قيامة ابن الإنسان… احتفالية للكونسرفتوار في الصرح البطريركي
استهلت الأمسية بمقطوعة موسيقية للمايسترو أندريه الحاج حملت عنوان “المساء”، في افتتاحية البرنامج الموسيقي الذي أبدع فيه القائد الساحر بالقيادة والتوزيع والكتابة الموسيقية، وأدار الأوركسترا بدقة التفاصيل المرهفة، وبالتناغم الانسيابي بين الآلات ورقة التوازن التي أرستها عصاه الماهرة وهي تلاحق النوطات وتوزعها بأناقة، مظهرا روحية العمل الموسيقي بدلالاته العميقة، ومضيفا بعدا جديدا على القيادة الشرقية وتوزيعها الموسيقي، الذي يشكل بداية لمرحلة جديدة للأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية في مشروع قادم لها.
وفي كلمة ألقتها، أشارت رئيسة الكونسرفتوار هبة القواس إلى أن “معهدنا شهد إنجازات مهمة تمثلت في عودات كبيرة للعديد من أقسامه وأجنحته الموسيقية والتعليمية والعزفية والأوركسترالية .وكما في كل النجاحات، ثمة من يكون حاضرا لمد اليد لتحقيق الأهداف. فكل الامتنان لمن ساهم في هذه العودات، عبر دعمه الكبير وحضوره المساند وهو معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى. وكذلك وبدعم غير مشروط وإيمان برسالتنا الوطنية، كانت وقفة حب ودعم لدولة الرئيس نجيب ميقاتي. وكيف يسعني أن أنسى من كافح وتعب وقدم مجهودا استثنائيا لتحقيق هذه العودة، فكل التحية والمحبة والشكر لأساتذة المعهد والموسيقيين والإداريين وجميع العاملين في الكونسرفتوار. وهكذا، استطعنا أن نعيد الحياة إلى هذا المعهد العريق، عبر العودة إلى التعليم، وعودة الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية في تشرين الثاني الماضي، لمزاولة حفلاتها وأنشطتها، كما عودة الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية في شباط الماضي، بعد أن كان المعهد بأقسامه وأوركستراته، متوقفا منذ العام 2019”.
وأضافت: “في أمسيتنا، نجدد الرابط والرسالة بين صروح لبنان الروحية والثقافية، تكريسا لانتمائنا إلى لبنان الحضارة والفكر والإشعاع، ونحن نحتفل بمناسبتين كبيرتين وعزيزتين على جميع اللبنانيين: الفصح المجيد وشهر رمضان المبارك. هذا اللقاء الروحي بين الأديان السماوية، الذي كرس فرادة لبنان في العالم أجمع. نقدم هذا اللقاء اليوم من صخرة بكركي الشاهدة على الأيقونة الإنسانية الوطنية الفريدة، وحاملة شعلة الإرث الماروني العريق نموذجا يقتدي به العالم، منذ بطريركه الأول مار يوحنا مارون، وصولا إلى سيدنا مار بشارة بطرس الراعي”.
وتابعت القواس: “لقاؤنا اليوم في زمن القيامة والرجاء، وما أحوجنا إلى القيامة الحق للنفوس المتعبة، والعطشى إلى ماء الحياة. للأرواح التائقة إلى السكينة والسلام، بعد درب جلجلة مشيناه بآلامه وأسقامه وعذاباته، والأحداق شاخصة إلى نور يسطع في قلوبنا من ندائه القدسي: “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم.”
وختمت:” أتوجه بالشكر والامتنان لغبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، على احتضانه ورعايته هذا الاحتفال، وعلى إيمانه بمعهدنا. راجين من الله أن يحفظ بكركي،
على رجاء قيامة لبنان الجديدة في قيامة المسيح المجيدة”.
من جهته، قال البطريرك الراعي: “نقول للدكتورة هبة والعازفين والمنشدين والممثلين والإدارة، أصعدتمونا إلى فوق فوق فوق، ونحن الآن نقوم بهبوط اضطراري، بعدما كنا هناك في قمة السعادة. والآن سنعود إلى مجتمعنا الذي يحتاج إلى الكثير لكي يرتفع، ولكن طالما لدينا المعهد الوطني العالي للموسيقى وطالما لدينا أوركسترا كهذه فليس هناك خوف. اللبنانيون معروفون في العالم أجمع، والعالم يشهد أنهم تعلموا الفن والموسيقى من لبنان، هذه الرسالة لن تنتهي ولن تتوقف. ولكن في قلوبنا جرح كنا نتمنى لو أن السياسة اللبنانية متلائمة مع هذا الواقع الذي عشناه الليلة، ولكن للاسف الشديد هناك هوة سحيقة، بين عالم الفن والمواهب عندنا والعالم السياسي، نحن أمام مجموعة من عالم آخر، هوة سحيقة بيننا وبينهم”.
وأشار إلى أن “نحن احتفلنا بقيامة ابن الإنسان، هذا التعبير الجميل الذي كان يحبه يسوع جدا وكان يسمي نفسه “ابن الإنسان”، ولم يقل مرة “ابن الله” على الإطلاق، لأن كان همه أن يعيش كالإنسان تماما ما عدا الخطيئة، وكان همه أن يقول للإنسان كيف يكون إنسانا. وطالما أن يسوع المسيح الإنسان قام، فإن كل إنسان مدعو أن يقوم لحياة جديدة وهذا هو الرجاء الكبير عندنا. منذ ألفي سنة قام المسيح، والآن دورنا، لأننا إن لم نقم إلى حياة أفضل وإلى جمال الحياة وجمال السياسة وجمال الاقتصاد والى جمال العائلة الوطنية، “بتكون راحت علينا” وكأن القيامة حدث من الماضي. القيامة حدث يجب أن يحصل كل يوم في كل واحد منا”.
وختم الراعي : “دكتورة هبة مرة جديدة أقول لك قدمت لنا أجمل هبة الليلة، ونحن سنعود إلى وادي الدموع قائلين ليت هذا الاحتفال لا ينتهي، المسيح قام”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook