آخر الأخبارأخبار محلية

بين اقتصاد اسرائيل وواقع حماس.. مَن سيصمد في حرب الاستنزاف؟

وافق الكنيست مؤخرا على رفع عجز موازنة الحكومة الإسرائيلية من 2.25% إلى 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة زيادة الإنفاق العسكري، وسط المعارك المحتدمة التي تشهدها غزة، ومع ترقب غزو رفح، الذي سيكلف حسب المتابعين خسائر إضافية، إن كان على الصعيد العسكري، أو على الصعيد البشري.

في الحرب التي دخلت شهرها السادس، يحاول نتنياهو وفريقه التوصل إلى مخارج جديدة، مع ازدياد المصاريف، وتعاظم حجم الإنفاق، وهذا ما يبدو واضحًا مع تعمد حكومة الإحتلال اصدار قرارات متسارعة، تهدف من خلالها إلى تقليص أعداد الجنود المشاركين من الإحتياط، وما يرافقها من جبهات تفتح هنا وهناك، وأبرزها الجبهة الشمالية، التي كلّفت إسرائيل نفقات كبيرة، مع إشعال حزب الله الجبهة بصواريخه التي دفعت بعشرات الآلاف من المستوطنين إلى مغادرة منازلهم، والإنتقال إلى الفنادق على حساب الحكومة الإسرائيلية.

وبحسب الأرقام، فإن الإقتصاد الإسرائيلي يتوقع أن يشهد انكماشا قد يبلغ 15% مع نهاية العام 2024، مع تسجيله إلى حدّ اليوم عجزًا بلغ 18.5 مليار دولار، وسط تراجع 8.4% بمعدل تحصيل الضرائب، وهذا ما ترافق أيضا مع تراجع بلغ 20% بمعدل مدخول الإسرائيليين، مع تضرر قطاع الزراعة، القطاع الأكثر تأثرًا، أضافة إلى قطاعي البناء، والطيران.
وبعد وصول الحرب إلى مراحل، على الأغلب لم يتوقع طرفا القتال أن تمتد إلى هذا الحدّ، أقله لناحية الإسرائيلي، يطرح السؤال عن الجهود التي كانت مرصودة، وأين أصبحت؟

حرب كبرى؟
يرى الباحث عبدالله ناصر الدين أن عملية “طوفان الأقصى” تأتي من قبيل الحرب الإستباقية التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية، وهذا ما دفع بالعدو إلى الذهاب لمرحلة مغايرة عن الحروب السابقة، تتلخص بتغيير الجغرافيا، وطالما ان الضغط الدولي لن يكون كبيرا جدًا لمرحلة ترتقي لإجبار الإسرائيلي على وقف الإبادة التي يقوم بها، فإن الإسرائيلي سيستمر في حربه، وهذا ما هو ملموس اليوم، إذ إن الضغط الحاصل ليس من شأنه أن يدفع بالعدو إلى وقف حربه، خاصة وأنه انتقل بين الشمال والوسط، والجنوب، مع الاستعداد لاجتياح رفح التي تضمّ ما يقارب مليوني فلسطيني، ودخول هذه المنطقة يعني الإعدام الكامل للفلسطينيين.
ويقدّر ناصرالدين بأن هذا الهجوم الذي ينوي أن ينفذه العدو الإسرائيلي انخفضت آماله اليوم، إذ ليس في مقدوره أن يفتح حربًا إقليمية، خاصةً وأن العدو ليس بوارد أن يصعّد الجبهة الجنوبية، التي ستشهد حراكًا أكبر، علمًا ان نيران حزب الله قد هجرّت مستوطنين اسرائيليين ، وتمّ تمديد مدة إقامتهم في الفنادق إلى أواخر شهر حزيران المقبل.
وعليه، فإن ما يحصل على الجبهة اللبنانية اليوم، وبغض النظر عن التصعيد الذي قد يحصل في حال تم اجتياح رفح أم لا، هو حرب حقيقية، وإنما محدودة النطاق.. ولكن هل ستكون هناك حرب كبرى انطلاقًا منها؟
إلى حدّ الآن، تُظهر الحركة الديبلوماسية الحاصلة بأنّ عواصم القرار تقوم بكل شيء لمنع اندلاع هذه الجبهة، التي هي بغنى عنها تمامًا، وهذا ما يؤكّد عليه الباحث عبدالله ناصر الدين الذي يشير إلى أن “العدو الإسرائيلي لم يستطع بإمكاناته أن يقوم بحسم حرب غزة المحاصرة من كافة الجهات منذ سنوات .عدا عن عدم قدرة قيادات العدو على الإعلان عن هدف واحد تمكنت من تحقيقه، كمثل الوصول إلى قادة فصائل المقاومة او تدمير قدراتها ، وعلى رأسها قيادتا حماس والجهاد. وبالتالي، طالما أنه لم يتمكن من تحقيق أي من هذه الأهداف، فإنّه من المستبعد تماما أن يدخل في حرب مباشرة مع لبنان، لأن النتائج ستكون عليه كارثية”.

ويلفت ناصرالدين إلى أن العدو الإسرائيلي استخدم كامل قوته في هذه الحرب سواء في غزة أو في الجنوب، إن كان من خلال نوع الأسلحة، أو التكنولوجيا، بمعزل عن أسلحة الدمار الشامل، التي وفي حال استعملها في غزة أو في الجنوب فإنّه سيؤذي نفسه قبل أن يؤذي المنطقة المستهدفة، في وقت لم تستخدم المقاومة في لبنان إلى حدّ الآن أكثر من 5% من الإمكانات، مؤكدًا أن حرب المناوشات الدائرة في الجنوب تظهر تفوق المقاومة، وتطور الأداء، وسط الحرب التكنولوجية الإسرائيلية، وما استطاع حزب الله القيام به من إسقاط طائرة بعد أكثر من 150 يومًا من الحرب، يظهر امتلاك الحزب القدرة على تحديث قدراتها الدفاعية في ارض المعركة مما يضع العدو امام مشكلة حقيقية وتفوّق للحزب”

اقتصاد الجبهات
مهما تبدلت الحروب وتغيرت عواملها وأهدافها وعقيدتها، يبقى الإقتصاد هو عنصر أساس، ومقولة إذا أردت أن تقضي على بلدٍ إقضِ على اقتصاده أولا،تترجم على ارض الواقع اليوم. فكيف هو اقتصاد جبهات الحرب؟ وهل من مقدرة على استكمال الاقتتال؟
بالنسبة إلى لبنان، خلال السنوات الماضية عانت كافة القطاعات من مشاكل اقتصادية و لكن يمكن التأكيد ان اقتصاد لبنان اليوم ليس كما كان عام ٢٠٢٠ ، بل افضل و غدا سيكون افضل من اليوم ، ولكن مع بدء العدو عدوانه على جنوب لبنان ، ازدادت الخسائر ، إن كان على صعيد القطاع الزراعي جنوباً ، أو السياحة او الصناعة .
ويقول ناصرالدين أن الجنوبيين تأثروا من ناحية عدم قدرتهم على استغلال مواسمهم الزراعية، مع استهداف العدو الإسرائيلي للأراضي الزراعية الحدودية، وهذا ما تم تسليط الضوء عليه سابقا عبر تقارير لـ”لبنان24″ أوضحت حجم الكوارث الزراعية التي سببتها القنابل الفوسفورية، والقذائف الصاروخية.
وبنفس الوتيرة، عانى العدو الإسرائيلي من خسائر جمّة في قطاع الزراعة حسب ناصرالدين الذي أشار لـ”لبنان24″ الى ان العدو الإسرائيلي كان يستفيد بشكل أساسي من غلاف غزة، ومن الحدود المحاذية للبنان من أراض زراعية عديدة، تدرّ إنتاجًا كبيرًا من المزروعات بالاضافة للمصانع التي توقف انتاجها ، كما ان الوضع الإقتصادي قد تأزم على المستويين الزراعي و الصناعي حتى عمق 25 كلم من حدوده، وسيبقى يعاني خلال أشهر الحرب الطويلة بسبب تهديدات المقاومة، وهذا ما أكّده أصلا وزير زراعة العدو اكثر من مرة مع العلم انه كان قائداً لاحدى اللجهزة الامنية المعادية و يستطيع ان يدقق جيدا بما يسمح بنشره على مستوى الكيان العبري.
بالتوازي، فإن ثقل أعباء الاسرائيليين يترافق مع تعويضات هائلة لأهالي القتلى، أضف إلى نفقات معالجة الجنود المصابين، والتي تقدّر أعدادهم بالآلاف، علما أن هؤلاء يطالبون بتعويضات لعائلاتهم، ومعاشات دورية، خاصة وأن هناك إصابات تكلّف مئات الآلاف من الدولارات.
ويشير ناصرالدين إلى أن الشركات التي تؤمّن أيضا جنود احتياط هي الأخرى تكلّف مالية اسرائيل الملايين من الدولارات، إذ إن الأعباء المادية دفعت بالعديد منها إلى إعلان الإفلاس،أضافة إلى عدم قدرة ميزانية الحرب على تغطية ما يحتاجه جيش العدو أصلاً مع اشتداد هجمات حزب الله.

ماذا عن اقتصاد حماس؟
يرى الباحث عبدالله ناصرالدين بأن حماس لا تزال لديها المقدرة على الاستمرار في الحرب، والعمليات داخل غزة لا تزال قائمة، سواء عبر إطلاق الصواريخ أو نصب الكمائن، وهذا يظهر جليًا من خلال توثيق الهجمات، أو حتى إعلان إسرائيل بشكل شبه يومي عن سقوط قتلى من جيشها.
ويؤكّد ناصرالدين على أن حماس لم تقاتل لوحدها، إنّما هناك تعاون مع مختلف الفصائل الذين لا يزال لديهم الإصرار على استكمال العمليات وتحقيق النصر.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى