هذه هي خسائر لبنان من استمرار حرب المساندة
Advertisement
فالذين كانوا يقصدون وطنهم الأم كل سنة في فصل الصيف يتردّدون هذه السنة، مع أن أهاليهم في لبنان يشجعونهم على المجيء ويطمئنونهم إلى أن الحرب بمفهومها الشامل لن تقع، وأن المناطق غير المستهدفة بالنيران الإسرائيلية تعيش حياة طبيعية، وإن كان القلق على أهل الجنوب ومصيرهم وما تتعرّض له منازلهم وأرزاقهم من قصف وحشي ينغّص عليهم هدوء الحياة شبه الطبيعية التي تعيشها تلك المناطق، التي لا تزال حتى الساعة في منأى عن الاعتداءات الإسرائيلية الآخذة بالتوسع جنوبًا وبقاعًا، وكأن ثمة مخطّطًا مبطّنًا لإبقاء جميع اللبنانيين وليس الجنوبيين فقط في حال من الترقّب والانتظار، حيث يعّد العدو في كل يوم مفاجأة أمنية مختلفة عن الأخرى كاستهداف بلدة أنصار في منطقة بعلبك البقاعية، وقبلها قصف مدينة النبطية، وقبل قبلها ضرب إقليم التفاح باستهداف بلدة جدرا؛ وقبل كل ذلك الوصول إلى الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري.
كثيرون من المغتربين اللبنانيين قرروا، ولو بحسرة، عدم السفر إلى لبنان هذا الصيف، لأن الأخبار تصل إليهم مضخّمة، وهم البعيدون عن مسرح الأحداث، خصوصًا أن قسمًا كبيرًا منهم يتحمّل قساوة الغربة عن وطنه لأنه عانى الكثير من الحروب العبثية. فإذا لم يقصد المغتربون وطنهم الأم هذا الصيف فإن ذلك يعني أن لبنان سيخسر أولًا هذه الحركة الحميمية النابعة من تعّلق المغترب بأرض أبائه وأجداده، وسيخسر أيضًا المردود المادي الناتج عما يُصرف في تلك الفترة، والذي يقدّر سنويًا بعشرة مليار دولار تعيد بعضًا من الحيوية إلى الميزان التجاري في بلد يحتاج إلى كل دولار حتى يستطيع أن يوازن بين ما يستهلكه وبين ما يستورده، فضلًا عن الخسائر المباشرة التي تقع على رأس كل لبناني نتيجة هذه “الحرب العبثية” كما سمّاها البطريرك الراعي، ولو اقتباسًا عن بعض أهل الجنوب.
فاللبناني المغترب اليوم كاللبناني المقيم. كلاهما يخافان على المصير ويخشيان من أن يكون مستقبل الوطن على غير ما كان عليه في الماضي يوم قال الشاعر إيليا أبو ماضي “أرجع لنا ما كان يا دهر في لبنان”.
وعلى رغم معرفتهما المسبقة أن بعض الغيارى على مصلحة لبنان لا يزالون يعملون على الحؤول دون تفاقم الأمور إلى ما هو أسوأ، أقّله بالنسبة إلى منع جرّ لبنان إلى حرب لن تقتصر أضرارها على الجنوب، بل قد تشمل كل لبنان، ومنه قد تمتد نيران الحرب إلى المنطقة كلها. ولذلك نرى الموفدين الدوليين، في حركة دائمة، وقد أصبحت بيروت محطة رئيسية لهم في جولاتهم في المنطقة، وهم يقدمون النصح للجميع بأن تكون لديهم مقاربات متقاربة، أقّله لناحية توحيد بعض المصطلحات، التي من شأنها أن تسهم في تنظيم إدارة هذا الاختلاف قبل الحديث عن المراحل المتقدمة في أي مفاوضات قد يسعى إليها بعض، الذين يرون أبعد من أنوفهم، وهم يتوقعون أن تصل أمور اللبنانيين إلى الأسوأ في حال لم ينزل جميع الافرقاء اللبنانيين عن أشجار مواقفهم المتصلبة، وبالأخص في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي. وقد يكون ما نُقل عن الرئيس السابق ميشال عون لوفد “حزب الله” مدار أخذ وردّ في الأيام المقبلة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook