الوكالة الوطنية للإعلام – وزير الثقافة: العدوان الصهيوني لا يميز بين مسلم ومسيحي ولا بين سني وشيعي وعلينا الاتحاد بالمقاومة على مثال الدم العكاري الذي سقى شتلات التبغ في الجنوب
وطنية – شدد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على ان “التصدي للعدوان الإسرائيلي الذي يتسترُ بأسطورة الأرض الموعودة والحقّ الإلهي من أجل اغتصاب فلسطين وبعضِ الجولان وجزءٍ من جنوب لبنان، من غير أن يُميّز في همجيته بين مسلم ومسيحي، ولا بين سني وشيعي. إنَّ التصدي لهذا العدوان ينبغي له أن يتجلى اتحادًا في المقاومة بين أبنائها، على مثال الدم النابع من سهل عكار، الذي جرى في عروق الأرض ليسقي شتلات التبغ في الجنوب، وبيّارات البرتقال في يافا، ومساكب الورود المحروقةِ في غزّة. هكذا بالاتحاد يكون النصر والتحرير”.
كلام المرتضى جاء خلال مشاركته في مهرجان يوم طرابلس الذي اقامته بلدية طرابلس- لجنة الآثار والتراث والسياحة ونادي آثار طرابلس ضمن فعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024 ، بحضور النائبين اشرف ريفي وايهاب مطر، إبراهيم حمزة ممثلا النائب فيصل كرامي ومحمد ناجي ممثلا النائب طه ناجي، الشيخ عبد الرزاق اسلامبولي ممثلا مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق إمام والقاضي الشيخ غالب الايوبي، رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، ورئيس جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية عبد الحميد كريمة ورئيس إتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد.
بداية تلاوة من القرآن الكريم للشيخ يوسف الديك الذي شدد في كلمة مقتضبة على ان “طرابلس تبقى امانة في اعناقنا وكلنا مسؤول حتى يعود للمدينة بريقها”.
المرتضى
وكانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها:” لعلّ من بعضِ قدَرِ طرابلس، أن تكون دائمًا على موعدِ تحريرٍ ما، يحفِرُ آثارَه عميقةً في فضائها وناسِها وأيامِها. ذلك أنّها مدينةٌ تداولتها صروفُ الزمانِ أمجادًا وانكسارات، فبقيت على قيدِ الوجودِ المقاومِ منذ آلاف السنين، تسيِّجُ الحياةَ بإرادةٍ لا تنهزم أمام النكباتِ التي ينزلُ بها عليها التاريخُ قاصيه ودانيه، أو الأقوامُ، أقربُهم والأبعدون. فإذا لها بعد ذلك أن تصير سجلًّا من آثار، تُدوِّنُ عليه الحضاراتُ تَعَاقُبَ أدوارِها، بأبجديةٍ عربيةٍ مبينة، تقرأها الشوارعُ والبيوت والقلاع، والموجُ والجزرُ، والعطرُ والبشر. تحرير طرابلس من الصليبين يومٌ من أيامِها المجيدة، وذكرى تحفِّزُنا على اكتناه حقائق كثيرة منها: أوّلًا: أن ذلك الصراع الأبرزَ ما بين صراعات القرون الوسطى كان بين محتلٍّ أجنبي اتخذ له الدين ستارًا، وأهل الأرضِ الذين انتفضوا لحقِّهم. وإذا كان قد غلب على طرفيه انتماء دينيٌّ هنا وهناك، فلا شكَّ في أنَّ ما أنزلَه الصليبيون بالمسيحيين الشرقيين من اعتداءاتٍ جسيمة، يساوي أو يكاد ما لحق بالمسلمين، ونتيجة ذلك كان تضافرٌ بين أهل هذه البلاد جميعًا لدحر الاحتلال وتحرير الأوطان. الأمر نفسُه يحدثُ اليوم مع العدوان الإسرائيلي الذي يتسترُ بأسطورة الأرض الموعودة والحقّ الإلهي من أجل اغتصاب فلسطين وبعضِ الجولان وجزءٍ من جنوب لبنان، من غير أن يُميّز في همجيته بين مسلم ومسيحي، ولا بين سني وشيعي. إنَّ التصدي لهذا العدوان ينبغي له أن يتجلى اتحادًا في المقاومة بين أبنائها، على مثال الدم النابع من سهل عكار، الذي جرى في عروق الأرض ليسقي شتلات التبغ في الجنوب، وبيّارات البرتقال في يافا، ومساكب الورود المحروقةِ في غزّة. هكذا بالاتحاد يكون النصر والتحرير”.
أضاف: “ثانيًا على أهل طرابلس، وجميع اللبنانيين أن يضربوا للفيحاء موعدًا جديدًا لتحريرها من الصورة النمطية التي أُلْصِقَت بها زورًا في العقود الأخيرة من عمرِها. فالمدينةُ التي أُطلِقَت عليها صفاتٌ وألقابٌ شتى، ارتبطَت كلُّها بالعلم واتساع الأُفق والانتماء الصحيح إلى القيم والعيش الواحد والعروبة، لا يليقُ بها أن توصفَ بصندوق بريد أو بمدينة فقر وتخلف. ويقينًا إنّ تحريرها من هذه الصورة يعادل بل يفوق أيَّ تحريرٍ آخرَ عرفَتْه على مرّ العصور. ثالثًا، إنَّ الثقةَ بالمقدّرات التي تختزنُها طرابلس، على مستوى الإمكانيات البشرية والتراثية والحضارية، تؤهلها لأن تكون عاصمة الثقافة العالمية، لا العربية فقط، إذا أُحسِنَ استخدامُ هذه المقدّرات. ولقد قيَّضَ الله لهذه المدينة أبناءً بررة، ما برحوا يُنقّبون عن أوابد ماضيها، ويُخطّطون في يومهم لمستقبلِها، وفي مقدمة هؤلاء سماحة إمامنا الشيخ محمد إمام والمجلس البلدي رئيساً وأعضاء ومؤرّخ طرابلس الدكتور عمر تدمري، وسائر المرجعيات الروحية والثقافية والصروح التعليمية والجمعيات والنقابات الناشطة في المدينة . ولقد اختبرت ذلك لمسَ اليدِ في خلال إقامتي هنا، وهذا ما يبشّرُ بعهدٍ جديد من التنمية والازدهار ستشهدُه طرابلس إن شاء الله”.
وتابع: “رابعًا، لا يسعني في الختام إلاّ أن أنوِّهَ بأمرٍ هو صلب اهتمام أهل الفيحاء، ولو كان يحدث في المقلب الآخر من الأرض. إنّه التبدّل الكبير الحاصل في الرأي العام الطلابي في جامعات أوروبا وأميركا، حيث نشهد يومًا بعد يوم تناميًا في رفض السردية اليهودية لمسار قضيتنا الأولى، فلسطين. بالأمس فُصلت من جامعة كولومبيا الطالبة اللبنانية تمارا رسامني، فنالت أكبر شهادةٍ في الانتماء إلى الحق. لكنَّ ما جرى بحقّها يكشفُ عن مقدار الرفض الذي بات يسود العالم للمنطق اليهودي المؤيَّدِ بالدعم الغربي، ويحملنا على الاعتقاد أكثر فأكثر بصوابية موقفنا في الدفاع عن حقوقِنا، وإن غد القدس العربية لأنظارنا قريب”.
وختم: “الشكر والتقدير للأخ العزيز الدكتور خالد تدمري ولنادي آثار طرابلس ولرئيسه الأستاذ بكر الصديق على تنظيم هذه الفعالية الثقافية الرائدة والراقية، وفقّنا الله على الدوام الى ما يحبّه ويرضاه وفيه خيرٌ لطرابلس ولوطننا الحبيب لبنان والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته”.
درنيقة
وتوقف المربي محمود درنيقة عند اعتماد طرابلس عاصمة للثقافة العربية والأنشطة المواكبة، منوها بأن طرابلس هي الحدث.
الصديق
ولفت رئيس نادي “آثار طرابلس” بكر الصديق الى إعادة أحياء مراحل وجود المدينة والى أنشطة النادي من نتاج متعدد، مؤكدا ان “العمل بمثابة تحد لنقول كلمة طرابلس ولتعكس صورتها التي تستحق”.
تدمري
وتذكر البروفسور عمر تدمري منذ كان على مقاعد الدراسة ارقه موضوع للكتابة عن طرابلس واختار ان يكتب رسالته الماجستير عنها كما الدكتوراه، وانه اعد لفكرة تخصيص يوم تحرير طرابلس من الفرنجة، وذكر شخصية الراحل الحاج الاستاذ سميح مولوي الذي ساعده في الاحتفال بذكرى تحرير طرابلس موجها لروحه التحية كما خص من ساهم معه في الحفاظ على كتابات منقوشة في المدينة.
يمق
وقال رئيس بلدية طرابلس: “احتفالنا اليوم، في هذا المهرجان المركزي، في ختام سلسلة من الأنشطة نظمتها لجنة الاثار والتراث والسياحة في بلدية طرابلس ونادي آثار طرابلس لمناسبة “يوم طرابلس” الذي يصادف في السادس والعشرين من نيسان سنويا، يهدف إلى تعريف الناشئة والاجيال المتعاقبة بأهمية طرابلس ودورها الحضاري والتاريخي، خاصة وانها تختزن بين جنباتها كنزا عظيما وكبيرا من المواقع الأثرية التراثية يفوق عمر بعضها آلاف ومئات السنين في المدينة القديمة والضواحي، فاكتسبت عن جدارة لقب مدينة العروبة والوطنية والعيش المشترك، مدينة العلم والعلماء، والعاصمة المملوكية الثانية بعد العاصمة الاولى القاهرة”.
أضاف: “يوم 26 نيسان هو يوم تحرير طرابلس سنة 1289 على يد القائد المنصور قلاوون، من الاحتلال الفرنجي الأوروبي، ويوم تأسيس المدينة المملوكية التي تفخر بمساجدها وكنائسها ومدارسها وحماماتها وخاناتها وأبراجها وسُبُل مياهها وقصورها وأسواقها وساحاتها ونقوشها وزخارفها. وعمدنا منذ العام 2002، في عهد رئيس البلدية الاسبق المرحوم العميد سمير الشعراني، وكنت وقتها عضوا في المجلس البلدي ورئيسا للجنة الشباب والرياضة في البلدية، وبعد التشاور مع الرئيس الشعراني، قررنا الاحتفال بيوم طرابلس كما تحتفل معظم المدن بتاريخها، وعليه تواصلت يومها مع المؤرخ الكبير الأخ والصديق الدكتور عمر تدمري الذي حدد يوم 26 نيسان يوما لطرابلس، ونظمنا احتفالية كبرى امام كاميرات وسائل الإعلام ومحطات تلفزيونية لبنانية وعربية وعالمية، اختتمت بمسيرة مملوكية كبيرة جدا، جابت المدينة القديمة وشوارع وساحات طرابلس وشارك فيها باللباس المملوكي والتراثي، منتسبو الجمعيات الكشفية والرياضية والجمعيات الاجتماعية الخيرية والصحية والهيئات التربوية والمجتمع المدني وفرقة كبيرة من الخيالة إلى الفرق الصوفية والفتلة المولودة وكل العاملين في الحرف الفنية اليدوية والمشروبات الطرابلسية، إضافة إلى الشرطة البلدية، ومنذ ذلك الوقت وبلدية طرابلس ممثلةً بلجنة الاثار والتراث ودائرة العلاقات العامة فيها، وبالتعاون مع نادي آثار طرابلس، نحتفل بهذا اليوم بمجموعة من الأنشطة، تهدف إلى تعريف أبناء طرابلس وشبابها بأهمية تاريخها وأمجادها العظيمة، لا سيّما من خلال تنظيم المسابقة الميدانية التراثية، التي أقيمت هذا العام للسنة العشرين على التوالي”.
وتابع: “لكن أيها الأخوة وللأسف نحن نعيش فيما يشبه حالة انفصام بين ما يعرفه اهل طرابلس وكل اللبنانيّن والعرب عن مَخزونات المدينة ومقدراتها ومدخراتها ومواقعها الأثرية التاريخية. نحن بحاجة إلى بذل كل الجهود لتعريف الناشئة بتاريخ المدينة، خاصة وان معظم العائلات الطرابلسية التي كانت تعيش بالمدينة القديمة قد غادروها، والأولاد والأحفاد وأحفادهم باتوا لا يعرفون عن تاريخ مدينتهم شيئا، وهذا مؤسف جدا، نحن نأمل كبلدية وهيئات معنية باثار طرابلس وتاريخها، نأمل من الحكومة وتحديدا من وزارت الثقافة والسياحة والاعلام والادارات المعنية إعطاء طرابلس الاهتمام الازم عبر ابتكار وتنظيم أنشطة وبرامج واحتفاليات لا تقتصر بيوم تحرير طرابلس فقط، بل تتعداه إلى مواسم ومناسبات وطنية ودينية ومخيمات صيفية وإطلاق مسابقات متنوعة تفرض على الاجيال نبش التاريخ والتمكن من المعلومات الصحيحة، وعندها يتعلق شباب المدينة بتاريخهم المجيد ونكون قد وضعنا العربة على السكة الصح، ونكون قد استثمرنا في الثروة الأثرية والتاريخية الضخمة وهذا الإرث الكبير سيكون بمثابة البترول او الثروة والذهب، ويمكن أن تنتعش المدينة وتعود إلى موقعها الطبيعي، مدينة كبرى من أهم المدن واغناها على طول شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وتجسيدا لهذه الرؤية، كانت المسابقة الثقافية التراثية الميدانية العشرون، التي شارك فيها بجدارة نحو 400 شاب وشابة من مختلف المناطق، وسيتم بعد قليل تكريَمهم بدروع تقديرية وكؤوس وشهادات مشاركة”.
اضاف: “ان احتفالنا بيوم المدينة يتزامن مع عرس ثقافي كبير تعيشه المدينة من خلال فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024 بقرار من مجلس جامعة الدول العربية، وستشهد المدينة بإذن الله، بفضل جهود الأخ والصديق الوزير المرتضى تنظيم أنشطة عربية ودولية على مستوى عالٍ، وكلنا ثقة بهمة وعزيمة الوزير المرتضى، ويدنا بيده رئيسا ومجلسا بلديا لإنجاح فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية، والاستثمار بالعقول النيرة والاستفادة من مدخرات المدينة ومخزونها الأثري القيم”.
وأردف: “اننا في بلدية طرابلس نفتخر ونعتز بهذا التاريخ يوم طرابلس المجيد، نحتفل به جميعا كطرابلسيين واهالي الاقضية المجاورة من الكورة والمنية الضنية ومحافظة عكار وصولا إلى بشري، من كل الطوائف مسلمين ومسيحين، هم جميعا شكلوا صفا واحدا إلى جانب جيش المنصور قلاوون في مواجهة احتلال الفرنجة الصليبين الذين اندحروا إلى غير رجعة”.
وشكر ختاما، “كل الذين ساهموا في إنجاح هذا المهرجان، لا سيما الوزير المرتضى على حضوره ومواكبته هذه الفعالية، ولجنة الآثار والتراث والسياحة في البلدية برئاسة الزميل الدكتور خالد تدمري، وشباب نادي آثار طرابلس المتطوعين ورئيسه الأستاذ بكر الصديق، وجمعية مكارم الأخلاق الإسلامية وإدارة ثانوية روضة الفيحاء وكل الجامعات والمدارس والجمعيات الكشفية والرياضية والتربوية المشاركة”.
وعرضت بعد ذلك افلام وثائقية عن آثار طرابلس وتحرير المدينة على يد السلطان قلاوون، فمشهد مسرحي.
اسلامبولي
بدوره تحدث ممثل مفتي طرابلس والشمال الشيخ عبد الرزاق اسلامبولي عن الظروف التي تشهدها البلاد، متطلعا الى انقاذ البلاد وتثبيت الأمن والسلام. واعتذر لعدم حضور المفتي إمام الحاضر في المجلس الشرعي. وقال: “ان طرابلس عرفت عبر تاريخها تقلبات كثيرة ومتغيرات وثبتت مع كل ذلك على ثوابتها وخطها الاصيل وتكوينها الجوهري. وان معدن طرابلس اصلب من الافتراء والغدر ، فنصاعة طرابلس أبهى وتبقى مدينة العلم والعلماء وواحد امان للعيش المشترك”.
ولفت الى “تجاوز المدينة الازمنة وانه تشهد لها اثارها بكل الحقبات وصولا الى تحريرها على يد السلطان قلاوون”، لافتا الى ان “آثارها التي تشهد لتاريخها ولمكانتها التي تنبىء عن حضارتها، وتمسكها بالامن والسلام ووحدة عيشها والحراك والنضال والتضحيات الكبرى في الدفاع عن العرض والشرف وفي وجه كل عدوان وهي الأكثر تفاعلا مع قضايا امتها الكبرى”. واذ اكد انها ستبقى عاصمة لكل مكرمة، ذكر بأن غزة تعاني من العدوان والخذلان.
يذكر انه قدمت دروع تذكارية للوزير المرتضى والمشاركين في احياء يوم طرابلس.
==== ن.ح.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook