آخر الأخبارأخبار محلية

مفتاح أمن إسرائيل التفاهم مع طهران فهل يدفع الحزب ثمنه تراجعا إلى شمال الليطاني؟

مع صعود التنين الصيني وفرض هيبته دولياً، مترافقًا مع انتقامٍ روسي عزّز التوترات الجيوسياسية، تحاول أميركا تدارك أسهم قوتها، إذ لم تعد على أرض الواقع القوة الإقليمية المتحكمة بمفاصل القرار، لتفقد فن الحكم الذي استأثرت به والتي أمّنت من خلاله مصالحها على مدى عقودٍ وعقود.

Advertisement

ناقوس الخطر الذي أعلنتهُ المؤشرات السياسية لناحية فلتان الأوضاع، وعدم قدرة أي جهة على لجمها، دفعت بمسؤولي وكالة الإستخبارات الأميركية إلى رفع الصوت عاليًا، محذرين بأن استمرار سياسة أميركا على ما هي عليه تجاه الشرق الأوسط، وتحديدًا في ما خصّ الإبادة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، من شأنها أن تأزّم الأوضاع أكثر، وتضع المصالح الأميركية، ومعها الأوروبية في المنطقة أمام مصيرها، خاصةً بعد عملية طوفان الأقصى التي وضعت كيان الإحتلال بأصعبٍ موقف منذ تاريخ نشوئه في المنطقة، وسط أطول حرب يخوضها مع “مجموعات مقاومة”، لا ترقى إلى مستوى حرب بين جيشين متكافئين.
تاريخ الحروب الإسرائيلية في المنطقة طويل، ولا ضيم أن التاريخ الحديث يثبت بأن إيران، وإن كان عبر مجموعاتها الموزّعة على العواصم الأربعة التي تتواجد فيها بقوة استطاعت أن تقلق أمن إسرائيل، من دون مشاركة مباشرة منها.. فدعمها لحماس بالأسلحة والأموال، وصولاً إلى دعم تحريك الجبهة الشمالية، وتوازيًا تحريك الجبهة مع سوريا وإن بشكل محدود، وإعطاء الضوء الأخضر لخنق التجارة عبر البحر الأحمر؛ كلها أحداث استطاعت إيران أن تستثمر بها، لتقول لإسرائيل وما لفّ لفيفها من دول راعية لها أن لا أمان إلا بموافقة طهران، مفتاح السلام في الشرق الأوسط.
ما يفسّر إصرار إيران على ذلك يتجلى بالمواقف شبه الواضحة وغير الرسمية التي أكّدت أن طهران ليست بواردٍ أبدًا بدخول حربٍ مباشرة مع إسرائيل، إذ ستكتفي فقط بتوجيه الرسائل عبر وكلائها حاليًا، بانتظار التفاهم السعودي الإسرائيلي الذي سيضمن حسب المتابعين دولة فلسطينية قائمة بحدّ ذاتها، ستستطيع إيران من خلالها الإستثمار قدر الإمكان، كرد جميل من قبل “الفصائل المقاومة” لطهران لما قدمته للمقاومة خلال العقود الماضية، علمًا أن أكبّر عائق يحول دون الإنتصار الإسرائيلي يتجلّى بالدعم الإيراني للفصائل المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن وسوريا.
الحرب المنهكة التي ستخرج منها إسرائيل، ستدفعها عاجلا أم آجلاً للذهاب نحو تسوية شاملة، تتمحور حول الدور الفلسطيني المستقبلي، كدولة مستقلة متاخمة لحدود كيان الإحتلال، ومن سيحكمها بالتوازي، ومن هنا لا ضيم بالقول أن التقارير الدولية، والمتابعين الدوليين الذين لهم اتصال بمراكز القرار أكّدوا أن إيران ستدخل إلى قلب القرار الفلسطيني، لتشكّل جبهة متينة تحاوط إسرائيل، تبدأ من الحدود السورية، وصولاً إلى جنوب لبنان، وانتهاءً بحدود إسرائيل الداخلية، أي غزة والضفة الغربية، في حال حصلتا على الإستقلال، الذي سيكون هدية 7 تشرين الأول للفلسطينيين.
وعليه، التفاهم بين إسرائيل وإيران سيعتمد على العديد من العوامل، ولكن يمكن القول بأن مفتاح الأمن لإسرائيل في هذا السياق، وفي حال تغلغت إيران في الداخل الفلسطيني في اليوم التالي للحرب سيتمثل بحرص إسرائيل بضمان عدم حصول إيران على قدرات نووية تهدد أمنها. إسرائيل تنظر إلى برنامج إيران النووي باعتباره تهديداً خطيراً لأمنها، وتسعى جاهدة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية أو القدرة على تطويرها. وما يعزّز هذه الفرضية هو تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي لفت إلى أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير احتياجات الاستخدام النووي التجاري على الرغم من أن وتيرة تخصيب اليورانيوم تباطأت قليلا منذ نهاية العام الماضي، إلا أن إيران لا تزال تقوم بالتخصيب بمعدل مرتفع يبلغ حوالي 7 كيلوغرامات من اليورانيوم شهريا بنسبة نقاء 60%، ما يجعل اليورانيوم قريبا من درجة صنع الأسلحة.
بالتوازي، فإن هذا التفاهم، الذي سيكون مترافقا بطبيعة الحال مع تفاهم سعوديّ يفضي لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وبالتالي استكمال الإحتضان العربي لإسرائيل، سيعطي كيان الإحتلال دفعة قوية للأمام لناحية انتهاز السلام الذي قد يسود على الجبهة الشمالية، مع تراجع حزب الله، وفرض معادلات سياسية قد تكون أقوى من معادلات القضية بأشواط وأشواط.
من هنا تؤكّد التحليلات العسكرية أن الحرب الدولية بعيدة عن الحسابات حاليًا، وإن كانت عناصرها متوافرة، خاصةً وأن المتابعين رصدوا زيارات وزير الخارجية الإيرانيّ حسين أمير عبداللهيان، الذي كان يتم إيفاده عند كل ضربة إسرائيلية “موجعة” كان يتعرّض إليها الحزب لتهدئة الوضع، أضف إلى الحراك المتوازي الذي جمع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه باتجاه بيروت وتحرّك المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين نحو تل أبيب، لناحية وضع ترتيبات تتعلّق جغرافيًا
بعدد الكيلومترات التي سينسحب حزب الله منها بعيدا عن جنوب الليطاني، أضف إلى أزمة نتنياهو بضمان الشمال الاسرائيلي بما لا يحتوي على أي تهديد مستقبلي، خاصة وأن أنشطة اقتصادية كبيرة تدرها المنطقة هناك، خصوصًا على صعيد السياحة، إذ يرصد المتابعون أريحية إسرائيل بإبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني، علمًا أن للبنان تجربة سابقة مع هذا الأمر، وذلك إبّان التدخل السوري عام 1976، الذت تم تحت رعاية دولية، وبرضى إسرائيلي، طالما كان التدخل آنذاك لا يتعدى “الخطوط الحمر” التي رسمتها إسرائيل، إذ إن إسرائيل والولايات المتحدة بالتوازي، لم تكن معنية بما تتضمن أجندة دمشق شمال الليطاني، طالما أن التدخل آنذاك لم يرق لمستوى الوصول إلى جنوب الليطاني.
وبهذا المعنى فإن منطقة جنوب الليطاني ستكون منطقة عمليات خاضعة للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، وستكون خاضعة للتفاهمات الدولية تماما على منوال اتفاق اتفاق نيسان 1996، والذي أتى تحت رعاية أميركية بالاتفاق مع سوريا آنذاك، حيث تم ضمان عدم مهاجمة إسرائيل من الجنوب اللبناني أو استهداف المدنيين، أو استخدام المناطق الآهلة كمنصة لشن الهجمات.. وللمفارقة، فإن عواصم القرار التي تعمل على ضمان أمن إسرائيل في هذه المنطقة الجغرافية مستعدة للمضي بهذه الخطوة قدمًا، أي إبعاد الحزب إلى شمال الليطاني، حتى ولو أتت على حساب لبنان.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى