آخر الأخبارأخبار محلية

الكونسرفاتوار مهدَّد بالتفكك: اساتذة يشكون تسلط القواس والاخيرة تستغرب

كتبت روزيت فاضل في” النهار”: لا شك في أن النهوض بالكونسرفاتوار الوطني هو حاجة وطنية ملحّة لأنه “رئة” أساسية لضمان ديمومة الثقافة والموسيقى في لبنان. غير ان ولاية المديرة العامة للمعهد ورئيسة مجلس إدارته الدكتورة هبة القواس شهدت منذ تسلمها مهامها تشنجاً حاداً مع مجموعة من الأساتذة المعترضين على ممارسة القواس “سياسة قمعية” في هذه المؤسسة و”التفرد برأيها في إدارة شؤونها”، ما دفع بعضهم الى اتخاذ قرار بعدم تجديد عقودهم في المعهد، على ما ذكروا لـ”النهار”.

هذه المجموعة شكلت وفداً للقاء متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده لإطلاعه على الوضع المتدهور الذي يعيشه الكونسرفاتوار، ونقل اليه الناقد الموسيقي الزميل آلان أندريا أجواء الضغوط التي رافقت قرار إيقاف الحفل الموسيقي المتضمن تحية تكريمية من أستاذ البيانو المخضرم في الكونسرفاتوار روبير لمع لكل من شوبان ولِيست في “بيت التباريس”.

وأبدت القواس في اتصال مع “النهار” إستغرابها للحملة الشرسة “التي ينظمها البعض في حقها منذ تسلمها مهامها الى اليوم، رغم أنها وضعت في أولوياتها النهوض بالمؤسسة من خلال تكثيف علاقاتها المحلية والعالمية لهذه الغاية ورصد بعض الدعم للمعهد من مالها الخاص، إضافة الى العمل الدؤوب لإطلاق خطة النهوض ومنها تطوير المناهج”.

ماذا عن لقاء الوفد مع المطران عوده وما هي أسبابه؟ أجابت أنها لم تطّلع على مجريات الإجتماع، “والوفد المذكور تألف ممن هم خارج الكونسرفاتوار، ما يجعلهم عرضة لخطأ قانوني لأن من الطبيعي أن تصدر الشكوى من داخل المؤسسة وليس من أناس هم خارجها”.

وأضافت أنه “باستثناء إدي دورليان، الذي تم صرفه من الخدمة، فإن نحو 13 شخصاً لم يرغبوا في تجديد عقودهم في الكونسرفاتوار إذ انتسبوا الى التعليم بدوام كامل في مؤسسات خاصة”، موضحة “أنني فرضت بعد تسلمي مهامي ضرورة التقيد بتطبيق القانون الرسمي من حيث الإلتزام بدوام ساعات الوظيفة ورفض أي محاولة لتمرير توقيع بعض الأساتذة على ساعات تدريس في المعهد في حين يكون الأستاذ يدرّس في الوقت نفسه في مكان آخر”، فضلاً عن تشديدها على “ضرورة التصريح عن أي نشاط أو عمل آخر خارج هذا الإطار لنيل الموافقة عليه قبل حصوله طبعاً”.

وأعربت القواس عن أسفها الشديد للشائعات التي طاولت رواتب أساتذة الكونسرفاتوار، مذكرةً “المغرضين” بأنها “تمكنت من زيادة رواتب الأساتذة 10 أضعاف عما كانت عليه من خلال قرار اتخذه مجلس الوزراء من خارج جدول أعماله ليراوح معدل راتب الأستاذ من 500 الى 1000 دولار مع التزامي اليوم بزيادة الرواتب”.

وعن قرار إلغاء الحفل الموسيقي لروبير لمع، علّقت القواس: “نحن لم نطلب منه إيقاف الحفل، بل هو اتخذ هذا القرار شخصياً. كان يمكنه الاستمرار في العزف في الحفل، وبعد ذلك يمكننا اتخاذ تدابير قانونية في حقه”.

وعرضت للإتفاق بين الكونسرفاتوار ولمع الذي عاد الى التمارين المنتظمة في الكونسرفاتوار، متعهداً “تقديم حفل خاص للمعهد قبل مشاركته في أي نشاط موسيقي آخر”.

اصوات معارِضة

في المقلب الآخر، ضم الوفد الذي التقى المطران عوده، إضافة الى اندريا، كلاً من إدي دورليان، جوزف فخري، فادي كلّاب، ماري أنج الخوري، جان ماري صفير، روجيه حلبي، جورج جريج، طوني عنقا، هانا منيمنة، وسام نصر الدين ونضال أبو سمرا.

وقال أستاذ البيانو ومنسق النظريات الموسيقية السابق في الكونسرفاتوار جوزف فخري لـ”النهار” إن “الادارة الحالية تحاول ذرّ الرماد في العيون لتلميع صورة المؤسسة أمام الرأي العام من خلال بضع حفلات موسيقية تنظم بعناية لجذب انتباه الشخصيات السياسية والدينية لأهداف باتت واضحة للجميع”، مشيراً الى أن “السياسة القمعية التي تنتهجها إدارة المعهد، أدت إلى تفكك أعلى أكاديمية موسيقية في البلاد”.

وأضاف أنه “بادر مع عدد من الزملاء الأساتذة المخضرمين الى ترك المؤسسة، بعدما تم تجريدهم من حقوقهم عبر فرض عقود غير منصفة، وهذا ما أدى إلى تراجع كبير في إقبال الأساتذة ذوي الخبرة على التعليم، وباتت الإدارة تطلب من الأساتذة المتوافرين لديها تولي تدريس المواد من خارج تخصصهم، ما يضع المستوى الأكاديمي في المعهد على المحك”.

بدوره، أكد دورليان، الذي فُصل من الخدمة بعدما كان رئيساً لرابطة أساتذة الكونسرفاتوار ومسؤولاً عن دائرة الغيتار الكلاسيكي فيه، في اتصال مع “النهار”: “أننا لم نشهد للإدارة المعيّنة بالتكليف انجازات فعلية، والزيادة الزهيدة للرواتب، التي تتباهى بها الإدارة، كانت نتيجة الزيادات التي شهدها القطاع العام برمته، ومع ذلك فإن الأجر الأعلى للساعة في الكونسرفاتوار لا يتعدى ثلاثة دولارات”.

ولفت الى أنه “لم يُعقد خلال الفترة التي تسلمت الادارة الحالية مهامها بالتكليف ولغاية بدء السنة الدراسية الحالية، اي لقاء جدي مع مسؤولي التخصصات لدراسة الظروف والعوائق التي يواجهها الاساتذة بغية ايجاد الحلول وخلق مناخ صحي والمحافظة على الاجواء الايجابية التي لطالما كانت سائدة في الكونسرفاتوار”.

وردّ دورليان على الكلام المتداول عن تسجيل حضور الأساتذة في المعهد في حين كانوا يذهبون للتعليم في الوقت نفسه في معاهد أخرى، بأنه “كلام غير دقيق”، معتبراً أنه “في حال رُصدت اي مخالفات حالياً نقترح اعتماد النهج الذي اعتمده الاستاذ حنا العميل، ولا لزوم للغوص في شروط تعاقدية لا تؤدي إلا الى تعميم النظام القمعي في المعهد”.

أما أندريا فقد استعاد في اتصال مع “النهار” ما عاشه الأستاذ لمع، الذي تلقّى قبل اسبوعين من موعد إقامة الحفل الموسيقي، إتصالاً من إدارة الكونسرفاتوار أبلغته فيه أنه ستتم مقاضاته في حال قدم الحفل، ما أربك لمع ودفعه للتوجه الى المعهد ليكرَّر على مسمعه الكلام نفسه.

وأبدى أندريا إستغرابه الشديد “من تجاهل مجموعة عازفين موسيقيين هذا الإجراء القانوني، فيما يمنع آخرون أمثال روبير لمع من العزف في حفل موسيقي بحجة التقيد بتدابير مسبقة لهذه المشاركة”.

ختاماً، أكد كل من دورليان وفخري وأندريا “أننا لجأنا مع وفد من الاساتذة، الذين رفضوا تجديد عقودهم، إلى المتروبوليت عوده، هذا الصوت الصارخ في البرية والمدافع الشرس عن الحق والحريات، وللموضوع تتمة معه ومع كل مدافع عن لبنان والثقافة فيه”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى