الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: مجلس وزراء تشاوري اليوم.. ولبنان يترقب قراراً أوروبياً حول النازحين
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية”: يستمر لبنان والمنطقة في التنقّل من حبس أنفاس الى آخر، ويتوقع أن يبقيا على هذه الحال الى حين رسوّ الاوضاع اللبنانية والاقليمية على بر معيّن. فبعد حبس الانفاس الذي سبق الرد العسكري الايراني على اسرائيل ورافقه وتلاه، بدأت مرحلة أخرى من حبس الانفاس في ضوء قرار مجلس الحرب الاسرائيلي بالرد العسكري على الرد الايراني، والذي سيستدعي رداً جديداً لوّحت به طهران في وجه إسرائيل.
لامسَ لبنان الرد الايراني على الاستهداف الاسرائيلي الاخير للقنصلية الايرانية في دمشق من خلال ما شهدته الجبهة الجنوبية من مواجهات وهجمات قُبَيل الرد فجر امس وخلاله وبعده من القطاع الغربي صعوداً حتى القطاع الشرقي والجولان، وما رافقه من استنفار عام وتحسّب لكل الاحتمالات فرض إغلاق الاجواء اللبنانية امام الملاحة الجوية منذ منتصف ليل امس الاول وحتى صباح امس.
وقد جاء الرد الايراني والتوعد الاسرائيلي بالرد عليه ليصرف الاهتمام عن الاستحقاقات الداخلية التي يتوقع ان تتحرك الاتصالات والمشاورات في شأنها لبنانياً وعلى مستوى المجموعة الخماسية العربية والدولية التي سيُعاود سفراؤها لقاءاتهم مع المسؤولين والكتل السياسية والنيابية بعد يومين، حيث من المقرر أن يلتقي سفراء فرنسا ومصر وقطر خلال الايام القليلة المقبلة كلّاً من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وتكتل «الاعتدال الوطني» وكتل نيابية أخرى، وذلك في اطار التحضير لتشاور نيابي يمهّد لعقد جلسات انتخابية مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وفي ضوء التطورات الداخلية والاقليمية المُتأتية عن الرد الايراني على اسرائيل وما يمكن ان يكون له من تداعيات على لبنان والمنطقة في ضوء الرد الاسرائيلي المتوقّع عليه حسبما َرشح من اجتماع حكومة الحرب الاسرائيلية مساء امس، استبدلَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء دعا اليها أمس بجلسة تشاورية تُعقد عند التاسعة والنصف صباح اليوم في السرايا الحكومية، وذلك «شعوراً منه بالمسؤولية الوطنية وضرورة استمزاج آراء معظم السادة الوزراء والاستماع اليهم لا سيما في هذا الظرف الدقيق التي تمرّ به البلاد»، وذلك بحسب بيان وزّعه مساء أمس الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية.
مرجع حكومي
وقال مرجع حكومي لـ«الجمهورية» انه سيتم خلال الجلسة التشاورية البحث في ملف النازحين عشيّة القمة الاوروبية المقررة بعد غد في بروكسل، كما سيتم البحث في الأوضاع السائدة في المنطقة واعلان موقف في هذا الصدد. كذلك سيستمع المجتمعون من المدير العام لوزارة الاقتصاد الى عرض حول الواقع التمويني في البلاد واسعار المواد الغذائية والتموينية وتحديد ما يمكن اتخاذه من اجراءات لتخفيف الاعباء عن المواطنين. واشار الى ان البحث سيتناول الوضع السائد في الجنوب في ضوء الاعتداءات الاسرائيلية المتمادية والعمل على مساعدة الجنوبيين في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
وكان ميقاتي قد أهابَ، لدى دعوته الى جلسة مجلس الوزراء التي استبدلت بالجلسة التشاورية، بجميع الوزراء المشاركة في الجلسة ولا سيما المقاطعين منهم، معتبرا ان حضورها «ضروري في هذا الظرف الدقيق ولا سيما على المستوى الوطني». واعتبر أن الدعوة الى جلسة تأتي من «باب واجباته الدستورية وشعوراً منه بالمسؤولية الوطنية»، واضعاً الدعوة «بتصرف الجميع تلبية لنداء الواجب الوطني وهم الحريصون عليه».
تحريك عودة النازحين
وقد تلاحقت مواقف ميقاتي، خلال الأيام القليلة الماضية، حول سبل معالجة قضية إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم. فالخميس الماضي، أعلن خلال تقديم التعازي لعائلة المغدور باسكال سليمان، أنه يتم العمل على حل وَصَفه بـ»المهم جداً جداً» في ملف النزوح السوري، وأنه سيتم الكشف عن هذا الحل في نهاية شهر نيسان الجاري، مشيراً إلى أنه سبق وطُرحت حلول وخطط في ملف النازحين، «وكلها لم توضع موضع التنفيذ، أمّا اليوم فإن الحلول هي للتطبيق».
ومن بكركي، قال ميقاتي بعد زيارته البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: انّ الحل (للنازحين) يبدأ باعتبار معظم المناطق في سوريا مناطق آمنة، لنقوم بترحيل السوريين الذين قدموا إلى لبنان تحت عنوان لاجئين. وعندما يصبح هناك اعتراف دولي بوجود مناطق آمنة في سوريا، سيتم ترحيل معظم السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية الذين لا يؤدون أي عمل أو لا يكونون في لبنان تحت غطاء قانوني».
وفي خلفيات «اطمئنان» ميقاتي ورهانه على «الحل المهم»، علمت «الجمهورية» من مصادر وزارية لبنانية، أنه خلافاً لأجواء بعض الوزراء السلبية حول الموقف الأوروبي من خطة الحكومة لإعادة النازحين السوريين والضغط لعدم تنفيذها، فإنّ ميقاتي يراهن على اتصالات سيجريها الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الذي زار لبنان أخيراً، مع دول الاتحاد الأوروبي، لتغيير سياساتها حيال إعادة النازحين السوريين ودعم عودة الراغبين منهم بالعودة مهما كان عددهم.
وينتظر أن يجري الرئيس القبرصي هذه الاتصالات خلال المؤتمر الدولي الذي ينظّمه الاتحاد الاوروبي في بروكسل نهاية أيار المقبل، والخاص بالوضع في سوريا والنازحين السوريين والمهاجرين. وسيطرح الرئيس القبرصي ملف النازحين في هذا المؤتمر، ويتحدث عن خطر النزوح على لبنان وقبرص أيضاً، وضرورة ان يوجِد المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي حلاً لهذا الملف.
وأفادت أوساط حكومية معنية أن لبنان ينتظر قراراً مهماً يصدر بعد غد الأربعاء عن الإتحاد الأوروبي، ويعتبر أن سوريا بجزءٍ كبيرٍ منها أصبحت آمنة لعودة النازحين. وأشارت هذه الاوساط إلى أن كُلاً من فرنسا وألمانيا تعارضان هذا القرار، في حين أن هذا الموقف سيحضر في مؤتمر بروكسل الخاص بموضوع سوريا والنازحين المقرر الشهر المقبل، الذي دُعي رئيس الحكومة الى المشاركة فيه باعتبار لبنان دولة مستضيفة للنازحين، كذلك سيشارك فيه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«الجمهورية» تَفهم الغرب للموقف اللبناني من مسألة النازحين، لأن لبنان لم يعد قادرا على تحمل الاعباء، معتبرة أن هناك عملا جاريا لإيجاد حل بما يصبّ في مصلحة لبنان ويُطمئِن النازحين.
عين على بروكسل
ولذلك تتجه الأنظار الى ما يمكن أن تأتي به القمة الاوروبية المقررة بعد غد في بروكسل على مستوى الرؤساء، حيث ستناقش المبادرة التي تنوي قبرص طرحها ومعها اليونان سعياً الى تسويق خطة الاتحاد لتسهيل عودة النازحين السوريين من تلك الدول الى أراضيهم الأصلية في سوريا وما تقتضيه المرحلة.
وقبل أيام على هذه القمة لفتت مصادر ديبلوماسية غربية عبر «الجمهورية» الى صعوبة اتخاذ أي قرار في المرحلة الحالية تُجمِع عليه الدول الأوروبية الـ27، إن وصلت المناقشات الى أي اقتراح يتعلق باعتبار انّ هناك مناطق واسعة في سوريا آمنة ويمكن أن تستعيد نازحيها سواء من لبنان او من الدول الأوروبية.
طرح «القوات»
الى ذلك، وغداة مراسم دفن منسق «القوات اللبنانية» في مدينة جبيل باسكال سليمان، كشفت مصادر في «القوات اللبنانية» انّ وفداً من كتلتها النيابية سيزور وزير الداخلية بسام مولوي اليوم تتقدّمه النائب ستريدا جعجع لعرض اقتراحات عدة تتناول ملف النزوح السوري، وستقدم مجموعة من الأفكار العملية التي يمكن ترجمتها بسلسلة من التعاميم تُكمل ما بدأته الوزارة قبل فترة. وكما في السابق يمكن تعميمها على البلديات ورؤساء اتحاداتها كما على مستوى الاقضية والمحافظات.
تصعيد عسكري
وعلى الجبهة العسكرية، اعتدت اسرائيل مجدداً امس على منطقة البقاع، حيث أغار طيرانها الحربي على السهل بين بلدات النبي شيت وسرعين الفوقا والخضر في منطقة البقاع الشرقي، استهدف منزلاً خالياً ولم تقع اصابات. وافادت مصادر ميدانية أن الغارة التي حصلت كانت عنيفة جداً، حيث سُمع دويّها في أرجاء المنطقة، وهي حصلت قرب عدد من المنازل. وزعم الجيش الإسرائيلي انه قصف «موقعاً مهمّاً تابعاً لـ»حزب الله» لصناعة الوسائل القتالية بمنطقة النبي شيت في العمق اللبناني».
وواصل العدو الاسرائيلي طوال ليل امس الاول وحتى فجر امس، عدوانه على قرى الجنوب، فنفّذ سلسلة من الغارات الجوية العنيفة وقصفا مدفعيا ثقيلا وصواريخ أرض ـ أرض استهدفت منطقة الخريبة بين الخيام وراشيا الفخار ومنطقة برغز والدلافة في حاصبيا. وتَبعَ ذلك قصف مدفعي عنيف من عيارَي 155 و 175 ملم وإطلاق صواريخ أرض ـ أرض في اتجاه منطقة برغز والخريبة في أطراف الخيام، وعلى منطقة الخردلي والمناطق الحرجية في أطراف بلدة كفرشوبا، وعلى محيط بلدة حولا ووادي السلوقي. وبين الرابعة فجراً والخامسة والنصف صباحاً، اغار الطيران الحربي على كفركلا والعديسة والخيام، واستهدف بالصواريخ مرتفعات إقليم التفاح.
وتمّ تسجيل عدد من الاصابات وشهيد من جرّاء الغارة على الخيام. كذلك، سجّل انفجار صاروخ قرب مكتب مخابرات الجيش في بلدة جديدة مرجعيون، وقالت الوكالة «الوطنية للإعلام» إن العناصر العسكرية نَجت بأعجوبة، حيث تسبب الصاروخ بأضرار مادية جسيمة في المكان والمنازل المجاورة. وقبَيل العاشرة صباحاً، أغار الطيران الاسرائيلي على محيط منطقة المتنزهات في جبل صافي بأقليم التفاح. كذلك أغار مجددا على بلدة كفركلا وعلى بلدتي مارون الراس وعيترون.
وردًا على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى والبلدات الآمنة، أعلنت «المقاومة الإسلامية» انّ مجاهديها استهدفوا فجر أمس مقر الدفاع الجوي والصاروخي في «ثكنة كيلع» في الجولان السوري المحتل بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
وردوا على الغارات الإسرائيلية الليلية التي استهدفت عددًا من القرى والبلدات الآمنة وآخرها الخيام وكفركلا باستهداف المواقع الإسرائيلية «نفح ويردن وكيلع» في الجولان السوري المحتل بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
فيما أعلنت قناة 12 العبرية: انه تمّ ليل السبت – الاحد إطلاق أكثر من 100 صاروخ من لبنان في اتجاه المناطق الشمالية.
واعلنت المقاومة الإسلامية استشهاد احد المقاومين، وهو جهاد علي أبو مهدي، من بلدة الخيام في جنوب لبنان، «والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس».
عينٌ على واشنطن
وفي هذه الاجواء المحمومة عسكريا والمعقدة سياسيا وماليا ونقديا، قالت مصادر وزارية ومالية لـ«الجمهورية» انّ الأنظار ستتجه في الساعات المقبلة الى اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن المقررة بدءاً من بعد غد الاربعاء، والتي سيشارك فيها لبنان بوفد وزاري ومالي على أعلى المستويات يضمّ نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير الاقتصاد أمين سلام وحاكم مصرف لبنان المركزي بالانابة الدكتور وسيم منصوري وعدد من المساعدين الكبار، وقد سبقهم الى العاصمة الاميركية مستشار رئيس الحكومة سليم الضاهر قبل أيام قليلة من أجل القيام باتصالات مسبقة.
وعلى جدول أعمال الاجتماعات الدورية السنوية، وخصوصا بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، مصير التفاهم الأولي على مستوى الموظفين الكبار الذي تم التوصّل إليه مع لبنان في مطلع نيسان قبل عامين ومستجدات الوضع النقدي والمالي اللبناني في ضوء التطورات الجارية في المنطقة وعجز اللبنانيين عن القيام بأي خطوة إصلاحية سبق لهم أن تعهّدوا بها منذ ذلك الاتفاق، وما يمكن ان يؤدي اليه تعثّرها.
وعلى جدول أعمال اجتماعات البنك الدولي أيضا عدد من البنود الخاصة بعلاقاته مع لبنان، وخصوصاً ما يتعلق ببعض القروض المعقودة مع لبنان، والتي خصّص بعضها لدعم المجتمعات الضعيفة والفقراء عبر وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد التي استثمرت في دعم القمح على مدى الفترة السابقة وسط محاولات لتجديد طرح بعض طلبات القروض الاضافية التي يحتاجها لبنان في المجالات عينها.
لبنان والهجوم
من جهة ثانية، وعلى وَقع الرد الايراني على اسرائيل شهدت محطات المحروقات في جنوب لبنان ومناطق بيروت ليل السبت – الاحد زحمة شديدة، مع اصطفاف طوابير السيارات لتعبئة البنزين، وذلك خوفاً من انقطاعه اذا حصل أي تصعيد أمني داخل المناطق اللبنانية، بعد الهجوم الايراني على الكيان الاسرائيلي الذي أدى إلى توتر الوضع الأمني في الشرق الاوسط كله.
وقال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا صباح امس ان المحروقات مؤمنة والكميات الموجودة تكفي لأيام، ومادتي البنزين والمازوت متوافرتان ولا داعي للقلق عند المواطنين.
وقد علّق مطار بيروت الدولي رحلاته منذ الثانية فجر امس حتى السابعة صباحاً، ثم اعلنت شركة «طيران الشرق الأوسط» في بيان، انه «نظراً للتطورات المستجدة في المنطقة تعلن شركة طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية عن تأجيل جميع رحلاتها التي ستنطلق صباح الأحد (أمس) الى مواعيد تُحدد لاحقاً باستثناء الرحلات التالية التي ستُقلع من مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت عند الساعة التاسعة صباحاً».
وأعادت المديرية العامة للطيران المدني فتح مطار رفيق الحريري الدولي عند السابعة صباح أمس، وذلك بعد أن تم إغلاق المجال الجوي اللبناني احترازيًا منذ الاولى فجر امس بسبب التوترات التي شهدتها المنطقة عقب الرّد الإيراني على القصف الإسرائيلي لقنصلية إيران في دمشق.
===
مصدر الخبر
للمزيد Facebook