الوكالة الوطنية للإعلام – ندوة عن كتاب “نثر في الهواء” لرمزي جريج في بيت المحامي وكلمات تحدثت عن مضمونه وما يحمله من مبادئ إنسانية وحقوقية وقانونية
وطنية – عقدت نقابة المحامين في بيروت ومكتبة “صادر” ندوة عن كتاب الوزير والنقيب السابق رمزي جريج بعنوان “نثر في الهواء”، في قاعة المحاضرات الكبرى، في بيت المحامي.
وحضر الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة الوزير السابق خالد قباني، الوزير السابق سمير مقبل، المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري، مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس، رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، رئيسة هيئة الاستشارات القاضية جويل فواز، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، نقيب المحامين في طرابلس سامي الحسن، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، رئيس اللجنة الوطنية للأونيسكو شوقي ساسين، القاضي شكري صادر، رئيس محكمة التمييز شرفا القاضي مهيب معماري، النقباء السابقون: رشيد درباس، ناضر كسبار سمير أبي اللمع، أنطوان إقليموس وجوزف رعيدي، مدير الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا، إضافة إلى أعضاء مجلس نقابة المحامين وممثلي شخصيات وفاعليات قضائية وحقوقية واجتماعية وثقافية وسياسية.
يونس
بعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين، قدمت عضو مجلس نقابة المحامين ميسم يونس الندوة بكلمة قالت فيها: “أن أقدمك طلب عطره غالي الثمن زادني محبة وتقديرا لرقي شخصك ورقة إحساسك يا من اجتمعت فيه القابا عدة وبقي الأحب الى قلبنا أن نناديك النقيب الأستاذ رمزي جريج. يستهل المؤلف إصداره “نثر في الهواء” باستذكار لاهوتي عالم هو الأب يوحنا قمير – ابن بلدتي الأم تنورين – واستذكار الامام علي بن أبي طالب في دلالة على انفتاحه وتنوع مصادر معرفته، ونهله من كل ما يمكن أن يشكل استزادة في تكوين شخصيته الاستثنائية. وها هو أمامنا، محام لامع، جمع العلم والمعرفة، مع الثقافة والأخلاق، فاختاره المحامون نقيبا زين منبر النقابة وترك إرثا منه يستفاد ويزاد. ثم اختارته السياسة ومارسها على قاعدة الخير العام”.
ساسين
وألقى المحامي شوقي ساسين كلمة قال فيها: “ضمَّ كتابُه الجديدُ من أحداثِها فصولًا شتّى، فيها من العمرِ أشياؤُه الحميمةُ التي تترجّحُ ما بين وجعٍ وفرحٍ وحَجْرٍ وانطلاق، وفيها من صحبة الأيام والناس ما يبلِّلُ الأوراقَ بموداتِ صحبٍ ومراثي رفاق، وفيها لهفاتُ وطنٍ تتهالَكُ حياتُه المعتلَّةُ الأيام، وفيها رجاءاتٌ بمستقبلٍ غامضِ الملامح السوداءِ، أو بيِّنِها لا فرق، لكن رمزي جريج بألقابه جمعاء يفْصِحُ في كلِّ حرفٍ نَثَرَه في الهواء، عن أنَّ نبضَ دواتِه خفقانُ حبرٍ مزدحِمٍ بالشّمس، ساطعٍ حتى اشتفافِ كُنهِ الشّعاع، يوري السطورَ ولا يورّي، ويلسعُ حَرُّه حيثُ تدعو الحرية، لإيمانه الراسخ بأن غايةَ الكلامِ الوحيدةَ كشفُ الحجب؛ وبأن اللغةَ “وسيلةٌ لنقل الفكرة إلى القارئ باستخدام كلمات كلِّ الناس، لكنْ بأسلوبٍ خاصٍّ مختلف”؛ وبأن الفكْرَ مستضيءٌ بنفسِه، فأجدرُ به أن يبرز عاريًا، ليُقرأَ ويُفهمَ بلا عناء”.
معماري
من جهته، قال القاضي مهيب معماري: “لن اتناول في مداخلتي الجزء الأول من الكتاب، الذي يتضمن “يوميات”، سجّلها المؤلف، حيث يتداخل فيها العام والخاص، ويبدي فيها اراءه في الأحداث، التي مرّت بها البلاد خلال السنوات المنصرمة، وانما احصر مداخلتي، في ضوء ما جاء في الجزئين الثاني والثالث من الكتاب، بعرض بعض المبادئ العامة، التي اعتبرها أساسية في اصول تفسير الدستور والقانون، وقد طبقها النقيب جريج في مقالاته ودراساته القانونية التي يتضمنها الكتاب”.
أضاف: “القانون هو في الوقت نفسه علم وفن، فهو بحد ذاته، ومن حيث موضوعه علم، إلا انه فن بالنسبة للقاضي الذي يحكم بالعدل ويرتكز على القانون كوسيلة للوصول الى الحق. والعلم ينصرف إلى شرح مضمون القاعدة القانونية ويحدد معناها ومدى اتصالها بمبادئ وقواعد اخرى. اما الفقه، فهو عمل يتمتع هو ايضا بطابع علمي، إلا أنه يختلف عن البحث العلمي الصرف، لانه يتناول خيارات اعتمدت في تفسير المسائل القانونية موضوع البحث. والقانون وليد الحرية، فلا عجب ان يأتي تفسيره نتيجة خيارات تكون محلا للنقاش، هذا هو واقع القانون الدستوري الذي تطرق إليه الجزء الثاني من كتاب النقيب جريج بشكل رئيسي”.
وتابع: “النظرية التي سادت حول طبيعة الدستور انطلقت من فكرة المؤسسة التي أرساها العميدHauriou لتغليب الوصف القانوني. فالمؤسسة الدستورية، كما تقول هذه النظرية، ”تولد وتعيش وتموت بالقانون”، والظواهر السياسية لها بعد قانوني مميز، يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وإلا “ضاعت البوصلة التي تتحكم بالعقد الاجتماعي واصبح الدستور قطعة متحف ساكنة لا يهتم لها الا هواة قلائل”، كما يقول الدكتور غسان سلامة في مقدمة الكتاب”.
وأردف: “إن القواعد القانونية كلها تنبع من الدستور وان المجلس الدستوري، وهو سلطة قضائية، يتحقق من سلامة العمل القانوني. وقد اعتمد النقيب جريج وجهة النظر هذه عندما تطرق إلى الإشكالات التي أثارها البعض حول تفسير بعض جوانب الدستور، وتعاطى معها بالأسلوب الذي اتبعه عندما تطرق إلى باقي المواضيع القانونية”.
درباس
من جهته، قال درباس: “نثر في الهواء… عنوان شاعري جدا لكتاب واقعي جدا، وبقلم كاتب يخشى الانزلاق إلى مغريات الصياغات الأدبية، رغم شغفه بها، محافظة منه على رصانة النص وعلميته، وانسجاما مع رزانة مظهر اللورد الانكليزي الذي أسماه زملاؤه: النقيب رمزي جريج الفائق الاحترام. ويبدو صديقي العزيز، بحكم انتمائه لحزب المحافظين، متأثراً بلذاعة ونستون تشرشل، وتعليقاته التي توجز موقفا سياسيا كاملا بومضة من حروف قليلة. من ذلك أنه أثناء إلقاء مستر أتلي رئيس الوزراء خطابه، كان تشرشل يهز رأسه ذات اليمين وذات اليسار تعبيرا عن عدم الموافقة، فتوجه أتلي إليه قائلا: مستر ونستون هذا رأيي وأنا حر في قوله، فكان الجواب: نعم، وهذا رأسي، وأنا حر في أن أحركه كما يحلو لي، لكن المفارقة بينهما أن تشرشل كان يدخن علنا سيجارا كوبيا ماركة تشرتشل. أما رمزي فيدخن سرًا وخفية عن السيدة منى، “سيجاريللو” ماركة زميلنا محمد مطر”.
أضاف: “من ذكرياتي في مجلس الوزراء، أنه توجه مرة إلى أحد رؤساء الكتل بانتقاد مر حول وزارة ما، فلما نبهه رئيس الحكومة أن المخاطب ليس وزيرا لتلك الوزارة، أجاب رمزي بابتسامة مكتومة “في حضور الأصيل لا حاجة للوكيل”، في تعليق ذكي عن اختزال وزارات عدة في شخص واحد. هاتفني السيد المؤلف مصدراً قراره بأن يكون لي حيز في هذا اللقاء الطيب، فتبلغت عن طيب خاطر، وطالبته بالكتاب فأجابني بأنه قيد الطبع، وأن نسخته ستكون عندي في عيد العمال. بعد يومين عاد إلى نثر كلامه في سماعة الهاتف سائلا أن كنت انجزتُ كتابة مداخلتي عن الكتاب، فسألت وكيف أعلق قبل الاطلاع عليه، فقال بأسلوبه المعروف: “اكتب عني يا أخي”. هنا تساءلت، أيهما أهون على القلم، الحديث عن المؤلِّف أم عن المؤلَّف، فأتاني الجواب: لن تفرقَ بينهما، حركة حرف اللام، فاكسرها وانصبها في الوقت عينه، واجمع بينهما بحكم وحدة لون الحبر والدم، فكلاهما أزرق، وكلاهما عذب من مورد أصيل”.
المصري
وأشار المصري إلى أن “النقابة هي سلسلة لتكمل المسيرة الوطنية بموقف جامع وموحد ووطني شامل بعيدا من الفئوية والطائفية، ليبقى لبنان رائدا في كل المجالات ولنبقى روادا في العالم مستقلين أحرارا، وهذه الرسالة الحقيقية لنقابة المحامين للحفاظ على قيم الإنسان وحريته وكرامته وايضا للحفاظ على وطننا، وخصوصا في الفترات الصعبة التي يجتازها البلد من محن وصعوبات قاسية”.
ونوه ب”كتاب النقيب رمزي جريج القيم وما يحمله من مبادئ إنسانية وحقوقية وقانونية”، لافتا إلى أن “رمزي جريج يبقى علامة فارقة يتمسك دائما بالدستور والقيم الدستورية، لا سيما في دعوته الدائمة إلى استقلالية القضاء وأيضا في ما يحمله من قيم إنسانية سامية تشكل جوهر الوجود والحياة”، وقال: “هذا الكتاب لرمزي جريج له تعبير أنيق وبلاغة عالية وشيقة”.
جريج
وفي الختام، ألقى جريج كلمة قال فيها: “من دواعي اعتزازي أن تلبوا دعوةَ نقابةِ المحامين ومكتبة صادر إلى هذه النَّدْوةِ حولَ كتابي الجديد “نَثْرٌ في الهواء”، وقد شرَّفَني أن تحضُرَها نُخبةٌ من الشخصياتِ السياسية والقضائية والنقابية والاعلامية، وفي طليعتها فخامةُ الرئيس ميشال سليمان ودولةُ الرئيس تمام سلام، اللذان اختاراني وزيرا للإعلام، في حكومةِ المصلحةِ الوطنية، التي يَعترفُ الرأي العام بحُسنِ ادائها في اصعب الظروف؛ وأعتز ايضاً أن يتحدَّثَ فيها خطباءُ مُفَوَّهون، امتلأت كلماتُهم بالثناء النابع من مودتهم الخالصة”.
أضاف: ولأن “الشكر ترجمان النية ولسان الطوية”، وبه تدوم النعم كما قال العرب، أشكر بادئ ذي بدء نقابة المحامين، عائلتي الثانية، ومكتبة صادر، على مبادرتهما بالدعوة إلى هذه الندوة. ثم أشكر الصديق الدكتور غسان سلامه، على ما زين به الكتاب من مقدمة قيمة، تشكل درسا محكما في فهم الدستور اللبناني بعد اتفاق الطائف. وأشكر أيضا الزميلةَ التي تولّت التقديم، عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت الأستاذة ميسم يونس سكاف، التي لا تقل بلاغتها عن جمال صوتها وبهاء طلتها ولباقتها في التعريف بالمشاركين في هذه الندوة”.
وتابع: “بالعودة إلى هؤلاء، فإن الزميل والصديق الأستاذ شوقي ساسين، الذي أتمنى أن أشهد تبوُؤه مركز نقيب المحامين في طرابلس، هو أديب وشاعر، أهلته كفاءته العالية لأن ينتخب رئيسا للجنة الوطنية للأونيسكو، وأخشى أن تكون شهادته اليوم غير مقبولة بسبب انحيازه لي وللكتاب، ومرافقته المستمرة لكل ما دونت من يوميات وكتبت من مقالات، ضمها: نثر في الهواء”.
أضاف: “أما الرئيس مهيب معماري، صديقي منذ أيام الجامعة، فقد كان في مختلف المناصب القضائية الرفيعة التي تولاها، مثال القاضي العالم والنزيه والمستقل، وهو، كرئيس غرفة لدى محكمة التمييز، أسهم في تثبيت الاجتهاد في الكثير من المواضيع المهمة، وكأستاذ في كليات الحقوق، أغنى الفقه القانوني بدروسه وأبحاثه ومقالاته، ولا يسعني إلا أن أشكره على مداخلته الثمينة”.
وتابع: “أما النقيب رشيد درباس، الصديق والزميل في المهنة والنقابة والوزارة، الذي يثير إعجاب الجميع بفصاحة حديثه وبلاغة كلامه في شتى المناسبات، فخصني بثناء أتمنى أن أستحقَه، وإذ ليس لي بيانه لأفيه حقه، أكتفي بأن أقول له كلمة واحدة: “شكرا” نابعة من صميم قلبي”.
وأردف: “بين القضاء والمحاماة، جناحا العدالة، نقاط تلاق كثيرة في طليعتها الاستقلال، إذ إن استقلال القاضي والقضاء يقابله استقلال المحامي ونقابة المحامين. اليوم، يحمل أمانة الحفاظِ على هذا الاستقلال بكل جدارةٍ واستحقاق النقيبُ الأستاذ فادي مصري، الذي تجمعُني به على المستوى الشخصي أمور كثيرة منها أننا تخرجنا من المدرسة نفسها، مدرسة الجمهور، والجامعة ذاتها، كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف؛ ومنها أيضا حرصنا المشترك على أن تبقى نقابة المحامين قلعة للحريات العامة وحامية لحقوق الإنسان ومدافعة عن المسلَمات الوطنية، وفي مقدمها سيادة لبنان واستقلاله. وإني أرى في النقيب فادي مصري فاديا، كمعنى اسمه، يكرس كامل وقته لخدمة النقابة، مكملا سلسلة النقباء الكبار الذين حافظوا على تراث نقابتنا العريق”.
وقال: “الكتاب الذي أقدمه إلى القراء اليوم يحقق ثلاثة أهداف: هو فعل مقاومة، لجأت إليه للتغلب على المرض الذي لازمني طيلة فترة تأليفه، وعلى اليأس بسبب الوضع المأسوي الذي يتخبط فيه لبنان وشعبه، وهو كذلك رسالة لأولياء الأمر في البلاد، أحثُهم من خلالها على احترام أحكام الدستور وميثاق العيش المشترك، وعلى التخلي عن عصبياتهم من أجل إعادة بناء الدولة، بعد أن أمعنوا في تهديمها وتفكيك أوصالها، وهو أخيرًا فعل إيمان بأن الخلاصَ آت بفضل المواهب والقدرات التي يزخر بها شعبنا، والتي إن غيبت زمنا فهي لا بد منتصرة وناهضة إلى صناعة مستقبل لبناني زاه”.
ثم وقع النقيب رمزي جريج كتابه “نثر في الهواء”.
==================== ن.ح
مصدر الخبر
للمزيد Facebook