آخر الأخبارأخبار محلية

دولة رفيق الحريري

مر 19 عاما على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري (14 شباط 2005) ولا تزال الأسئلة حول لماذا اغتيل، وهل تحقق الهدف المرسوم من اغتياله، محور اهتمام الكثير من الرأي العام؟ لكن السؤال الأبرز يبقى هل كان المخطط إيصال البلد إلى ما وصل إليه على المستويات السياسية والاقتصادية والامنية؟


من عايش الحريري الأب يقول: ما قبل استشهاده ليس كما بعده، فلبنان شهد منذ العام 2005 انقساماً حاداً طائفياً ومذهبياً كاد مرات عدة أن يأخذ البلد إلى حرب أهلية، في حين أن الرئيس الشهيد رفع راية الحوار بين المكونات السياسية رغم التباين في وجهات النظر، فعارفوه يؤكدون أنه أحاط بكل تحولات المنطقة وملفاتها وإرهاصاتها التي نعيشها اليوم. وثمة من يعتبر أن استشهاد الرئيس الشهيد كان من أحد أهدافه ضرب استقرار البلد ومؤسساته وتشريعاته واقتصاده.

بالنسبة إلى الرئيس الشهيد لا يمكن لأحد أن يكون أكبر من بلده، فهو جعل من بيروت المنكوبة “سويسرا الشرق”، ومكن لبنان من استعادة موقعه، فكان حضوره بالنسبة إلى كثيرين مصدر أمان ، نظراً إلى ما اكتسبه من ثقة دولية وعربية. والأهم أنه انتهج الاعتدال في حياته السياسية والحزبية ف”تيار المستقبل” الذي أسسه الحريري الأب هو تيار الاعتدال والانفتاح رغم الاصوات النشاز التي سطعت في السنوات الماضية لكن سرعان ما تم استبعادها لدقة المرحلة وحراجتها ولأن البلد كان أحوج ما يكون إلى الأصوات التهدوية والحوارية لا إلى الأصوات التي تتناقض مواقفها مع مبادى “المستقبل”، علماً أن كل ذلك حصل قبل تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي ومغادرته لبنان إلى الامارات بعد العام 2019.

الأهم من كل ذلك عند “الثنائي الشيعي” أن الرئيس الشهيد شرعن المقاومة في لبنان بوجه العدو الإسرائيلي ما دامت اسرائيل تحتل أراضي لبنانية، كما تم التوصل خلال ترؤسه الحكومة في العام 1996 إلى “تفاهم نيسان”. فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إحدى إطلالته على شاشة المنار في العام 2019 قال: لو كان الرئيس الحريري حيا، لكان قادراً من خلال تجربته وعلاقاته وقدراته وامكاناته الشخصية على مساعدة البلاد لتخطي الكثير من المراحل الصعبة”، فتحدث يومذاك عن العلاقة التي كانت تجمعه بالرئيس الشهيد فقال:”في السنة الاخيرة التي سبقت حالة الاغتيال، علاقاتنا تطورت بشكل كبير وايجابي جدا، وبدأ هذا الموضوع منذ احداث الضاحية الجنوبية حيث سقط عدد من الشهداء من المدنيين في منطقة حي السلم، وقد طلب في اليوم التالي مقابلتي وجاء إلى الضاحية الجنوبية، والتقينا، ومن يومها اختلفت العلاقة بشكل كبير وحصلت لقاءات شبه ثابتة بيننا كل اسبوع أو اسبوعين وكنا نلتقي في بعض الأحيان مرتين في الاسبوع. وقد وضعنا خلال هذا الاجتماع أسس وثوابت، اهمها: اتفاق الطائف، بناء دولة المؤسسات والقانون والرهان على مشروع الدولة وأن الدولة هي التي تحمي الجميع وهي التي تؤمن الأمن الداخلي والاستقرار وتعالج الوضع الاقتصادي وتضمن تطور البلد على كل صعيد، إضافة إلى العيش المشترك والسلم الأهلي واحترام كل الطوائف وكل التيارات. أما عن العلاقة مع سوريا. وكان قد طرح معادلة بان لبنان لا يحكم من سوريا ولكن لا يحكم بحالة عداء لسوريا”. وتابع السيد نصر الله:” وفي موضوع المقاومة كان هناك وضوح بيننا وبينه، حيث الآن هناك قضية مزارع شبعا والأسرى والتهديدات الإسرائيلية للبنان، وظيفة المقاومة هي حماية لبنان وهو كان واضحا بأن رأيه، وبناء على النقاش بيننا، أن موضوع سلاح المقاومة هو مرتبط بالتسوية لا بالمزارع ولا بالأسرى، وطالما لا توجد تسوية في المنطقة، معنى ذلك أن حالة الحرب قائمة حتى لو لم يكن هناك قتال على الجبهة”.

استشهد الحريري في العام 2005، وبقي “تيار المستقبل”، لكنه مر بمحطات كثيرة ولا تزال حالته التنظيمية غير سوية وفق بعض المستقبليين، لغياب رئيسه الذي يفترض أن يضع حجر الاساس لعودته الدائمة إلى بيروت وعدم الاكتفاء بزيارة واحدة في ذكرى 14 شباط، فحامل رسالة الرئيس الشهيد يبقى مؤتمنا على مواصلة مسيرته.

تمر الذكرى ال19 لإغتيال الرئيس رفيق الحريري وسط الازمات السياسية والاقتصادية والامنية، فإسرائيل تواصل اعتداءاتها على جنوب لبنان ربطا بحربها على قطاع غزة ، وحركة الموفدين على اشدها تجاه لبنان الرسمي الذي يلتزم بشكل حاسم التطبيق الشامل للقرار الدولي 1701 شرط انسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة. أما الحلول السياسية فليست الا أنية ومرحلية ومرد ذلك سياسة التعطيل التي دأب عليها بعض القوى والمكونات السياسية رغم دقة المرحلة، وثمة من لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية ويريد في الوقت عينه تعطيل المجلس النيابي والحكومة والمؤسسة العسكرية. اما على الخط الاقتصادي فرغم المعالجات التي تقوم بها الحكومة الحالية الا أنها لا تزال دون المستوى المطلوب ومرد ذلك أيضاً السياسات الاقتصادية طيلة السنوات التي خلت والاهم العراقيل التي تضعها كتل نيابية أمام المشاريع الاصلاحية وخطة التعافي وقطع الطريق على توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ركزت الكلمات أمس من أمام ضريح الرئيس رفيق الحريري على أهمية بناء الدولة، لكن يبقى السؤال أي دولة نريد، فالدولة التي كان يتطلع اليها الرئيس الشهيد، ليست هي الدولة التي تنقسم حيالها اليوم المكونات السياسية.فعارفوه يؤكدون انه كان يتطلع إلى دولة المؤسسات ودولة تحمي أبناءها وقادرة أن تحمي حدودها وأمنها.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى