جنود إسرائيليون يصورون أنفسهم مع ملابس داخلية نسائية
وسط البيوت المدمرة، وفوق دبابة، يلتقطون صورا لنشرها على تطبيقات التعارف، ذلك ما ينشره جنود إسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي، صورهم في غزة وهم يحملون ملابس نسائية داخلية. ويعتقد عدد كبير من مستخدمي الإنترنت أن تلك الملابس الداخلية تعود لنساء غزيات.
نشرت في: 13/03/2024 – 15:57آخر تحديث: 13/03/2024 – 17:34
10 دقائق
على حسابه في تطبيق “أوك كوبيد” OkCupid المخصص للقاءات التعارف الغرامية، نشر جندي إسرائيلي يحمل الجنسية الفرنسية ويبلغ من العمر 25 عاما صورة له وأمام حائط علقت عليه بعض الملابس النسائية الداخلية. وبعد إعادة تداول الصورة على منصة إكس (تويتر سابقا) من قبل مجموعة من الناشطين التي أدت إلى حملة تنديد واسعة، قرر الجندي إغلاق حساباته على فيس بوك وإنستاغرام.
على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها بالخصوص تطبيقا تيك توك وإنستاغرام، نعثر على عدة منشورات من نفس النوع، إذ بدا عدد من الجنود الإسرائيليين وهم يستمتعون بالتقاط صورة مع ملابس نسائية داخلية. على غرار هذا الجندي الذي نشر بفخر صورة مع عدة ملابس داخلية نسائية، كما لو أن الأمر يتعلق بغنيمة حرب. وتحمل الصورة اسم حسابه على تيك توك الذي لم يعد متاحا في الوقت الحاضر، لكن الصورة متداولة عبر منصة إكس.
تظهر صورة أخرى متداولة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي أربعة جنود يلوحون بفستان نوم نسائي أحمر وسط بيت تحول إلى أنقاض في قطاع غزة. ويقول حساب على منصة إكس بنبرة ساخرة: “توجد صور لجنود في الجيش الإسرائيلي يبحثون عن ملابس نسائية في غزة أكثر من الصور التي تظهر إنقاذهم لرهائن هناك”.
ولا تزال القائمة طويلة، ففي هذا المقطع المصور على سبيل المثال، نرى جنديا إسرائيليا يلهو بحمالة صدر وقد بدا زميله ساخرا وراءه.
ونشرت الصورة أيضا على حساب يونس الطيراوي على منصة إكس، وهو صحافي فلسطيني يعمل على تعقب صور الانتهاكات التي قام بها جنود إسرائيليون. وعبر هذا الحساب، نعثر على عدد من مقاطع الفيديو التي تظهر النهب والتخريب وإهانة معتقلين فلسطينيين. وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، يوضح يونس الطيراوي قائلا:
هؤلاء الجنود ينشرون تلك الصور للعموم، وهي متاحة للجميع. إذ يكفي القيام ببحث عبر تطبيق تيك توك أو فيس بوك أو إنستاغرام أو يوتيوب مع بعض الكلمات المفاتيح باللغة العبرية. لا يبدو أنهم على علم بأن مثل هذه المحتويات الرقمية يمكن أن تستخدم ضدهم في المحاكم الدولية. إذ إن هذه الصور نشرت تحت أنظار كل الأطراف.
وإليكم مثال آخر لهذه السخرية السوداء المثيرة للقشعريرة: إذ يظهر مقطع فيديو جنديا يقف فوق دبابة ويحمل في ذراعه مجسم امرأة ترتدي حمالة صدر قبل أن يقول لزملائه ضاحكا: يا أولاد، لقد عثرت على امرأة جميلة، إنها علاقة جدية في غزة.. إنها امرأة عظيمة”.
“إنها هدية لحبيبتي الجميلة ليهي بمناسبة حفل خطوبتنا” يقول جندي إسرائيلي بلهجة مستهزئة في مقطع فيديو آخر ظهر فيه وهو يرفع زوج حذاء نسائي.
صور متداولة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي
المنشورات الأصلية التي توجد بها الصور المذكورة آنفا في هذا المقال لم تعد متاحة على الإنترنت. وبالتالي فإنه لم يعد ممكنا تحديد تاريخ دقيق للمنشورات الأصلية لهذه المحتويات، ولا السياق والإحداثيات الجغرافية لهذه الحوادث. لكن في المقابل، فإن بحثا عكسيا عن هذه الصورة لا يحيلنا إلى أي صورة منشورة منها قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تاريخ الهجوم المباغت الذي شنته حماس على الدولة العبرية، ما يجعلنا نخلص إلى أن هذه الصور بالفعل من التقاط جنود إسرائيليين في قطاع غزة. كما أن هذه الصور تتطابق مع السياق الحالي للحرب الدائرة في القطاع الفلسطيني: حيث يرتدي الجنود نفس الأزياء العسكرية، صور الخسائر المادية التي نراها في هذه الصورة تتطابق مع صور أخرى للدمار الحاصل في قطاع غزة.
“نشر هذه الصورة يهدف من دون شك للمس من عفة وكرامة النساء الفلسطينيات”
عرض فريق تحرير مراقبون فرانس24 هذه الصورة على جوهان صوفي، المحامي المختص في القانون الدولي لمعرفة ما إذا كانت هذه المحتويات يمكن أن تمثل جريمة حرب، وهذا رده:
إذا كان بالإمكان التأكيد بأن محتويات بيوت، على سبيل هذه الملابس الداخلية النسائية، قد سرقت أو دمرت دون أي حاجة عسكرية، فإن ذلك يمثل من دون أدنى شك انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.
ولكن -بما أن هذه الصور التقطت بشكل فردي- فإنها لا يمكن أن تثبت ارتكاب جرائم حرب. على الرغم من ذلك -وفي بعض الحالات- فإن هذه الصور يمكن أن تمثل “انتهاكا لكرامة الإنسان” (المادة 8-2-b-xxi من قانون محكمة الجزاء الدولية) أي ما يتعلق بممارسة فعل مهين ومشين، بما في ذلك نشر صور ملابس نسائية داخلية على وسائل التواصل الاجتماعي أو جريمة النهب ( المادة 8-2-b-xvi من قانون محكمة العدل الدولية) الذي يعرف بأنه افتكاك ممتلكات خاصة من قبل الجنود، وهاتان الحالتان تمثلان جريمتي حرب.
ومن وجهة نظر شاملة، فإن نشر مثل هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر – وفق ما يعتقده هؤلاء الجنود- أن مثل هذه التصرفات لا تعرضهم لعقوبات ويسمح بها من قبل قادتهم العسكريين.
ومع ذلك، لا يمكن أن نتصور -داخل الجيش الفرنسي على سبيل المثال- ألا يتسبب نشر مثل هذه الصور في عدم تسليط عقوبات.
وأرسل فريق تحرير مراقبون فرانس24 كل هذه الصور وكل الرسائل المذكورة سابقا في هذا المقال إلى الجيش الإسرائيلي، لكن هذا الأخير رفض التعليق على هذه الحوادث المذكرة واكتفى بالتذكير بأنه اتخذ “إجراءات توجيه وانضباط” ضد كل الجنود الذين نشروا محتويات “غير ملائمة” على وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يوضح الجيش الإسرائيلي أي نوع من الإجراءات اتخذت ضد هؤلاء الجنود وما إذا كانوا لا يزالون يقومون بمهمات عسكرية.
بالنسبة إلى جوهان صوفي، فإن مثل هذا النوع من الصور يوفر مناخا ملائما لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ يضيف:
مجرد أن مثل هذه التصرفات يبدو محل تسامح من القيادة العسكرية (الإسرائيلية) يؤكد فعلا وجود نوع من تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم داخل الجيش الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فإن نشر هذه الصور يهدف من دون أدنى شك للمس من عفة وكرامة النساء الفلسطينيات.
يقوم الجنود الإسرائيليون بنشر هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي لأنهم يعتقدون أن هذه التصرفات مباحة ويمكن غض الطرف عنها. فهؤلاء الجنود يتصورون أن تدمير الممتلكات العامة وإهانة الشعب الفلسطيني بمن فيهم النساء والأطفال، أمر مقبول في زمن الحرب.
في الواقع، تمثل هذه التصرفات تجريدا للنساء الفلسطينيات من إنسانيتهم في سخرية من شرفهن عبر التركيز بطريقة مغلوطة على تناقض بين عفتهن الظاهرة وارتدائهن ملابس داخلية مثيرة. وعلى الرغم من أن ذلك يمكن أن يبدو أمرا تافها أو يشكل تناقضا، فإن هذه التصرفات والتفكير المنحرف يلعب دورا في الحقيقة في ارتكاب جرائم قائمة على النوع الاجتماعي بما في ذلك الجرائم الجنسية على سبيل المثال.
في 19 شباط/فبراير الماضي، طالب خبراء معتمدون لدى منظمة الأمم المتحدة بفتح تحقيق في الاتهامات الموجهة للقوات المسلحة الإسرائيلية بارتكاب انتهاكات واغتصاب بحق نساء وفتيات فلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. وندد هؤلاء الخبراء باعتداءات جنسية واعتقالات وعمليات إعدام عشوائية.
وفي 4 شباط/فبراير الماضي، كشف تحقيق نشرته الصحيفة اليومية الإسرائيلية هآرتس بأن وحدة مكلفة بالحرب النفسية في الجيش الإسرائيلي تدير قناة على تطبيق تلغرام تحمل اسم “72 فيرجينز- أنسينسورد 72 Virgins – Uncensored” وتنشر صورا لفلسطينيين مقتولين أو معتقلين لدى الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وذلك مع خطاب مثير للكراهية ضد الفلسطينيين. وأكد ناطق رسمي باسم الجيش الإسرائيلي بأن هذه القناة على تطبيق تلغرام كانت تدار بالفعل من قبل الجيش “دون أي ترخيص لذلك” مضيفا بأن “تم التعامل مع الحادثة” دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة ، قتل أكثر ثلاثين ألف شخص بسبب الغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وتمثل النساء والأطفال نحو 70 في المئة من مجمل القتلى في القطاع، وفق مكتب التنسيق حول الشؤون الإنسانية التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
//platform.twitter.com/widgets.js
مصدر الخبر
للمزيد Facebook