مرض فرط الحركة.. ساعد القدماء على البقاء على قيد الحياة؟ – DW – 2024/2/29
يُنظر إلى اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة الذي يُعرف اختصارا بـ ADHD إلى كونه حالة مرضية تصيب الصحة العقلية للإنسان ما يستدعي ضرورة البحث عن علاج خاصة أنه يتسبب في ضعف مستوى التركيز وزيادة في مستويات النشاط.
بيد أن أبحاث كشفت عن أن المرض يحمل بعض المزايا إذ يعتبر الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مبدعين ومفعمين بالحيوية فضلا عن امتلاكهم قدرات اجتماعية وعاطفية ومعرفية عالية.
لكن هذا ليس سوى غيض من فيض إذ كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا الأمريكية عن الكثير من الجوانب الإيجابية لهذا المرض الذي يصيب الأطفال بنسبة ما بين 5% و10% والبالغين بنسبة بين 2% و5% عالميا.
وخلال الدراسة عكف الباحثون على تتبع أصول المرض فيما قال العالم ديفيد باراك، أحد المشاركين في الدراسة، في تغريدة “ينتشر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والسمات الأخرى الشبيهة به مثل التشتت أو الاندفاع، على نطاق واسع فيما يُنظر إليه بشكل سلبي، لكن استمراره يحمل في طياته لغزا.”
وأثار ذلك تساؤلا مفاده: هل كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عنصرا هاما في عملية التطور أو النشوء؟
وفي إجابتهم على هذا السؤال، قال باحثو جامعة بنسلفانيا إناضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قد تطور كإستراتيجية اعتمد عليها أسلافنا للتكيف والبقاء على قيد الحياة.
ونشرت الدراسة في مجلة “وقائع الجمعية الملكية البريطانية للعلوم البيولوجية” المرموقة.
أداء أفضل ومعدل كفاءة مرتفع
واستند الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات تخص أكثر من 457 بالغا من بينهم 206 شخصا يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فيما طُلب من المشاركين في الدراسة جمع أكبر عدد ممكن من التوت من شجيرات افتراضية في لعبة فيديو خلال فترة زمنية محدودة.
وخلال التجربة، كان يتعين على المشاركين حسم قرارهم هل سيستمرون في جمع التوت في نفس الشجيرات رغم انخفاض الثمار أم سيقدمون على استكشاف شجيرات جديدة تحمل ثمار التوت؟
بيد أن فترة اتخاذ القرار لم تتجاوز ثواني معدودة.
وكشفت الدراسة عن أن مرضى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قرروا قضاء وقت أقل لجمع التوت من على شجرة واحدة ليجمعوا الكثير من الثمار بشكل فعال مقارنة بالأشخاص غير المصابين بهذا المرض ممن قرروا قضاء الكثير من الوقت في جمع التوت من على شجرة واحدة على أمل تحسين غَلتهم.
وكان وقع هذه النتيجة مفاجئا على الباحثين فيما قال باراك إن معدل زيادة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه نجم عنه زيادة في معدل الكفاءة وتحقيق أداء أفضل”.
سر البقاء على قيد الحياة؟
وقال الباحثون إن هذا التكتيك يحمل العديد من المزايا حيث يمنع استغلال الموارد من مكان واحد ويفسح المجال لاستكشاف مناطق جديدة في استراتيجية كانت ركيزة المجتمعات التي كانت تقوم على صيد الأسماك والزراعة.
ويدعم ذلك دراسات سابقة كشفت عن ارتباط نمط الحياة في المناطق البدوية والريفية بالطفرات الجينية التي تلعب دورا في التسبب في ظهور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ويكشف ذلك عن السبب وراء انتشار مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن الفارق بين الأمس واليوم أن سمات هذا المرض الذي كانت ذات قيمة لأسلافنا، بيد أنها لم تعد مفيدة لنا في الوقت الحال مع توافر الموارد.
ويعد مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مرتبطا بنقص نشاط الدوبامين وهي مادة كيميائية موجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان تنظم المزاج والتحفيز.
وعلى النقيض من الأشخاص العاديين، فإن مرضى فرط الحركة ونقص الانتباه يسعون إلى الحصول على الدوبامين ما يدفعهم إلى التغيير بشكل مستمر بين أنشطة مختلفة دون إكمال مهمة واحدة. وقال الباحثون إن هذا الأمر في حاجة إلى التحقيق بشكل أوسع.
وأشار الباحثون إن المرحلة التالية من بحثهم سوف تتمثل في إجراء دراسة على الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وليس الأشخاص الذين قاموا بتشخيص المرض بأنفسهم بما يشمل إضفاء بعض الواقعية على التجربة بعيدا عن التجارب الافتراضية.
أعده للعربية: محمد فرحان
مصدر الخبر
للمزيد Facebook