هكذا يمكن للمعارضة ترميم واقعها السياسي
تلقت قوى المعارضة اكثر من ضربة سياسية قاسية في الاشهر الماضية كان اهمها انسحاب الحزب التقدمي الاشتراكي بشكل عملي من بين صفوفها وتقرّبه الواضح من “قوى الثامن من اذار” وتحديدا من “الثنائي الشيعي” اذ بات الخطاب السياسي للنائب السابق وليد جنبلاط يؤيد ما يقوم به الحزب عسكريا ويدعمه، وقد يتوج اعادة تموضعه هذا بخيار رئاسي يرضي الرئيس نبيه بري.
الضربة الثانية التي تلقتها قوى المعارضة تمثلت في فشل نظرية التقاطع التي روّجت لها عدة اطراف اساسية، بمعنى اخر فشل فكرة “تكتيل” القوى السياسية المعارضة لـ “حزب الله” في جبهة رئاسية واحدة، حتى لو لم تكن متجانسة، وتشكيل تحالف واحد من اجل ايصال رئيس جديد للجمهورية، وهذا ما حصل بعد التقارب السابق مع “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، الامر الذي اثبت فشله لاسباب عديدة منها ان التوازنات النيابية لا توصل لوحدها رئيسا الى قصر بعبدا.
الضربة الاقسى هي فقدان القدرة على استقطاب القوى السنّية، اذ انه وبعد الانتخابات النيابية الاخيرة كان غالبية النواب السنّة والكتل النيابية السنّية اقرب الى المعارضة، لكنهم باتوا في مكان وسطي في الاشهر الاخيرة حيث سعت الاطراف الى استقطابهم “على القطعة”، الا ان هذا المسار تبدل بشكل جذري منذ بدء المعارك العسكرية المشتعلة اليوم في المنطقة، والتقارب السنّي الشيعي الحاصل والذي لم يشمل فقط السعودية وايران، بل القوى ذات “الطابع الاخواني” مع حلفاء ايران في المنطقة.
هذا يعني ان التقاطع السياسي بين خصوم “حزب الله” الاساسيين والواقع النيابي السنّي بات اكثر صعوبة، من دون اغفال وجود امكانية دائمة لترميم العلاقة بين مسيحيي “قوى الرابع عشر من اذار” والنواب السنّة الذين لا يصنفون على انهم حلفاء للحزب. كل ما تقدم يوحي بأن قوى المعارضة باتت اليوم اقل قدرة على المناورة، ولم يعد في امكانها فرض شروطها بشكل قاطع خلال اي مفاوضات مقبلة.. لذلك فإن البحث الجدي يجب ان يتركز اليوم لدى المعارضة في كيفية ترميم واقعها السياسي.
تقول مصادر مطلعة أن احدى نتائج زيارة بعض نواب المعارضة الى الولايات المتحدة الاميركية ولقاء المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين يساهم في تعويض الخلل الداخلي الذي اصاب المعارضين، ويعطيهم ثقلاً دوليا وازنا يجعل اخراجهم من التسوية السياسية بسبب تراجع قدرتهم النيابية، ضربا من الخيال، هكذا يصبح “خبر” اللقاء بهوكشتاين اهم من مضمون اللقاء، في ظل كل المساعي من “قوى الثامن من اذار” لتحويل التفاوض حصريا بين الاميركي من جهة و”حزب الله” عبر الرئيس نبيه بري من جهة أخرى.
كما ان السلاح الاهم لا يزال في يد المعارضة، خصوصا اذا تمكنت هذه القوى من استقطاب باسيل بشكل حقيقي وعميق ومنعه من التقارب مجددا مع “حزب الله”، لان الواقع عندها سيعطي المعارضة حق الفيتو “المسيحي” على اعتبار ان الغالبية الكبرى من النواب المسحيين تصبح الى جانب الخيارات السياسية المعارضة لـ “حزب الله” مما يفرض عليه التعامل بواقعية والتفاوض بجدية مع هذه الاطراف حتى لو لم تكن تملك “بلوك” نيابيا كاسرا للتوازن.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook