آخر الأخبارأخبار محلية

من الهجوم الإيراني إلى الرد الإسرائيلي.. هل انتهى التصعيد؟

أكثر من أسبوع مرّ على الهجوم الإيراني على إسرائيل، ردًا على استهداف الأخيرة للقنصلية في دمشق، واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، ولم ينتهِ حبس الأنفاس بعد على مستوى المنطقة، الخائفة من الانجرار إلى “حرب إقليمية شاملة” لا يبدو أنّ أحدًا يريدها في الوقت الحاليّ، وهو حبس أنفاس يبدو أنّ ما سُمّي بـ”الرد الإسرائيلي المضاد” لم يضع حدًا له، خصوصًا مع عدم اعتراف طهران به، واعتباره بالتالي “كأنّه لم يكن”.

Advertisement










 
مع ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ الموقف الإيراني “المتجاهل”، معطوفًا على شكل الردّ الإسرائيلي، على محدوديّته، وبالتالي عدم فاعليّته، “تكاملا” من أجل إنهاء جولة التصعيد الحاليّة، وفق معادلة “رابح-رابح”، أو ربما “خاسر-خاسر”، بحيث أنّ كلّ طرف يمكن أن يعتبر نفسه “رابحًا”، وبالتالي أنّه أدّى “ما عليه” لحفظ ما يصفها بـ”هيبة الردع” لديه، وبالتالي يمكن أن ينتهي الأمر هنا، من دون الانجرار إلى جولات قتال أخرى، يمكن أن تفاقم الصراع.
 
وإذا كان ليس سرًا أنّ الولايات المتحدة لعبت دورًا في “ضبط إيقاع” المواجهة بهذا الشكل، هي التي سارعت للتنديد بالهجوم الإيراني، لكنّها “ضغطت” أيضًا على إسرائيل لمنعها من الإقدام على أيّ ردّ يمكن أن يفضي إلى مواجهة شاملة، فإنّ ذلك لا يحجب علامات الاستفهام التي لا تزال تُطرَح، فهل انتهت جولة التصعيد الإيرانية الإسرائيلية فعلاً بهذا الشكل؟ وكيف يمكن أن ينعكس ما جرى على “الجبهات المفتوحة”، وبينها جبهة لبنان؟!
 
“احتواء التصعيد”
 
قد يكون التعبير الذي استُخدِم للمفارقة في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد هجوم أصفهان في توصيفه، “الأبلغ تعبيرًا”، عن واقع الأمور، والأهداف المنشودة من الهجوم والتبعات المفترضة له، حيث أشارت إلى أنّ الرد الإسرائيلي “صُمّم بطريقة تمكّن طهران من احتوائه”، وذلك يؤشر إلى أنّ ما أرادت إسرائيل أن تقوله من خلال الهجوم هو أنّها لم تترك الهجوم الإيراني عليها من دون ردّ، وبالتالي أنّ الموضوع ينتهي هنا.
 
ولعلّ ردّة الفعل الأميركية تسهم في تكريس هذا الانطباع، حيث سارعت الولايات المتحدة إلى التأكيد أنّها “لم تشارك” في الهجوم الإسرائيلي، ليس من باب النأي بالنفس بالضرورة، بل من باب “احتواء” التصعيد أيضًا، تفاديًا لانزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة، أصبح واضحًا أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تخشاها في هذه المرحلة، خصوصًا على أبواب منافسة انتخابية حامية، يزيدها الوضع في المنطقة صعوبة، بل ربما “ثقلاً”.
 
وليس سرًا أنّ القواعد نفسها تنطبق أيضًا على الموقف الإيراني من الهجوم الإسرائيلي، لجهة “تحجيمه” بكلّ الأدوات المُتاحة، تارة عبر عدم الاعتراف بحصوله، وتارة عبر التقليل من شأن الأسلحة المُستخدَمة فيه، وكلّها تندرج في خانة الإيحاء أنّ مثل هذا الهجوم “لا يستوجب الرد”، بل إنّ “الردّ” عليه يعطيه أهمية لا يستحقّها، وهو ما تؤكده التصريحات الإيرانية الرسمية التي استمرّت بالتلويح بهجوم مضاد على أي “مغامرات إسرائيلية”، وكأنّ أيّ ردّ لم يحصل.
 
هل انتهى التصعيد؟
 
مع ذلك، ثمّة من يعتبر أنّ الردّ المحدود شكلاً ومضمونًا، لم يُخرِج إسرائيل من “المأزق” الذي وجدت نفسها به، فأيّ مقارنة بينه وبين الهجوم الإيراني لا تبدو لصالحه، حتى على مستوى “الحرب النفسية”، علمًا أنّ مسؤولين إسرائيليين لم يتردّدوا في انتقاد الهجوم، كما فعل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي وصفه بـ”الضعيف”، ولو أنّ هناك من يرى أنّه يتقاطع معه في مسألة تكريس “سابقة” المواجهة المباشرة في الصراع، بعيدًا عن “حروب الوكلاء”.
 
لذلك، يرى البعض أنّ الهجوم الإسرائيلي قد لا يعني فعليًا انتهاء جولة التصعيد بأتمّ معنى الكلمة، إلا أنّه قد يعني انتهاءها في سياقها المستجدّ على مستوى “المواجهة المباشرة”، مع احتمال العودة في المرحلة المقبلة، لما كانت تُعرَف بـ”حرب الظلّ” بين الجانبين، علمًا أنّ هناك العديد من الهجمات المنسوبة لإسرائيل داخل إيران على مدى السنوات الماضية، ولو بقيت من دون اعتراف رسمي، وبينها عمليات اغتيال لعلماء نوويين ومستشارين عسكريين.
 
وإلى جانب احتمال عمليات إسرائيلية، وربما متبادلة، على مستوى “حرب الظلّ”، ثمّة من يتوقع انعكاسات “محتملة” للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية على خط “الجبهات المفتوحة”، وبينها “جبهة لبنان”، التي شهدت بعض التصعيد في الأيام الأخيرة، ولو أنّ هناك من يعتقد أنّ المستوى العسكري الإسرائيلي يصبّ اهتمامه الآن على غزة، وتحديدًا على عملية رفح المؤجَّلة، والتي قد يرغب بـ”التفرّغ لها” الآن بشكل أو بآخر، وسط تحذيرات من تداعياتها الكارثية.
 
هي نهاية جولة ربما، لكنها ليست نهاية حرب. هكذا يختصر العارفون الوضع بعد الهجوم الإسرائيلي المحدود على أصفهان. وفقًا لهؤلاء فالمعادلة الثابتة أن الطرفين لا يريدان الحرب الشاملة الآن، وهذه الرسالة كانت أكثر من واضحة في “خفايا” الهجومين، ما دفع كثيرين لوصفهما بـ”المسرحية”. لكنّ الخوف يبقى مشروعًا من أيّ “دعسة ناقصة” يمكن أن تفضي تلقائيًا للحرب، التي باتت أقرب من أيّ وقت مضى، برأي المطّلعين!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى