أرقام صادمة عن السرطان في لبنان.. معطياتٌ مقلقة جداً!

مع ذلك تبقى هذه الأرقام خطيرة للغاية، ولها وقع صادم على الكثير من المُقيمين والمقيمات العاجزين عن الوصول إلى الدواء، بسبب تدهور مداخليهم وفي ظل التقديرات المنتشرة عن تضاعف عدد الإصابات بالسرطان وارتفاع مخاطر الإصابة به كنتيجة مباشرة لارتفاع تلوّث الهواء الناجم عن انتشار المولّدات الكهربائية بعد تفاقم أزمة الكهرباء، فضلاً عن تردّي شروط السلامة العامّة والنظافة بسبب التقشّف في الإنفاق العام على البيئة ومعالجة النفايات والصحّة، وكلّ ما له علاقة بالشؤون الاجتماعية والتنمية البشرية للمقيمين في لبنان.
يُعدُّ تلوّث الهواء من أبرز العوامل المُساهمة في ارتفاع الإصابات بالسرطان في لبنان، ولا سيّما سرطان الرئة الذي يستحوذ على 12% من مجمل الحالات (ويحل ثانياً بعد سرطان الثدي)، كما يشكّل السبب الأول للوفيات بهذا المرض بنسبة 19.3%.
تقول النائب نجاة صليبا، المديرة التنفيذية للأكاديمية البيئية في الجامعة الأميركية والمشرفة على دراسة أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت، إن تلوّث الهواء في بيروت الناتج من انتشار المولدات الكهربائية الخاصّة تضاعف من 23% إلى ما بين 46% و50% بين عامي 2017 و2023.
منذ اندلاع الأزمة الاقتصاديّة في لبنان في العام 2019، وانخفاض الإنتاج من مؤسسة كهرباء لبنان إلى بضع ساعات في اليوم، ارتفع الاعتماد على المولّدات الخاصّة العاملة على المازوت كمصدر أساسي وشبه وحيد لتأمين الكهرباء. وبحسب أرقام الجمارك اللبنانية، استورد لبنان بين عامي 2019 و2023 مولدات كهربائية بقيمة 83 مليون دولار أميركي، وقد ارتفعت قيمة استيراد المولدات من 8 ملايين دولار في العام 2020 إلى 21 مليون في العام 2023.
اللافت أنّ استيراد المولّدات التي لا تزيد قدرتها عن 75KVA ارتفع بشكلٍ كبير، من 6,772 مولداً إلى 14,548 مولداً بين عامي 2019 و2023، علماً أن الذروة سُجّلت في العام 2022، الذي شهد تحرير أسعار الطاقة وزيادة التقنين، وقد استورد لبنان في حينها نحو 18,411 مولداً بهذا الحجم.
ثمة مسار مُقلق لجهة ارتفاع حالات الإصابات في السرطان، لا في لبنان فقط بل في العالم أيضاً. ووفق تقديرات مُنظّمة الصحة العالمية، سُجّل في العام 2022 نحو 20 مليون حالة سرطان جديدة ونحو 9.7 مليون وفاة، ومن المتوقع تسجيل أكثر من 35 مليون حالة سرطان جديدة في العام 2050، أي بزيادة قدرها 77% عن العام 2022. تعكس معدلات الإصابة بالسرطان تعرّض الناس لعوامل خطر يرتبط العديد منها بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبحسب منظّمة الصحة العالمية يمثّل تلوّث الهواء يمثّل عاملاً رئيسياً مؤثراً من عوامل الخطر البيئية.
وتوقّفت وزارة الصحة اللبنانية عن تحديث ونشر بياناتها عن معدّلات السرطان في لبنان منذ العام 2016. لكن مصادر من الوزارة لفتت إلي رصد نحو 19 مليون دولار في العام 2022 لاستيراد الأدوية المخصّصة لمرضى السرطان، وهو ما يشكّل معدّل 560 دولاراً للمريض الواحد (إذا افترضنا أن العدد هو نفسه الذي ترصده منظمة الصحة العالمية)، في حين تبيّن دراسة عن الأعباء المالية لعلاج السرطان في لبنان صادرة في العام 2016 أن معدّل كلفة علاج حالة واحدة من سرطان الرئة السنوية بلغت نحو 5,260 دولاراً/ وهو ما يتجاوز 9 أضعاف ما تقدّمه وزارة الصحّة حالياً، ويتجاوز مرّتين الحد الأدنى للأجر السنوي الحالي في لبنان.
مع ذلك، تتخطّى الأعباء الاقتصادية المترتبة عن تزايد أعداد مرضى السرطان مسألة الفاتورة الدوائية وحتى الإستشفائية، ولو أنها تبقى الأهم والأكثر أساسية. عملياً يأخذ السرطان بعداً اقتصادياً أوسع يشمل تزايد الفقر وخسارة مصادر الدخل وتراجع الإنتاجية. والخطير في واقع السرطان في لبنان يتجلّى بارتفاع حالات إصابة فئة الشباب واليافعين ممن يشكِّلون جزءاً مهمّاً من القوى العاملة في الاقتصاد وفق شهادات الكثير من أطباء السرطان.
زمن المعروف أن احتمالات الإصابة بالسرطان ترتفع مع التقدّم بالعمر، أمّا بالنسبة للبنان فتشير تقديرات منظّمة الصحّة العالمية إن نسبة خطر تطوّر السرطان قبل سن الـ75 عاماً بلغت 17.3% في العام 2022. وعلى الرغم من أن هذه النسبة لا تزال أقل من المعدل العالمي (20%) إلا أن نسبة خطر الموت بالسرطان قبل سن الـ75 عاماً تبلغ نحو 9.7% متجاوزة المعدّل العالمي (9.6%)، وهو إن دلّ فعلى مدى قدرة مجابهة هذا المرض والتصدّي له، والتي تتراجع تدريجياً بسبب ارتفاع كلفة العلاج وتدهور قيمة الأجور في ظل غياب شبه تام للسياسات العامة وتدهور التغطية الصحّية للضمان الاجتماعي. (منصة صفر)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook