لماذا أصبحت حركة أمل طرفاً أساسيّاً في معارك الجنوب؟
صحيحٌ أنّ لحركة “أمل” قدرات أقلّ بكثير من “حزب الله”، فالأخير مُجهّز بأسلحة متطوّرة وقادرة على الوصول لأهداف بعيدة المدى، والتسبّب بأضرار جسيمة بالجيش الإسرائيليّ وبالمستعمرات الإسرائيليّة، غير أنّه بحسب المراقبين، فإنّ أحد الأهداف الرئيسيّة لـ”أفواج المقاومة” هو البقاء في ساحة القتال، بعد غياب طويل عن المُشاركة في المعارك.
ويقول مراقبون إنّ “حزب الله” كان الوحيد الذي يُسيطر على الميدان في جنوب لبنان، ويشنّ الهجمات ضدّ المواقع الإسرائيليّة، ويُدافع عن سكان المناطق الجنوبيّة، بعد انتهاء الحرب اللبنانيّة، فأصبح الطرف المُقاوِم الوحيد بنظر الجنوبيين، ما أدّى إلى تزايد شعبيته ليس فقط في الجنوب، وإنّما في البقاع وبيروت وكافة المناطق اللبنانيّة.
كما أنّ “حزب الله” حقّق العديد من الإنتصارات على جيش العدوّ الإسرائيليّ، وكانت له أعمال عسكريّة بارزة، وكان الطرف الأساسيّ في مقاومة وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، واستطاع الصمود في سنة 2006، ونجح بعدها بفرض عمليّة لتبادل الأسرى مع الحكومة الإسرائيليّة، ما عزّز دوره كثيراً، على حساب الحركات المُقاومة القديمة، مثل “أمل” و”الجماعة الإسلاميّة”، والفصائل الفلسطينيّة في الجنوب.
ويُشير المراقبون إلى أنّ دخول “أمل” هذه المرّة المعارك، وإنّ بشكل خجولٍ، المراد منه تثبيت دورها على الأرض، كيّ تبقى بنظر الجنوبيين واللبنانيين، والشيعة بشكل خاصّ، أنّها الحركة المُقاومة التي أسّسها الإمام المُغيّب موسى الصدر، وهي حاضرة دائماً للدفاع عن لبنان وشعبه.
ويلفت المراقبون إلى أنّ الحركة تُريد أنّ تُعزّز دورها في البقاء كحركة تُناضل بوجه إسرائيل، وأنّ تستفيد مما يحصل في غزة، لتقويّة شروطها السياسيّة في لبنان.
ويرى المراقبون أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يُريد أنّ يُحافظ على دور حركة “أمل” في لبنان، وأنّ يزيد من شعبيتها، وهذا الأمر يُشكّل تنافساً غير مباشر مع “حزب الله” في البيئة الشيعيّة”.
ووفق المراقبين، ستبقى “أمل” تُناضل إنّ في السياسة عبر إجتماعات برّي الدبلوماسيّة مع الموفدين الدوليين، التي ساهمت في التوصّل لاتّفاق ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل، وإنّ عسكريّاً، كيّ تُحافظ على رسالتها التي تأسست على أساسها. ويُتابع المراقبون أنّ “أمل” لا تستطيع أنّ تُصعّد كثيراً مع العدوّ، فـ”حزب الله” بنظر الغرب “منظّمة إرهابيّة”، وهناك عقوبات عليه، بينما برّي بنظر الدول الأوروبيّة والولايات المتّحدة الأميركيّة، نقطة وصل بين حارة حريك، والموفدين الغربيين.
وقد يبدو بحسب الكثيرين أنّ هناك تناغماً بين “حزب الله” و”أمل”، وقد وصل بهم الأمر إلى إطلاق تسميّة “الثنائيّ الشيعيّ” عليهما، لكن، وعلى الرغم من كلّ هذا التنسيق والتوافق في العديد من المواضيع السياسيّة والعسكريّة، والدفاع عن الفلسطينيين وغزة، يظهر في الكواليس بعض التنافس الخفيّ بين الحليفين الشيعيين.
ويقول المراقبون إنّ الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، وصورة تشييع شهداء الحركة الثلاثة يوم الأربعاء الماضي، إضافة إلى الحشد الشعبيّ في مناسبة إحياء كلّ ذكرى لتغييب الإمام الصدر، أبرز دليل على أنّ “أمل” لا تزال موجودة وحاضرة في الشارع الشيعيّ.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook