هل يأتي دور لبنان بعد رفح؟

Advertisement
ويقول بعض العارفين إن ما تشهده المواجهة المفتوحة بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل من تصعيد متقابل ومتوازن من حيث حجم التأثير الميداني في مسار المعادلات السياسية ليس سوى سعي كل من “تل أبيب” و”حارة حريك” إلى تحصين شروط التفاوض، وذلك بعدما نجح “حزب الله”، وعبر الميدان، في فرض نفسه على الأميركيين والفرنسيين والإسرائيليين كمحاور أساسي في أي مسألة سيكون لها علاقة مباشرة بمستقبل غزة. وإذا لم يجلس أي ممثل عن “حزب الله” على أي طاولة تفاوض فإن شروطه ستكون حاضرة بقوة. وهذا ما اعترف به الفرنسيون قبل غيرهم عندما قدّم وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه آخر التعديلات على ورقته الجنوبية – الشمالية، والتي ستخضع أيضًا لتعديل آخر في ضوء الملاحظات، التي سجلها “الثنائي الشيعي” على آخر نسخة وصلت إليه عبر الرئيس نبيه بري، الذي يتولى مهمة نقل الرسائل بين “باريس” و”حارة حريك” لما له من خبرة طويلة في مجال التفاوض، الذي يحتاج في كثير من الأحيان إلى أخصائي في هندسة تدوير الزوايا.
وهذا السقف المحدّد تلقائيًا للتصعيد الميداني بين جنوب وشمال تحرص “باريس” على إبقائه مضبوطًا بقواعد لا تزال غير منتهية الصلاحية، وذلك بالتنسيق والتفاهم مع “واشنطن”، التي يُقال إنها أبدت تفهمًا للدوافع التي أملت على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيًا التحرّك عبر ورقة تحمل توقيعه، وذلك سعيًا منه إلى تهدئة الوضع في الجنوب لقطع الطريق على إسرائيل التي تجنح إلى توسعة الحرب، وهذا ما يشكّل نقطة تقاطع والتقاء بين الفرنسيين والأميركيين.
الذين زاروا باريس مؤخرًا يخرجون بانطباع، وهو أن لبنان يعني الكثير لفرنسا، وهي لن تألو جهدًا لمنع انهياره، وهي تحاول أن تتحرك على كل المستويات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وقبل أن يتطور الوضع الميداني إلى ما هو أسوأ مما هو عليه حاليًا، خصوصًا إذا رأى رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو نفسه محاصرًا دوليًا، وهو الذي يرفض أن يستمع إلى التحذيرات الآتية إليه من كل حدب وصوب لما سيترتب عن دخول الجيش الإسرائيلي رفح، أو إذا فكّر بنقل الحرب الدائرة في الجنوب إلى كل لبنان.
ويقول هؤلاء الزوار أن “باريس” تعتبر ورقتها الجنوبية – الشمالية بمثابة خارطة طريق لمنع تدحرج الوضع على جبهتيهما نحو الحرب، التي لا يريدها “حزب الله”، وهو ليس في وارد الانجرار إليها، كما أُبلغ بذلك الوزير سيجورنيه في زيارته الأخيرة لبيروت. ووفق المعلومات فإن “باريس” تسابق الوقت لضمان وقف نار مستدام في غزة في ضوء ما سيؤول إليه الدخول إلى رفح. وفي هذه الحال، فإن اتخاذ قرار على مستوى حكومة الحرب في تل أبيب باجتياح رفح قد يدفع بكل الجهود المبذولة على أكثر من صعيد، وبالأخص في ما يتعلق بالورقة الفرنسية إلى أن تذهب أدراج الرياح، وتعيد الأمور إلى نقطة الصفر، مع ما يعنيه هذا الاجتياح من كارثة إنسانية، وبالتوازي مع ما يمكن أن يكون له من انعكاسات على الوضع الميداني على الجبهة الجنوبية في ضوء الحديث المتصاعد في تل أبيب، والذي وصل إلى مسامع الفرنسيين، عن فرضية انتقال إسرائيل بعد الهجوم على رفح إلى لبنان.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook