آخر الأخبارأخبار محلية

عشاء كليمنصو حركة قد تفضي إلى بَرَكة

لا يمكن فصل اللقاء – العشاء العائلي، الذي أقامه وليد جنبلاط لرئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية في دارته في كليمنصو عن زيارة التعزية، التي قام بها المرشح الرئاسي الوحيد المعلن للمرشح الآخر غير المعلن، قائد الجيش العماد جوزاف عون. وما بين اليرزة وكليمنصو “ضربة حجر”، من حيث المسافة الجغرافية، ولكنها قد تبدو للبعض أبعد بكثير، من حيث المواقف الرئاسية التي لم تنضج بعد، وإن كان الجو الذي ساد عشاء “الخبز والملح” بين “البيكين” عائليًا بامتياز، إلاّ أن طبقه الرئيسي كان الاستحقاق الرئاسي وضرورة “لبننته” بالحدّ الذي تسمح به الظروف، داخليًا وخارجيًا، مع تنامي فكرة تميل إليها اللجنة الخماسية القائمة على “الخيار الثالث”، من دون وضوح الرؤية لدى أعضائها عن هوية الشخصية، التي ستحظى بالدعم الخارجي. 

 

وما يمكن أن يُستنتج من “عشاء كليمنصو “العائلي” هو أن المسعى الخارجي لن يُترجم على أرض الواقع إن لم يلقَ أرضية داخلية خصبة، فإن “لم يبنِ أهل البيت فعبثًا يتعب البناؤون”. فأهل البيت هم أولى بالمعروف. لكن المشكلة الأساسية، التي لا تزال تحول دون إتمام الاستحقاق الرئاسي، هو أن أهل البيت منقسمون على أنفسهم، “ومتى انقسم أهل البيت فإن البناء ينهار”. ولكي لا ينهار “البيت اللبناني” على رؤوس سكانه تحرّكت كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر. فلا التحرّك الداخلي وحده كافٍ لإنتاج رئيس بمواصفات تجمع ما بين اللبنانيين ولا تفرّق ما بينهم، ولا التحرّك الخارجي وحده كافٍ أيضًا.

 

وإذا لم يلتقِ هذان التحرّكان على قواسم مشتركة فإن لبنان باقٍ من دون رئيس حتى إشعار آخر، أو حتى وضوح الرؤية بعد انقشاع غبار المعارك الدائرة في كل من غزة وجنوب لبنان. هذا على الأقل ما يقوله “حزب الله” على لسان أمينه العام. 

 

وعلى رغم أن السيد حسن نصرالله يعرف أن الحرب قد تطول في غياب أي مؤشرات عن قرب إيجاد حلول سياسية ضامنة لحقوق الشعب الفلسطيني، فإن ربط الاستحقاق الرئاسي، وهو شأن داخلي محض، بأي شأن خارجي، وإن كانت له اعتباراته الخاصة وشأنه الإقليمي ذات المؤثرات المباشرة على ما عداه من أمور وقضايا أخرى، قد يكون تقديرًا غير موضوعي، إلا إذا كان “حزب الله” يراهن على عامل الوقت لكي يستطيع أن “يقرّش” ما يمكن تحقيقه ميدانيًا في المجال الرئاسي، ولكن لا شيء مضمونًا في كلا الحالتين، وفق مصادر متابعة للمسارين الميداني والسياسي. 

 

وبالعودة إلى “العشاء”، الذي كان “الحدث” على الساحة السياسية، فإن ما تنصح به أوساط متابعة هو عدم الذهاب بالتحاليل والاستنتاجات إلى أبعد من الواقع، الذي يفرض على الجميع، بمن فيهم أركان “اللقاء الديمقراطي” وتيار “المردة”، وغيرهم من القوى السياسية، التعامل مع هذا الواقع بمقاربات موضوعية لهذا الاستحقاق العالق في عنق زجاجة الخلافات الجانبية بين من يعتبرون أنفسهم في خطّ “المعارضة” وأولئك المصنّفين في خطّ “الممانعة”، وهما صفتان متلازمتان لصفة أخرى تُختصر بكلمة “تعطيل”. وهذا التعطيل لا يقتصر فقط على رئاسة الجمهورية، مع أنها أم السلطات، بل يطال تقريبًا كل المؤسسات “المكربجة”، أو تلك التي وصلت إلى حافة الانهيار.  

 

كان يُقال في زمن الخير إن “في الحركة بركة”. وهذا ما يفعله سليمان فرنجية، وإن كانت مفاعيل “البركة” هذه الأيام شحيحة بفعل التجاذب السياسي، الذي لا يأخذ في الاعتبار ما يلحق بالبلاد من أضرار اقتصادية، وإن كان ما يتوقعه رئيس الحكومة عن تخطّي “النمو العام الـ 2.5 في المئة، وأن الحكومة قد تمكّنت على رغم القدرات المتواضعة من إدارة أمور الدولة من دون عجز”، يفتح كوة أمل في جدار الأزمات المتراكمة. 

 

ولكن عندما يحين وقت القطاف الرئاسي قد تفضي حركة فرنجية أو أي حركة أخرى إلى بركة بعد أن يكون عقد الاصطفافات السياسية قد اكتمل. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى