آخر الأخبارأخبار دولية

ألكسي نافالني … المعارض الروسي الراحل الذي تحدى بوتين حتى آخر رمق


غيّب الموت الجمعة زعيم المعارضة الروسية ألكسي نافالني في سجن كان يقضي فيه عقوبته، يقع في القطب الشمالي. ويعد الراحل من أبرز الوجوه السياسية التي تحدت بوتين علنا وبلا كلل، حيث سُجن لعدة مرات كما تعرض لاعتداءات وصلت حد التسميم. أب لطفلين، أشرف نافالني الحائز على جائزة ساخاروف على مدونة “روسبيل” المعارضة، وقاد في 2011 حركة احتجاجية شارك فيها الآلاف للتنديد بتزوير الانتخابات. تستعرض لكم هذه الورقة أبرز المحطات التي طبعت حياته.

نشرت في: 16/02/2024 – 15:52

8 دقائق

أعلنت السلطات الروسية الجمعة وفاة السياسي المعارض البارز ألكسي نافالني خلف القضبان في سجن  بمنطقة يامالو-نينيتس بالقطب الشمالي، كان يقضي عقوبته فيه. 

وفيما أفاد الكرملين بأن مصلحة السجون تجري فحوصا في ظروف الوفاة، أعلنت لجنة التحقيق الروسية أنها أطلقت تحقيقا إجرائيا في ملابسات موت نافالني.

وكان نافالني (47 عاما) يقضي عقوبة بالسجن 19 عاما لإدانته بتهمة “التطرف”، وذلك في سجن ناء بالمنطقة القطبية الشمالية من روسيا، وفي ظروف بالغة الصعوبة.

من هو ألكسي نافالني؟

حائز على شهادة من جامعة ييل الأمريكية في الحقوق. عرف نافالني في بداية مشواره بأنه مُدون يسعى إلى كشف فساد المسؤولين السياسيين وثرواتهم في الداخل والخارج، وكمعارض صلب ضد الرئيس بوتين.

لاحقا، لمع نجمه بشكل ملفت في 2011 حيث قاد مظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف وجابت شوارع موسكو احتجاجا على تزوير الانتخابات البرلمانية. نجح نافالني خلال هذه الاحتجاجبات في إظهار قدراته الخطابية.

اقرأ أيضاالمعارض ألكسي نافالني يقول إنه انتزع اعترافا من عميل روسي بمحاولة تسميمه

في الانتخابات البلدية لعام 2013، ترشح نافالني، لمنصب رئيس بلدية موسكو فحلّ ثانيا خلف مرشح السلطة سيرغي سوبيانين، ما اعتبر نتيجة قوية أعطته دفعة قوية في أوساط المعارضة.

لكنه سرعان ما واجه سلسلة من القضايا القانونية اعتبرها مقربون منه عقابا له على نشاطه المعارض. حيث تمت إدانته عام 2013 في قضية اختلاس وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ ما حرمه من الترشح لمنصب عام. هذا الحكم القضائي سيواجه به عام 2018 لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية بوجه بوتين.

حُكم عليه مجددا في 2014 مع وقف التنفيذ، وسُجن شقيقه أوليغ لثلاث سنوات ونصف السنة في قرار وصفه النشطاء بأنه “احتجاز رهائن”.

تعرض مرارا للسجن والاعتداء الجسدي، كان آخرها في صيف 2019 إثر الانتخابات البرلمانية فقد تم توقيفه 30 يوما. اتهم سلطات بلاده بمحاولة تسميمه أثناء سجنه، نتيجة ظهور عوارض عليه. ما دفع على ما يبدو موسكو إلى تبني استراتيجية أخرى تقضي بتوقيفه لفترات قصيرة قبل الإفراج عنه.

في 2017، نشر نافالني فيديو على يوتيوب يظهر فساد رئيس الوزراء آنذاك ديمتري ميدفيديف بشكل فاضح، ما أدى إلى خروج موجة جديدة من الاحتجاجات في ربوع روسيا واجهتها الشرطة بالقمع والاعتقالات الجماعية. كما تعرض نافالني حينها لاعتداء جسدي أمام مقر عمله، تم نقله إثرها إلى إسبانيا لإجراء عملية جراحية بعد أن كاد يفقد البصر في إحدى عينيه.

اقرأ أيضاتوقيف أكثر من ألف شخص خلال احتجاج على استبعاد مرشحين معارضين من الانتخابات المحلية في موسكو

روى نافالني في مقابلة كيف اكتسب معرفته بالحملات السياسية من خلال مشاهدة المسلسل التلفزيوني الأمريكي “هاوس أوف كاردز” (منزل من ورق اللعب)، وأشار ذات مرة إلى أنه من بين أبطاله المفضلين، الممثل الهوليوودي الذي تحول إلى العمل السياسي أرنولد شوارزنيغر.

أجرى جولة في روسيا قبل انتخابات 2018 في حملة على النمط الأمريكي لحشد مؤيديه. حظي نافالني بقاعدة جماهيرية شابة جذبتها تسجيلات فيديو تكشف الفساد بين النخب ولديه أكثر من مليوني متابع على تويتر.

قدرة خطابية في استقطاب وتأجيج الشباب

ولفت الانتباه بخطابه غير المتهاون وعباراته المتهكمة مثل تسمية حزب روسيا المتحدة الحاكم باسم “حزب المحتالين واللصوص”. لكن رغم قدرته على تأجيج الاستياء بين الشباب من أبناء الطبقة الوسطى في المدن إلى حد كبير، إلا أنه بعيد عن كونه شخصية معارضة تحظى بالإجماع، لكنه تعرض للانتقاد بسبب موقفه المناهض للهجرة. كما أنه كان مقربا من القوميين الروس، ما شكل عائقا أمام دعمه من قبل أطراف معارضة أخرى.

في 2019 لجأ نافالني إلى خطة انتخابية مختلفة ألحقت ضررا لافتا بالحزب الحاكم. حيث اقترح خلافا لدعوات المقاطعة التي أطلقها في انتخابات سابقة، مبدأ التصويت الذكي. ودعا الناخبين لوقف هذه الخطة إلى دعم مرشح المعارضة الوحيد الذي من المرجح أن يهزم الحزب الحاكم، بعد أن كانت السلطات قد منعت ليبراليين من الترشح. تسبب هذا التصويت بخسارة المرشحين المدعومين من الكرملين 13 مقعدا في مجلس مدينة موسكو من أصل 45 ليصل عددهم إلى 25.

في أغسطس/آب 2020، أدخل إلى المستشفى في حالة حرجة إثر شكوك بتعرضه لتسميم. وقد مارست أطراف عدة ضغوطات على السلطات في روسيا ليسمح بنقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج. خضع لفحوص طبية في مختبر تابع للجيش الألماني، والتي أكدت وجود “دليل قاطع” على أنه كان ضحية تسميم بـ”غاز أعصاب من نوع نوفيتشوك“، حسب الحكومة الألمانية.

طالبت برلين موسكو بتقديم توضيحات “عاجلة” وأكدت أن هذه الفحوص أعطت “دليلا قاطعا على وجود مادة كيميائية عصبية سامة من نوع نوفيتشوك” في جسمه. لكن السلطات الروسية نفت واستنكرت الاتهامات الموجهة لها بمحاولة تسميم نافالني.

منحه جائزة ساخاروف لجهوده في محاربة “فساد نظام بوتين” 

في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، منحه البرلمان الأوروبي جائزة ساخاروف للدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التفكير لنفس العام. بالمناسبة، قال رئيس البرلمان ديفيد ساسولي: “بمنحنا جائزة ساخاروف لألكسي نافالني، نعترف بشجاعته الكبيرة ونجدد دعم البرلمان الأوروبي الثابت للإفراج عنه بشكل فوري”.

كما نوه بقيام نافالني بـ”شن حملة ضد فساد نظام فلاديمير بوتين، عبر حساباته على منصات التواصل وأيضا من خلال الحملات السياسية. لقد ساعد في كشف الانتهاكات وحشد دعم الملايين في جميع أنحاء روسيا. لهذا تم تسميمه وألقي به في السجن”.

اقرأ أيضاالانتخابات التشريعية الروسية: موسكو تتهم الغرب بالسعي للتدخل تحت ذريعة قضية نافالني

في 25 يناير/كانون الأول 2022، أدرجته روسيا على قائمتها لـ”الإرهابيين والمتطرفين”، وفق لائحة دائرة الرقابة المالية الفيدرالية في الاتحاد الروسي التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية. تضم القائمة آلاف الأفراد ومئات المنظمات السياسية والإسلامية والدينية والقومية المتطرفة المحظورة في روسيا، من بينها حركة طالبان وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

في أغسطس/آب 2023، حكم على نافالني وهو أيضا مؤسس منظمة مكافحة الفساد (إف بي كي) الماضي بالسجن 19 عاما بتهمة “التطرف” ونقل إلى سجن “إي كي 3” في خارب بمنطقة يامالو-نينيتس النائبة في المنطقة القطبية الروسية، على بعد نحو 1900 كيلومترا شمال شرق موسكو. وكان نافالني قد اختفى بداية ديسمبر/كانون الأول من السجن الواقع في منطقة فلاديمير ما أثار قلقا دوليا.

حملة تهميش وتشويه لم تمنعه من استكمال تحقيقاته

لطالما حاولت السلطات الروسية تهميش نافالني وإظهاره على أنه “عميل” للغرب و”مجرم” مُدان. ومن اللافت أن بوتين لم ينطق اسم نافالني علنا، وبدلا من ذلك أشار إليه بأنه “الشخص الذي ذكرته”، من بين عبارات مموهة أخرى، عندما سُئل مباشرة عن زعيم المعارضة.

رغم منعه من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية، ظل نافالني يواصل كشف ثروات النخب الروسية التي يتهمها بالفساد، ووصلت نتائج تحقيقاته إلى ملايين الروس على المنصات ويوتيوب.

ساعد نافالني وفريقه، من خلال البحث في سجلات الأراضي وملفات الشركات الخارجية، في الكشف عن القصور والثروات المخفية لكبار المسؤولين. ومن بين أكثر ما يلفت النظر في ما كشف عنه تفاصيل عن المنازل الفخمة لحلفاء بوتين في روسيا وخارجها.

فرانس24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى