آخر الأخبارأخبار محلية

اللجنة الخماسية تستبق دخول لبنان عين العاصفة

يرى كثيرون أن البيان الذي أصدره سفراء الدول الخمس، ثلاثة منهم عرب وأثنان غربيان، هو بمثابة انذار أخير لجميع اللبنانيين، ممانعين ومعارضين. وما لم يقولوه فيه يقولونه في جلساتهم المغلقة أو في لقاءاتهم مع عدد من السياسيين المصنّفين في خانة الخائفين على البلد. ما قالوه في بيانهم التحذيري لا يحتمل التأويل، ولا يحتاج إلى كثير من الشرح والتحليل. فما فيه من كلام واضح كاف لكي يفهم القابضون على المفتاح الرئاسي أن الآتي من الأيام سيكون صعبًا جدًّا إن لم يتوصل اللبنانيون إلى تفاهمات “غب الطلب” من شأنها أن تنقلهم من مرحلة المراوحة الرئاسية إلى مرحلة إنزال المواصفات الرئاسية العامة، التي لا يختلف عليها اثنان، على اسم واحد من بين أسماء، منها ما هو متداول في الاعلام، ومنها لا يزال خارج التداول.

فالأزمة الرئاسية كانت قائمة قبل عملية “طوفان الأقصى”. وهذا يعني أن ما يُربط بينهما غير مكتملة عناصره الاقناعية. فهذه العملية برّاء من هذه التهمة، التي يحاول البعض إلصاقها بها زورًا وبهتانًا. وما يحاول البعض الإيحاء به لجهة ربطه وحدوية “المسار والمصير”، وهو تعبير قد أصبح من جزئيات الأدبيات السياسية في لبنان، ليس سوى ذرّ المزيد من الرماد في العيون، فيما حقيقة الأمور أن “الفريق الممانع” كما “الفريق المعارض” يريدان الرئيس، الذي يريان فيه المواصفات الملائمة لوضعيتهما السياسية كمحورين أساسيين في معادلة الحظوظ السلبية المتساوية النتائج.   
فالوضع الميداني بين إسرائيل و”حزب الله”، وإن كانت حدوده حتى الآن القرى الحدودية الجنوبية وبعض القرى البقاعية، ينذر بأن الأمور متجهة نحو ما يخشاه اللبنانيون، وما سبق أن حذّرت منه بالمباشر وزيرة خارجية كندا ميلاني جولي في خلال زيارتها لبيروت. فلبنان بحسب بعض المراقبين قد أصبح على قاب قوسين أو أدنى من الدخول في عين العاصفة. وهذا ما حاول بيان “اللجنة الخماسية” إفهامه للبنانيين، الذين سيجدون أنفسهم منساقين نحو حرب لا يريدونها ولا يسعون إليها، مع ما ستخّلفه من كوارث بشرية ومادية من شأنها أن تبعدهم أكثر عن محورية ومركزية تقرير المصير، خصوصًا إذا لم ينجحوا في اختبار انتخاب رئيس لجمهوريتهم المتهالكة، والتي تقف على “الشوار”، وهي لا تحتاج إلى أكثر من “هزة” حتى تقع في الهوّة السحيقة، فيصبح الخروج منها أمرًا مستحيلًا في ظل الظروف الراهنة.
ما سينتج عن الحرب التي تشنّها إسرائيل ضد قطاع غزة والجنوب اللبناني اليوم قد تتحوّل لاحقًا إلى حرب موسعة سيشمل أذاها كل لبنان من دون استثناء أي منطقة منه، وبالأخص البيئة التي تحتضن “المقاومة الإسلامية”، والبيئات التي تتعاطف معها، وصولًا إلى البيئات المعادية لـ “حزب الله”. والأخطر من كل ذلك أنه بعد أن تضع الحرب أوزارها في غزة سيجلس الجميع إلى طاولة مفاوضات لن يكون فيها غالبون سوى الذين تحضّروا جيدًا لكل الاحتمالات الممكنة. أمّا في خانة المغلوبين فسيكون لبنان أولهم، الذي لن يتاح له الجلوس إلى طاولة المشاورات، التي تسبق عادة الإعلان عن القرارات الدولية الكبرى.
أمّا في واقع الحال فإن المعلومات المسّربة من داخل غرف اجتماعات السفراء الخمسة تفيد بأنهم توافقوا على مقاربة الشأن الرئاسي من زاوية توحيد الأفكار المقترحة بما تسمح به الظروف، حتى ولو كانت الآراء داخل اللجنة متضاربة. فمن بينهم من يعارض فكرة الذهاب بالمبادرة إلى أقصاها، مع التشديد على الاكتفاء بما تمّ تحقيقه حتى الآن حتى وإن كان ما تحقّق لا يتخطّى حدود كسر الجمود السياسي، فيما يرى آخرون أن ما تم إنجازه منذ انطلاق “المبادرة الخماسية” وصولًا إلى “بيان عوكر” الأخير يجب أن يُستكمل بخطوات متلاحقة ومتتالية ومتواصلة لكي تأتي الجهود المبذولة بثمار مفيدة. أمّا إذا لم تُستكمل هذه الجهود بأخرى أكثر فعالية فيكون ما صُرف من جهد على مدى شهور قد ذهب أدراج الرياح.
وعلى الأرجح فإن الكارثة التي حّلت بإيران سيكون لها انعكاسات على الساحة اللبنانية أقّله بالنسبة إلى تجميد أي تحرّك على مستوى الاستحقاق الرئاسي.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى