الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: المبادرات تتحرك لكسر المطبّات .. الجنوب: تصعيد مضبوط .. واشنطن: إسرائيل لن تخاطر
وطنية – كنبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
لبنان، باعتراف القريب والبعيد متعب الى آخر درجات التعب، وممنوع عليه أن يتلمّس سبيل الراحة. وفي حالته هذه يُصارع ملفين طافيَين في بحر من المطبات، ومقيَّدين بتعقيدات لا حصر لها. ورهانه فيهما، ليس على مكونات سياسية مفلسة سدّت كل الافاق وطاقات الفرج، بل على لحظة حظ ربانية، تمكّن من جهة الحراكات المتجددة سواء اكانت احادية او ثنائية او خماسية، من إنعاش فرصة إتمام الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور. ومن جهة ثانية تضبط الملف الجنوبي على إيقاع الجهود الرامية الى خفض التصعيد وتبريد ساحات المواجهة وبلوغ حل سياسي يعيد الامن والاستقرار الى المنطقة الحدودية.
لقاءات مفتوحة
وعشيّة حراك مكثّف لسفراء اللجنة الخماسيّة في الأيّام المقبلة حول الملف الرئاسي، أبلغت مصادر اللجنة الى “الجمهورية” قولها: انّ مساعي اللجنة ستتواصل لتوفير الدعم للبنان لإنجاز استحقاقه الدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية.
ورداً على سؤال قالت المصادر: نحن متفائلون من الاساس، فما نقوم به منطلِق من حرصنا على مصلحة لبنان واستقراره. وقلنا بوضوح اننا نعلّق املا كبيرا على ان يتجاوب اللبنانيون مع الجهود القائمة ويختاروا رئيس جمهورية يعبّر عن تطلعاتهم، وكما سبق أكدت اللجنة انها ليست في موقع الانحياز الى اي مرشح او الاعتراض او رفض اي مرشح.
وردا على سؤال آخر، قالت المصادر “انّ اللجنة الخماسية لم تضع سقفاً لتحركها او حَددت لمهمتها مهلة زمنية، فهي تتصدى لمهمة معينة جوهرها مساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، واللجنة ماضية في تأدية هذا الدور، واللقاءات مفتوحة”.
وعن الطروحات الرامية الى فصل ملف رئاسة الجمهورية عن ملف الامن في الجنوب، قالت المصادر: ما نتمناه هو ان تحلّ كل المسائل في لبنان دفعة واحدة، وبالتالي لا ضَير أبداً إن تمّ حسم ملف قبل آخر او حَسمهما معاً. المهم ان يتحقق ما يؤمّن المصلحة والفائدة للبنان.
يُشار في هذا السياق الى أنّ شخصيات نيابية واقتصادية نقلت عن السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو قوله خلال لقاء موسّع “إنّ الوضع في لبنان حَرِج، يستوجب من جهة صَبّ الجهود لمنع الإنزلاق الى حرب، والعمل الحثيث من قبل المسؤولين السياسيين على تجنّبها، ومن جهة ثانية توفير المناخات الايجابية للتعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية، وإدراك انّ التأخير في هذا الأمر فيه ضَرر كبير بلبنان ومصلحته”.
خيوط التهدئة تتجمع
وعلى الخط الآخر، قَلّلت مصادر ديبلوماسة اوروبية من احتمالات تصاعد الوضع في المنطقة الجنوبية، وقالت لـ”الجمهورية”: ما نشهده من تطورات يومية وعمليات عسكرية لم يخرج حتى الآن عن وتيرة معينة تبدو الاطراف المعنية مقيّدة بها منذ بدء المواجهات، ما يعكس بوضوح أن اسرائيل و”حزب الله” لا يدفعان نحو مواجهة واسعة لإدراكهما الكلفة الكبيرة لهذه الحرب.
الا انّ المصادر عينها لا تسلّم بثبات الامور على ما هي عليه من مراوحة في التصعيد المضبوط، لأنها تخشى كما قالت “من أن يسود منطق التصعيد من هنا او هناك، ففي داخل اسرائيل، كما في داخل “حزب الله” اصوات تدفع الى الحرب الواسعة، والخضوع لها يعني اشعال النار على نطاق واسع.
كما انّ المصادر تعوّل على الجهود الرامية الى حلحلة سياسية، حيث لفتت الى أنّ خيوط الهدنة الطويلة الامد في غزة تتجمّع برغم التصعيد ورفع سقف الشروط من قبل اسرائيل وحركة “حماس”. والجانبان مُدركان انّ سقف الشروط سينخفض في نهاية المطاف، ولا مفرّ من بلوغ هدنة تتأسّس عليها هدنة او هدنات. وعلى الخط الموازي تتحرك جهود الحل السياسي على جبهة لبنان لصياغةٍ تَضبط المنطقة على تفاهمات ترسّخ الامن والاستقرار على جانبي الحدود.
ما قبل 7 تشرين
الى ذلك، سألت “الجمهورية” معنيّين بحركة الاتصالات الاخيرة حول الحل السياسي للمنطقة الجنوبية، فأكد هؤلاء ان الموفدين الذين سَوّقوا طروحات تلبّي المطالب الإسرائيلية، اصطدموا باستحالة تطبيقها والسير بها، ولفت هؤلاء الى ان اسرائيل لا تستطيع ان تُحدِث واقعا جديدا في المنطقة لا بالسياسة ولا بالحرب، ولذلك فإنّ الحل الذي يقبل به لبنان هو العودة بالوضع الى ما كان سائداً في المنطقة الحدودي
الرَد اللبناني
الى ذلك، وفي موازاة الاجواء المتوترة على الجبهة الجنوبية، سلّم لبنان الرد الرسمي على المقترح الفرنسي الذي قدّمه وزير الخارجية الفرنسية ستيفان لوجورنيه لترسيخ الاستقرار في المنطقة الحدودية. وتولى وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب تسليم الرد الى السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو.
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ الرد اللبناني، وبعد التنويه بالمبادرة الفرنسية وشُكر باريس على الجهود التي تبذلها تجاه لبنان، اكد انّ لبنان لا يريد الحرب، ولا يسعى اليها، خلافاً لإسرائيل التي تواصل اعتداءاتها الوحشية على لبنان، وتسعى الى توسيع دائرة المواجهات، ودَفع الامور نحو حرب اقليمية”.
ولحظَ الرد اللبناني “تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، ودعوة المجتمع الدولي الى العمل المساعد على التطبيق الشامل لهذا القرار. وضرورة توفير الدعم اللازم للجيش اللبناني لتمكينه من اداء مهمته الى جانب قوات اليونيفيل. مع التشديد على عودة النازحين اللبنانيين الى بلداتهم”.
كذلك يؤكد الرد اللبناني على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على اسرائيل لحملها على وقف اعتداءاتها على لبنان، وكذلك وقف خروقاتها للسيادة اللبنانية والقرار 1701، وإلزامها بتطبيقه بكل مندرجاته، وإلزامها بالانسحاب من الاراضي والنقاط اللبنانية التي تحتلها، بدءًا من نقطة الـb1 في منطقة الناقورة وامتداداً على الخط الحدودي وصولاً الى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. مع استعداد الجانب اللبناني للعودة الى استئناف الاجتماعات الثلاثية في الناقورة.
وزار بو حبيب رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال بعد اللقاء: تكلمنا اليوم عن الدور الفرنسي وأهميته، وضرورة أن تبقى فرنسا موجودة. واليوم لديها مبادرة فيها الكثير من النقاط الجيدة والمقبولة وهناك نقاط تحتاج الى المزيد من البحث بها.
وختم بو حبيب: اليوم قمتُ بتسليم رسالة الدولة للسفير الفرنسي وطبعاً الرئيس ميقاتي والرئيس بري على اطلاع، وتمنّينا ان تُكمل المبادرة. وهم (الفرنسيون) يفكرون بهذه الطريقة ويريدون الاستمرار واستكمال هذه المبادرة، وهذا مهم لنا أن نتوصّل الى نوع من الإتفاق الذي يعطي الحدود الجنوبية الإستقرار الكامل والدائم.
رد على سوريا
على صعيد آخر، كشفت موقع “لبنان 24” التابع لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “انّ الرد اللبناني الرسمي على الرسالة السورية في شأن أبراج المراقبة عند الحدود قد تم إنجازه، وجرى إرساله الى المسؤولين السوريين قبل 3 أيام، وهو مُطابق تماماً للرد الذي كانت قد أرسلته قيادة الجيش الى السوريين عام 2017، رداً على رسالة مشابهة للرسالة السورية الجديدة التي تسلّمها لبنان”.
إسرائيل لن تخاطر
وفي ذروة التهديد الاسرائيلي بعدوانٍ على لبنان، لا تبدو واشنطن متحمّسة لهذا الموقف الاسرائيلي بل العكس، فإن المستويات الاميركية على اختلافها لا تحبّذ الحرب وتحذّر من مخاطرها الكبرى.
وبرز في هذا السياق ما قالته مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الشرق الأدنى باربرا ليف بأنه “من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي لن يخاطرا بشَن اعتداء واسع النطاق في الشمال من دون معرفة ماذا سيحصل”.
واشارت ليف في حديث تلفزيوني الى “أنّ الساحة اللبنانية تشهد تقلباتٍ كبيرة ومخاطر عظيمة”، وقالت: رأينا كيف أنّ “حزب الله” خاطرَ كثيراً وهذا أمر قد ينقل الساحة إلى مكان خطير جدا وقد يضع لبنان بحد ذاته في موقع خطير جداً”.
ولفتت الى أننا “نبذل جهودنا الدبلوماسية عبر مكتب آموس هوكستين للمناقشة مع الأطراف كيف يمكن التوصّل إلى اتفاق”، وقالت: “نعتقد أنّ الأمر سيحصل حين ستبدأ الهدنة الإنسانية ولربما قد تحصل أبكَر من ذلك، لكننا نعمل بشكل فعّال على هذه الجبهة. وفي غضون ذلك، تُمارَس لعبة خطيرة وقوانين اللعبة قد تُفهَم خطأً من قبل “حزب الله” أو حدود المخاطر من الممكن أن يُسيء “حزب الله” فهمها.
قاآني ونصرالله
في هذه الاجواء، كشف النقاب أمس عن انّ قائد فيلق القدس الايراني اسماعيل قاآني زار بيروت خلال شباط الماضي، والتقى الامين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله. وافادت وكالة “رويترز” انّ الحديث تركّز حول احتمال شنّ إسرائيل هجوماً ضد لبنان. وقالت 3 من المصادر، وهم إيرانيون من داخل الدائرة الداخلية للسلطة، إنه “بالإضافة إلى الإضرار بـ”حزب الله”، فإنّ مثل هذا التصعيد قد يضغط على إيران للرد بقوة أكبر ممّا فعلت حتى الآن منذ 7 تشرين الأول الماضي”.
واشارت رويترز الى أنه في الاجتماع طَمأنَ نصرالله قاآني بأنه لا يريد انجرار إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، مؤكداً أنّ المعركة القائمة تخصّ “حزب الله”، و”حزب الله” سيُقاتل بمفرده.
ونقلت رويترز عن مصادر اخرى قولها إنّ إيران و”حزب الله” يدركان المخاطر الجسيمة التي قد تترتّب على حرب أوسع نطاقاً في لبنان، بما في ذلك الخطر الذي قد ينتشر ويؤدي إلى توجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية. وقال مصدران اميركيان ومصدر اسرائيلي للوكالة إنّ إيران تريد تَجنّب رد فعل سلبي من حرب بين إسرائيل و”حزب الله”.
الوضع الميداني
وكان الوضع على امتداد الحدود الجنوبية قد حافظَ على حال من التوتر الشديد حيث نفّذ الجيش الاسرائيلي سلسلة غارات جوية طالَت بلدات كفر كلا، واللبونة، وعيتا الشعب وراس الناقورة وعلما الشعب، وتَواكَب مع قصفٍ مدفعي طال بساتين مزرعة سردة وتلة الحمامص ومحيط الوزاني، واطراف عيترون، وحولا وميس الجبل.
وفي المقابل اعلن “حزب الله” انّ المقاومة الاسلامية استهدفت موقع الرادار الاسرائيلي في مزارع شبعا، وتجمّعاً لجنود العدو في محيط موقع بركة ريشا بصاروخ بركان، وتجمّعاً لجنود العدو قرب موقع الراهب بالاسلحة المدفعية، وموقع المالكية بالاسلحة الصاروخية، وموقع المرج بالاسلحة المدفعية.
لا حرب
في الجانب الاسرائيلي، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الاسرائيلية انّ اسرائيل و”حزب الله” يتجنبان اندلاع حرب شاملة.
واشارت الى ان الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” حقّقا الكثير من أهدافهما، إذ قام الجيش الإسرائيلي بتحريك نحو 90 في المئة من قوات “حزب الله” شمال نهر الليطاني، ودمّر نحو 100 في المئة من نقاط المراقبة التابعة لـ”حزب الله” على الحدود، وفق تصريحات الجيش… بينما أعلن “حزب الله” أنه سيتوقف عن إطلاق النار عندما تتفق إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار، ومن ثم إذا جرى التوصّل إلى وقف لإطلاق النار الأسبوع المقبل، فإنّ إسرائيل ستحصل على معظم ما تريد”.
واشارت الصحيفة الى انّ “حزب الله” اراد أن يَستعرض قوته في المنطقة وأنه قادر على استنزاف إسرائيل، ودَفْع ما يزيد على 80 ألف إسرائيلي إلى إخلاء الشمال الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، ولا يزال أكثر من 50 ألفاً بانتظار إجلائهم بعد خمسة أشهر من القتال”.
وخَلصت الصحيفة الى الاشارة إلى حرص الطرفين على مصالح مشتركة، تَكمن في “تَجنّب اندلاع حرب شاملة”، وهو أمر لم يتغيّر منذ تشرين الأول وحتى الآن.
إكتئاب
في سياقٍ متصل، وصفت تقارير المستوطنات الشمالية بأنها إحدى أكثر المناطق خطورة في إسرائيل، وقالت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية انّ المستوطنين في الشمال مُنهكون ويدفعون أثماناً باهظة من جرّاء القتال مع “حزب الله”. وقالت: هم مكتئبون ويطرحون تساؤلاً: “ماذا نفعل لإنهاء كابوس صواريخ “حزب الله”؟. ونقلت الصحيفة عن مستوطنة إسرائيلية تعيش في إحدى مستوطنات الجليل القريبة من الحدود اللبنانية قولها إنّ “المستوطنين هناك يعيشون بين صواريخ “حزب الله”، والوضع مُروع”.
ونقل الاعلام الاسرائيلي عن رئيس بلدية كريات شمونه قوله انه لن يعود 25 إلى 40% من المستوطنين، الذين نَزحوا، الى مستوطناتهم. مشيراً الى انّ العديد منهم انتقل الى مناطق متفرقة، فيما بثّت القناة 13 الاسرائيلية مقابلة مع طيّار اسرائيلي، قالَ فيها: من المتوقّع أن تضعنا الحرب في الشمال في موقفٍ مختلف ومعقّد، هذه حقيقة لا يجب إنكارها”.
في هذا الوقت، كشف استطلاع لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي عن تراجع في نظرة الجمهور إلى مدى حصانة الجبهة الداخلية أمام هجوم من لبنان، من 47% في بداية الحرب إلى 27.5% فقط”.
وتأتي نتائج الاستطلاع الذي أُجري الشهر الجاري بحسب المعهد، متأثّرة بالحرب الجارية في الجبهة الشمالية، والتي أدت إلى سلسلة من التكهنات حول الثمن الباهظ الذي ستدفعه الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وبحسب تقديرات المعهد فإنّ نظام الطاقة المركزي في إسرائيل غير مستعد لتحمّل سيناريوهات أمنية خطيرة، بعد أن أوضحَت الحرب الحالية بشكل لا لبس فيه أنّ مواجهة متعدّدة الجبهات تضع نظام الكهرباء في خطرٍ شديد على مستويات عدة، بينها: إعاقة الوصول إلى مخزونات الغاز المحلية والوقود المستورد، إلحاق ضرر بمحطات الطاقة، وإلحاق ضرر بشبكة الكهرباء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook