الأسير الفلسطيني وليد دقة.. مات في السجون الإسرائيلية وهُّدمت خيمة العزاء التي أقامتها عائلته
بالرغم من الحملات العديدة من أجل إطلاق سراحه في ظل تدهور وضعه الصحي، توفي الأحد الأسير الفلسطيني وليد دقة عن سن تناهز 62 سنة نتيجة “التعذيب والإهمال الطبي”، حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني. فيما طالبت منظمة العفو الدولية الإثنين إسرائيل بإعادة جثمان وليد دقة إلى عائلته ليدفن “في أجواء سلمية ولائقة”. في المقابل، أشاد وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير بالشرطة لهدم خيمة العزاء التي أقيمت في مسقط رأسه.
نشرت في:
6 دقائق
هو واحد من ضمن 24 أسير فلسطيني ممن تم اعتقالهم قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، فقد تم اعتقال وليد دقة عام 1986 بتهمة قتل جندي إسرائيلي قبل سنة من اندلاع انتفاضة الحجارة بعد حادثة دهس عمال فلسطينيين على أحد الحواجز من قبل إسرائيلي لاذ بالفرار في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1987.
وفي نفس السنة صدر حكم بالسجن المؤبد على وليد دقة إلى أن توفي الأحد عن سن 62 سنة في أحد المستشفيات الإسرائيلية، ليكون بذلك وليد دقة السجين السياسي الفلسطيني الرابع عشر الذي يموت في سجون إسرائيل خلال الأشهر الستة الماضية، بعد أن أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني وفاته.
في المقابل، أعرب وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير على وسائل التواصل الاجتماعي عن أسفه لأن الأسير وليد دقة لم يواجه عقوبة الإعدام، ولم يتردد بن غفير في الإشادة بالشرطة لهدم خيمة العزاء التي أقيمت في مسقط رأس دقة.
الموت بالسجون الإسرائيلية
أدين وليد دقة الذي أعتقل في 25 مارس/آذار 1986 بقيادة مجموعة مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمشاركة في اختطاف وقتل الجندي الإسرائيلي موشيه تمام عام 1984، وهو ما نفاه دقة، لكن الحكم صدر ضده بعد سنة واحدة، ولئن قالت مصلحة السجون الإسرائيلية إن جميع السجناء لديها محتجزون “وفقا لأحكام القانون”، فإن منظمة العفو الدولية تؤكد أن “إدانته استندت إلى قوانين الطوارئ في بريطانيا ذات المستوى الأقل من متطلبات الإثبات مقارنة بالقانون الجنائي الإسرائيلي.”.
وعلى الرغم من نفيه كل التهم التي وجهت إليه، إلا أن المحكمة الإسرائيلية التي نظرت في ملفه آنذاك، أصدرت حكمها عليه بالإعدام في البداية، ليتم التخفيف بعد ذلك بالسجن المؤبد، ثم التخفيف مرة ثانية في الحكم ليصبح 37 سنة.
وبالرغم من أنه كان من المقرر إطلاق سراحه السنة الفارطة مثلما أكدت ذلك جمعية نادي الأسير الفلسطيني، إلا أن وليد دقة قضى 38 سنة كاملة قبل أن يتوفى، فقد تم مرة أخرى الحكم عليه، من قبل محكمة عسكرية إسرائيلية، والترفيع في عقوبته بسنتين إضافيتين بتهمة تزويد سجناء آخرين بهواتف محمولة، على الرغم من مرضه العضال.
جثمان وليد.. من أجل دفن سلمي..
كان طلب منظمة العفو الدولية الاثنين صريحا بخصوص تسليم جثمان وليد دقة لعائلته، حيث قالت مديرة البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات إريكا جيفارا روساس “يجب على السلطات الإسرائيلية الآن أن تعيد جثمان وليد دقة إلى عائلته دون تأخير حتى يتمكنوا من دفنه في أجواء سلمية ولائقة والسماح لهم برثائه دون خوف”، وهذا المطلب سبقته مطالب عديدة ومنذ سنوات طويلة بخصوص وليد دقة، خاصة بعد تدهور حالته الصحية، حيث قالت روساس “من المؤلم أن يموت وليد دقة في سجن إسرائيلي رغم الدعوات الكثيرة للإفراج العاجل عنه لأسباب إنسانية بعد تشخيص إصابته بسرطان النخاع العظمي في 2022 وانتهاء مدة عقوبته الأصلية”.
ولئن أوصت عديد المنظمات الحقوقية والمؤسسات الطبية بإطلاق سراح وليد دقة، إلا أن كل المحاولات فشلت في الإفراج عنه خلال السنتين الماضيتين عقب اكتشاف إصابته بنوع نادر من السرطان، مثلما أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني، ولذلك حمل رئيس الهيئة قدورة فارس الجانب الإسرائيلي مسؤولية وفاة دقة، مؤكدا لوكالة الأنباء الفرنسية أن وفاة دقة جاءت “نتيجة سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الأسرى”، مضيفا أن “سياسة الإهمال تفاقمت بعد أحداث اكتوبر (هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل)”.
ومن جهته أكد نادي الأسير الفلسطيني، وهو مؤسسة تعنى بمتابعة أوضاع المعتقلين الفلسطينيين، أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ارتفع بعد التاريخ المذكور من خمسة آلاف معتقل إلى أكثر من تسعة آلاف.
دقة يخلق حياة خارج أسوار السجون
لم يمنع السجن طيلة العقود الأربعة الماضية، دقة من خلق حياة موازية خارج زنازين الاعتقال فقد تزوج عام 1999 بزوجته سناء سلامة، وبعد نحو عشرين عاما، وتحديدا في شباط/ فبراير 2020، نجح وليد وسناء في إنجاب طفلتهما الوحيدة “ميلاد” وذلك عبر “النطف المحررة”، مثلما ذكرت ذلك زوجته سناء سلامة التي قالت “إنها حملت باستخدام حيوانات منوية من دقة بعد أن منعتهما السلطات الإسرائيلية من الزيارات الزوجية.”.
صنع وليد دقة أكثر من حياة من خلال ما كان يدونه في سجنه من المقالات والكتب والدراسات، والتي نجح في تسريبها خارج المعتقل لتجد طريقها إلى آلات المطابع ومنها إلى واجهات المكتبات، فقد صدرت له عديد المؤلفات منها “الزمن الموازي”، و”يوميات المقاومة في مخيم جنين”، و”صهر الوعي”، و”حكاية سر الزيت”، وهي إصدارات، إلى جانب المقالات والدراسات، ساهم بها وليد دقة “معرفيا في فهم تجربة السّجن ومقاومتها” مثلما وصفت ذلك وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
وتعرض دقة “لجملة من السياسات التنكيلية على خلفية إنتاجاته المعرفية بشكلٍ خاص، وسعت إدارة سجون الاحتلال للاستيلاء على كتاباته وكتبه الخاصة، كما واجه العزل الانفرادي، والنقل التعسفي”، مثلما ذكرت وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية.
فرانس 24/ أ ف ب/ رويترز
مصدر الخبر
للمزيد Facebook