آخر الأخبارأخبار محلية

سباق محموم بين الحرب الشمالية – الجنوبية وبين مساعي تبريد الجبهات

لو أخذنا الكلام العالي السقف بحرفيته لكل من قادة أركان الحرب في إسرائيل والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله وجميع القائمين برسالة “التبليغ” لقلنا أن الحرب، التي يُسمع قرع طبولها من بعيد، ستقع حتمًا اليوم قبل الغد. أمّا إذا قرأنا ما بين سطور وخلفيات المساعي الدولية المتجاوبة مع الاتصالات التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الداخل والخارج لأمكننا القول إن الأمل في لجم إسرائيل عن تنفيذ ما تسعى إليه، وإن كانت تخشى الحرب، لا يزال متاحًا. فالخلاف القائم اليوم بين الرئيس الأميركي جو بايدن الساعي إلى تجديد ولايته ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو كبير في الشكل والمضمون. وهذا الخلاف من شأنه أن يدفع بالولايات المتحدة الأميركية إلى تقليص مساعداتها العسكرية لتل أبيب.

Advertisement

وعلى رغم أن المبادرات الديبلوماسية الدولية لا تأخذ في الاعتبار ما يُقال من على المنابر أو عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فإنها لا تتوقف عنده طويلًا، لأنها تعرف جيدًا أن ما يُقال داخل الجدران الأربعة وفي الاجتماعات المغلقة، والتي لها طابع سرّي للغاية، غير ما يُقال في العلن. وهذا الحديث يشمل الوضع الجنوبي بالتحديد على وقع ما يتعرّض له قطاع غزة من حرب إبادة جماعية، خصوصًا في ضوء ما أعلنه السيد نصرالله عن “معركة حقيقية في الجنوب، إذ لسنا نخوض مباراة كرة قدم. وطبيعي أن يرتقي لنا شهداء”. ولكن هذه المعركة، على رغم ما ينتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات، لم ترتقِ بعد إلى مرتبة الحرب الشاملة والواسعة كما هي الحرب على غزة، خصوصًا إذا ركب نتنياهو رأسه وأكمل خطته الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع في اتجاه صحراء سيناء كمرحلة أولى تكتمل حلقاتها باستهداف رفح، التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني. أمّا المرحلة الثانية والثالثة فتكتمل حلقاتها بتهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطينيي الـ 48 إلى لبنان.
 ولكن في المقابل فإن المجتمع الدولي الذي يريد أن يضغط بقوة على قادة الحرب في إسرائيل لوقف تنفيذ خطة التهجير هذه المترافقة مع حرب مدمرة لا يزال يسعى لتجنيب لبنان المصير نفسه الذي يلقاه قطاع غزة، وذلك في محاولة منه لإقناع “حزب الله” بالسير بصيغة حلّ مبدئية يمكن التأسيس عليها لمرحلة لاحقة تُترك لمفاوضات ما بعد تثبيت الترسيم البرّي، بما فيها قرية الماري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بعد أن يتخّلى عن فكرة “توحيد الساحات”، على رغم إصرار “حارة حريك” على ربط وقف المناوشات الحدودية بوقف الحرب على غزة.
فما لمسه الرئيس ميقاتي من خلال لقاءاته واتصالاته الدولية على هامش مؤتمر ميونيخ من تجاوب مع المساعي الرسمية، التي يبذلها لبنان لتجنيبه ما يمكن أن ينتج عن أي حرب واسعة، يؤشرّ إلى إمكانية التخّلي عن “مغامرة” الحرب، التي ستكون كارثية على الجميع. وهذا ما عكسه تصريح مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين عندما أكد  أن بلاده تسعى لإبقاء الصراع في جنوب لبنان عند أدنى مستوى ممكن، مشدّداً على “أهمية عودة سكّان البلدات في الجنوب إلى منازلهم، وكذلك السكّان على الحدود الشماليّة لإسرائيل”، في الوقت الذي لا تزال باريس تعتقد بإمكانية تحقيق اختراق ما بخصوص خفض التوتر ومنع الحرب، التي قد تندلع في غفلة من الزمن، خصوصًا أن الوضع الميداني في ظل التراشق المتبادل بين المواقع الإسرائيلية ومواقع “المقاومة الإسلامية” بات ينذر بدرجة عالية من الخطورة، وأن كل يوم يمر على هذه الحال، تزداد فيه احتمالات الحرب الشاملة؛ ولهذا فإن القائمين بهذه المساعي لا يستطيعون انتظار توقف الحرب في غزة لإنجاز التهدئة على الحدود اللبنانية. ولذلك، فإنه من المستحسن أن يُعمل على فصل المسارين تمهيدًا لمرحلة تقديم الطروحات التشاورية، ومن ثم البناء عليها وصولاً إلى تأمين البنية التحتية لإطلاق المفاوضات الجدّية.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى