آخر الأخبارأخبار محلية

لماذا يخشى جعجع اتفاقًا بين جبران باسيل وحزب الله؟!

في أحدث تصريحاته، قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إنّه لا يوافق على الاستنتاج القائل بأنّ المجلس النيابي الحالي لن ينتخب رئيسًا للجمهورية، متحدّثًا عن اتصالات تجري تحت الطاولة، خصوصًا بين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل و”حزب الله” يمكن أن تؤدي إلى اتفاق على رئيس وصفه بـ”الخنفشاري”، مؤكدًا أنّ المعارضة “ستقوم بكل ما يلزم لمنع وصوله” إلى الرئاسة.

 
لا يُعَدّ حديث جعجع عن اتفاق محتمل بين باسيل و”حزب الله” الأول من نوعه، فقد سبق له أن حذّر من أنّ تقاطع رئيس “التيار الوطني الحر” مع المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لم يهدف في الحقيقة سوى لقطع الطريق على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، على أن “ينقلب” باسيل على المعارضة بمجرّد أن يتحقّق هذا الهدف، فيعود إلى “أحضان” الحزب، ويتّفق معه على مرشح آخر لرئاسة الجمهورية.
 
وإذا كان جعجع ترجم كلامه هذا بالتشكيك بـ”نوايا” باسيل، وصولاً لحدّ دعوته في مرحلة معيّنة إلى اتخاذ موقف واضح ضدّ سلاح “حزب الله” من أجل القبول بالحوار معه، فإنّ تكراره لمثل هذا الموقف يدفع بدوره إلى طرح العديد من علامات الاستفهام، فلماذا يخشى جعجع اتفاقًا بين باسيل و”حزب الله”؟ وهل يعتقد أنّ اتفاقًا من هذا النوع يمكن أن يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بمعزل عن موقف المعارضة منه؟!
 
“مصلحة” باسيل
 
يقول المحسوبون على “القوات اللبنانية” إنّ خشية جعجع من اتفاق “تحن الطاولة” بين باسيل و”حزب الله” أكثر من مشروعة، طالما أنّه أضحى واضحًا أنّ “المصلحة” هي التي تسيّر رئيس “التيار الوطني الحر”، الذي كرّس مفهوم “التحالف على القطعة” للقول إنّه يضع “مصلحته” في المقام الأول، بمعزل عن كلّ المبادئ، وهو ما جعله مثلاً يضع يده بيد قوى يخاصمها سياسيًا وفكريًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، طمعًا بمقعد نيابي بالزائد.
 
بالنسبة هؤلاء، فإنّ مسار العلاقة بين باسيل و”حزب الله” يؤكد هذا المنحى، فرئيس “التيار الوطني الحر” لم ينقلب فعليًا على الحزب لأسباب مبدئية أو “سيادية”، ولا كان “تمرّده” عليه مثلاً بسبب “تفرّد” الحزب بفتح الجبهة في جنوب لبنان، من دون اعتبار للمصلحة الوطنية، ولكن فقط لأنّه تمسّك بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، رغمًا عن باسيل، وهو ما لم يستطع الأخير “هضمه”، فعمد إلى رفع السقف مع الحزب في أكثر من مناسبة.
 
لكن، رغم انتهاجه رفع السقف، الذي تجاوز استحقاق الانتخابات الرئاسية، ووصل إلى حدّ انتقاد “استراتيجية” الحزب في ربط جبهتي لبنان وغزة، فإنّ أوساط “القوات” تشير إلى أنّ باسيل أرسل في أكثر من مناسبة رسائل “الطمأنة” إلى “حزب الله” بأنّه مستعدّ للعودة إلى “الخندق الواحد” معه بشرط وحيد، وهو تخلّي الحزب عن ترشيح فرنجية، ليصبح عندها “تفاهم مار مخايل” قابلاً للحياة من جديد، ولو نعاه “العونيّون” بلا أسف.
 
تكريس للأمر الواقع
 
بناء على ما تقدّم، يقول المحسوبون على “القوات” إنّ الكثير من العوامل والاعتبارات تدفع إلى الاعتقاد بأنّ باسيل “يستغلّ” تقاطعه مع المعارضة من أجل فرض شروطه على “حزب الله”، لا أكثر ولا أقلّ، خصوصًا أنّ كلّ المعطيات تؤكد أنّ “لا قطيعة” بين الجانبين، وأنّ الاتصالات بينهما لا تزال مفتوحة، رغم كل الصخب الإعلامي، وإن كان رفض الحزب للتخلي عن فرنجية لا يزال حائلاً دون التوصّل إلى تفاهم، يعتقد باسيل أنه أكثر من ممكن.
 
لكن، ما الذي يخشاه جعجع من مثل هذا الاتفاق، إن حصل؟ يقول المحسوبون على “القوات” إنّه بكل بساطة، وبمعزل عن الاسم الذي يمكن أن يتفاهم عليه الجانبان، لا يعني سوى “تكريس الأمر الواقع” لولاية رئاسية أخرى، وبالتالي تمديد حالة “الفراغ” بصورة أو بأخرى لستّ سنوات مقبلة، وإطالة أمد “الانهيار” الذي يبحث اللبنانيين عمّن يُخرِجهم منه، لا من يُغرِقهم فيه أكثر، خصوصًا بعد تجربة “العهد القوي” غير المشجّعة.
 
ويبقى السؤال الأهمّ عمّا إذا كان جعجع يعتقد أن اتفاق “الحزب” و”التيار” كافٍ لإتمام الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن المعارضة وتموضعها إزاءه. هنا، يقول المحسوبون على “القوات” إنّ كل السيناريوهات تبقى واردة، خصوصًا أنّ “حزب الله” لا يريد سوى أن يضمن عدم المسّ بسلاحه، ولا يكترث بمواقف خصومه، وإن كانت المعارضة ستعمل بكلّ الوسائل لمنع وصول رئيس من هذا النوع، وبكل الوسائل الدستورية المُتاحة.
 
لم يحمل كلام جعجع، الخائف من رئيس “خنفشاري” يتّفق عليه “حزب الله” وجبران باسيل جديدًا، فـ”القوات” لم تُخفِ في عزّ “التقاطع” على ترشيح جهاد أزعور، شكوكها بموقف “التيار” وصدق نواياه، وإن أصرّ “العونيّون” على القول إنّهم ذاهبون حتى النهاية في هذا الخيار، الذي كلّفهم الكثير على مستوى “وحدتهم الداخلية”. لكن، بين هذا الموقف وذاك، هل من يضع “مصلحة لبنان” أولاً، بعيدًا عن الانقسامات العمودية؟!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى