجها على دوره وموقعه، وعلى أوضاعه وبيئته. كذلك على معركة رئاسة الجمهورية المعطلة بفعل عجزه عن فرض مرشحه. وفي هذا السياق يقع رهان الحزب على تصعيد عملياته ضد اسرائيل، في مواواة تصاعد الضغوط الدولية على اسرائيل لمنع تطور وتوسع الحرب، ما سيضطرها للموافقة على وقفها، وهو ما يشكل هزيمة لها وانتصاره عليها”.

 

أضافت: “من الواضح أن لبنان امام مغامرة خطيرة قد  تؤدي إلى تدميره. ومعاناة قطاع غزة نموذج لذلك. لأن قيادة الحزب ومرجعيته الاقليمية يقيمان على تجاهل حقيقة موازين القوى الراهنة وما تنطوي عليه من اختلالات لمصحة اسرائيل، لا تسمح بهزيمتها، ولا توصل إلى تلك النتيجة المرجوة منهما. سواء بالنسبة للولايات المتحدة الضامنة لوجود دولة اسرائيل وأمنها، أو لدى الحكومة الاسرائيلية ومعارضيها الموحدين حول استمرار القتال حتى تحقيق اهدافه. والاخطر أن الحزب الذي وضع البلد أمام الامر الواقع، محاصر في الداخل اللبناني بالانقسام السياسي، وبرفض خياراته التي يرى فيها خصومه، رهن البلد للخارج ومغامرة تقوده نحو المجهول. ويعزز ذلك انهيار ما اسماها “المعادلة الثلاثية الذهبية” التي استخدمها طويلاً لتبرير مصادرة القرار السياسي للبلد خلافاً لمصلحته الوطنية، ولتغطية سياساته وممارساته الفئوية في الداخل والخارج بقوة الامر الواقع.

ومع استمرار الحرب والشروط الاسرائيلية المدعومة اميركياً ودولياً، يبدو الفراغ الرئاسي مرشحاً للاستطالة إلى أمد غير منظور.  بالتزامن مع تصاعد حالة الفوضى السياسية التي يُحكم البلد بموجب أحكامها من قبل سلطات الامر الواقع على كل المستويات. ما يساهم في تعميق الانهيار الاقتصادي والمالي، وفي شلل أجهزة الدولة وسلطة تصريف الاعمال الخاضعة لقرار الحزب، بعدما دخلت طور العجز التام عن معالجة أي من ملفات الأزمة اللبنانية المعقدة، المزمنة والمستجدة والمتروكة على غاربها. وفي هذا السياق تُقرأ نتائج المحاولة الفاشلة لمعالجة ملف أزمة النزوح السوري في لبنان بالعلاقة مع الجهات الدولية المانحة. لأن قوى السلطة لم تكتفِ بالهروب من تحمّل مسؤولية اخطائها واحالتها على الآخرين، بل أخذت وضعية الاشتباك مع النازحين والدفاع عن النظام السوري الذي يرى في ملف النزوح أفضل سلاح يستثمره للدفاع عن وجوده.

الثابت لغاية الآن، أن قيادة الحزب ليست بوارد التجاوب مع التحذيرات والتهديدات، مقابل الابقاء على عملياتها،  ضمن حدود السيطرة على مسار المعركة ومحاذرة عدم الانزلاق نحو حرب لا مصلحة لها فيها. ورغم الاعتداد بحجم ترسانتها العسكرية وقدرتها على الحاق الكثير من الخسائر والدمار باسرائيل، إلا أنها لا تستطيع استبعاد حصولها. وما يبقي الحزب ولبنان في وضع صعب ومعقد، تصاعد الانقسام وحالة الفوضى السياسية والامنية. خاصة وأن ما يتسرب من صيغ لتنفيذ القرار 1701 مقابل التهديدات الاسرائيلية، وما يسمى مبادرات لانتخاب رئيس للجمهورية لا يخرج عن اطار تقطيع الوقت، وتحميل اللبنانيين مسؤولية ما آلت إليه اوضاع بلدهم على كل المستويات، بما فيه تعريضه لخطر الدمار الشامل، في مقابل سعي اطراف السلطة لتحصين مواقعهم الفئوية، بانتظار نتائج المعركة التي قررها الحزب، وسط تبادل الاتهامات بشأنها”.

 

وختمت: “إن خطر الحرب المدمرة يهدد كل لبنان. ومسؤولية إنقاذه تقع أولاً وأساساً على عاتق سائر اطراف السلطة وجميع اللبنانيين، وليس على أي دولة أو جهة خارجية.. إن الإنقاذ يتطلب من الجميع الاقلاع عن الاستقواء بالخارج، والابتعاد عن السياسات الانتظارية والتحصن بالقرارات الدولية والاممية.  خاصة وأن أولوية بقاء لبنان وإنقاذه تتقدم على ما عداها. ولا مكان فيها للمصالح الفئوية، ولا تنفع فيها المزايدات الفئوية والحسابات الضيقة، ولا تعالج بتقاذف الاتهامات وتبادل تهم الخيانة. علماً أن  التزام قواعد الاشتباك والرهان على ضعف العدو الاسرائيلي لا يشكلان ضمانة للبنان. ولا يختلف عنهما انتظار الهدنة الموعودة في غزة. كذلك التحلل من المسؤولية الوطنية باعتباره أقصر الطرق لدفع لبنان نحو الخراب والدمار، بينما انقاذه وبقاؤه بلداً موحداً وعدا كونه مصلحة وطنية لبنانيية، إلا أنه ايضاً أهم دعم للقضية الفلسطينية.

إن مصلحة لبنان الوطنية تتطلب مبادرة جميع اطراف السلطة وقوى الاعتراض لتحمل مسؤولياتهم، كل من موقعه، والاقلاع عن المشاريع الوهمية والمغامرات غير المحسوبة واعتماد سياسة وطنية خارجية موحدة وواقعية، بديلاً عن الارتهان للخارج أو الاستقواء به. إن المبادرة الحوار المسؤول والمشاركة الجادة فيه، هي المدخل لإعادة بناء الثقة بين اللبنانيين والعمل معاً لحماية لبنان من الزوال قبل فوات الأوان.

إنه التحدي الصعب. وهو مسؤولية اللبنانيين المطالبين بتجديد انتسابهم إلى لبنان الوطن، وخصوصاً المعنيين بتجديد الأمل بإمكانية إنقاذه من الاخطار وبقائه وطناً لهم ولأبنائهم”.

 

                    ============إ.غ.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى