آخر الأخبارأخبار محلية

لبنانية المزارع تستند إلى قرار 318.. والانكار يبقي الاحتلال ويسقط شرعية المقاومة

يسعى الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين منذ انجاز الترسيم البحري الى البدء بمفاوضات حول الترسيم البري، بقوله إن الوقت لمراجعة الإطار الذي وقع نتيجة الترسيم البحري والعمل على الترسيم البري أيضا.  فطروحات هوكشتاين  في هذا السياق ترتكز على ضرورة على تطبيق القرار 1701 ومعالجة النقطة b1 في الناقورة ومعالجة ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وإعادة شمال الغجر إلى لبنان، وتسميتها بـ”خراج بلدة الماري”. علما أن زيارته يوم امس إلى لبنان ولقاءاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون ركزت على عنوان أساسي يتصل بإعادة الاستقرار والتهدئة إلى جنوب لبنان ووقف المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الوقت الراهن تمهيداً للبحث في الملفات ذات الصلة.

رئيس الوفد العسكري المفاوض في الترسيم البحري العميد بسام ياسين كان تحدث عن مسار الترسيم البري في مقابلات عدة، حيث اعتبر أنه يمكن تعيين مختصين من الجانبين لترسيم النقاط الـ13 بطريقة دقيقة مئة في المئة وفقاً لإحداثيات عام 1949 ويتم تثبيت هذه النقاط وتنتفي الخلافات حول هذه الحدود. لكن هناك مشكلة أخرى، في شمال بلدة الغجر ومزارع شبعا، والتي تحتاج الى اتفاق سوري -لبناني حولها، وعندما نودع الوثائق التي تثبت لبنانيتها في الامم المتحدة، لأنها في الواقع لبنانية وكل صكوك الملكية تعود للبنانيين ومسجلة في الدوائر وهناك ملف كبير موجود بهذا الخصوص، بعدها تنتهي مسألة الحدود البرية كاملة بيننا وبين العدو الإسرائيلي.
 
في الجغرافيا
تطلق تسمية مزارع شبعا على المنطقة الجبلية الواقعة جنوب شرق بلدتي شبعا وكفرشوبا ‏ومزرعة المجيدية وصولا الى العباسية والنخيلة في اقصى جنوب شرق لبنان. جغرافبا تعتبر مزارع شبعا هي المنطقة المحددة بوادي العسل شرقاً، وبقصر شبيب شمالاً، وبخراج ‏قرى شبعا كفرشوبا المجيدية ونهر الوزاني غرباً وحدود فلسطين الى بانياس جنوباً، اما ادارياً ‏فهي تتمدد شرقاً الى خط رؤوس القمم من قصر شبيب الى بانياس، وقانونياً (السيادة حسب ‏القانون الدولي العام) فيقتطع من النطاق الاداري المنطقة شرقي وادي العسل، والمنطقة ‏جنوبي خط مغر شبعا (خارج المزارع) والنخيلة والعباسية الى الغجر.. وهذه هي المنطقة ‏المعتبرة لبنانية، والتي تقصد اليوم بتسمية مزارع شبعا، ومساحتها 36 كلم2 تقريباً، ‏وفيها المزارع التالية: من الشمال الى الجنوب: مراح الملول، برختا، كفر دودة مشهد الطير، ‏بيت البراق جورة العقارب، الغبرة، الربعة، رمتا، بسطرا، قفوه، زبدين فشكول، القرن، ‏خلة الغزالة، ويقع جنوب هذه المزارع مغر شبعا وهو خارج المنطقة اللبنانية.. اما ‏التسمية – مزارع – فمردها للعرف القائم على تسمية الأماكن الاهلة الصغيرة الحجم، ذات ‏الحقول الزراعية الواسعة، بالمزرعة لغلبة الوظيفة الزراعية على الوظيفة السكنية، وان ‏السكان هم من الفلاحين، ورعاة الماشية، اما الملاكون الكبار فسكنهم الاساسي خارجها خاصة في ‏شبعا وكفرشوبا، بحسب الدراسة التي اعدها  العميد المتقاعد أمين حطيط في العام 2006
لماذا المزارع لبنانية؟
يقول حطيط في دراسته: قبل انشاء لبنان الكبير كانت منطقة ‏مزارع شبعا تتبع لقضاءي مرجعيون (القسم الجنوبي) وحاصبيا (القسم الشمالي)، وبموجب ‏القرار 318 لسنة 1920 (قرار انشاء لبنان الكبير) اعتبِر هذان القضاءان من لبنان الكبير ‏حيث ورد النص، «تشكلت حكومة باسم لبنان الكبير وتشتمل… (1) سنجق صيدا ما خلا ما الحق ‏منه بفلسطين بحسب الاتفاقات الدولية…. ان حدود لبنان…. شرقا…. حدود… اقضية ‏حاصبيا وراشيا الشرقية… وبموجب هذا النص جعلت مزارع شبعا لبنانية، تماما كما اعتبرت ‏مدينة صيدا لبنانية لانها لم تكن قبل هذا القرار تابعة لمتصرفية جبل لبنان…‏
 لم يبادر المنتدب الفرنسي الى رسم خريطة سياسية للبنان، ولم يقم بعملية ترسيم حدود ‏للدولة التي انشأها، خاصة وان انشاء الدولة بذاتها لاقى معارضة المسلمين في الجنوب والشمال ‏الذين رفضوا الانسلاخ عن سوريا، والكل يذكر مؤتمر وادي الحجير 1920 ومقرراته الرافضة ‏للكيان المنشأ… لذلك اكتفى المنتدب بما قرر، ثم وضع خريطة تترجم القرار دون ان تنشر… ‏لانه لم يكن يرى ضرورة لذلك فهو الحاكم للبنان وسوريا معاً بخلاف الحال مع فلسطين التي الحقت ‏بمنطقة الانتداب البريطاني، فكان لازما ان تجري عملية ترسيم حدود دقيقة لها، وهذا كان اثر ‏اتفاقية كانون الاول 1920، التي وضعت موضع التنفيذ باتفاقية بوليه – نيو كمب… هذه ‏الاتفاقية وقعتها فرنسا وبريطانيا في العام 1923، وصادقت عليها عصبة الامم في العام ‏‏1932 فجعلت للبنان حدوداً دولية مع فلسطين.‏
‏و في العام 1934، وبعد ان هدأت الخواطر اللبنانية الرافضة للبنان الكبير، ونفذ احصاء ‏‏1932 وكرس الفصل في الجنسية بين سوري ولبنان، وصادقت عصبة الامم على الحدود مع فلسطين، ‏رأى المنتدب الفرنسي ان يثبت الحدود بين لبنان وسوريا، فكلف لجنة عسكرية من جيش الشرق ‏لوضع الخريطة السياسية اللازمة، وتثبيت خط الحدود عليها، وكان في عداد اللجنة ضباط ‏لبنانيون وسوريون منضوون في جيش الشرق.. وقد اصطدمت اللجنة بعقبات كبيرة اذ ان القرار ‏الذي حدد لبنان توصيفا لخط الحدود لم يفصل في الملكيات العقارية للافراد الذين اختاروا ‏جنسية احد البلدين وجاءت عقاراتهم في سيادة البلد الآخر.. بعد فترة من العمل الجاد قرر ‏المفوض السامي الفرنسي في العام 1936، ان تعتمد اللجنة جنسية السكان معيارا لالحاق ‏اراضيهم، كما وقرر ان يعتمد حدود القرى والملكيات العقارة المدى الجغرفي المقبول ‏للحدود… وطبق المبدأ في منطقة مزارع شبعا، حيث ان الملاكين فيها كانوا لبنانيين لكامل ‏المنطقة غربي وادي العسل، وسوريين شرقي الوادي مع وجود بعض الملكيات العقارية ‏للبنانيين هناك لكنها متناثرة.. فاتفق على ان يكون خط الوادي هذا هو خط الحدود… ومع ‏اندلاع الحرب العالمية الثانية توقف عمل اللجنة ولم يستكمل لوضع خريطة سياسية يصادق ‏عليها اصولا.. لكن اتبع امر المزارع في كل شؤونها وشجونها الى الهيئات الرسمية القائمة في ‏لبنان من حيث القيد العقاري، والنفوس والامن، والضريبة، والقضاء، ولم يكن لسوريا اي ‏شأن في الامر، وتشهد على ذلك كل السجلات والقيود الرسمية اللبنانية.‏
في العام 1946، ومباشرة بعد جلاء الجيوش الاجنبية عن لبنان وسوريا، انشأت لجنة قضائية ‏لبنانية سورية للبت بالخلافات (لجنة الغزاوي – الخطيب)، وخلال البحث تبين للجنة ان سكان ‏الغجر العلويين اختاروا الجنسية السورية، كما ان مزرعة مغر شبعا يملكها سوريون، ‏وتطبيقا للقاعدة التي اعتمدت سابقا (1936) يكون من اللازم الحاقهما (القرية والمزرعة) ‏بسوريا مع ممر مناسب يؤمن اتصال الغجر بالعمق السوري قرب بانياس، واتخذ قرار بالحاق ‏كامل المنطقة الممتدة من المغر الى الغجر بسوريا ما ادى الى اقتطاع معظم اراضي النخيلة ‏اللبنانية، لتلحق بسوريا رغم ان سكانها اللبنانيين احتفظوا بجنسيتهم، واستمروا في ‏خضوعهم للسلطات اللبنانية، اذ ان القرار بقي نظريا ولم ينفذ على الارض، ولم يغلق احد ‏طريقا بوجه مالك العقار…‏
 
في العام 1957، واثر تدهور العلاقات السورية اللبنانية، اقدمت سوريا على تركيز مخفر ‏جمركي في المزارع لمنع التهريب، فاحتج لبنان على ذلك بعد ان رفض الاهالي هذا الامر خشية ‏اقتطاع اراضيهم والحاقها بسوريا خاصة وانه راج في الان ذاته حديث عن نية سوريا بمنح ‏جنسيتها لمن يرغب من الاهالي هناك، فوجه رئيس الحكومة اللبنانية سامي الصلح كتابا ‏الى سوريا ومصر والجامعة العربية يبلغهم برفض لبنان للمخفر وتمسك لبنان بارضه في ‏المزارع، فاجابته الحكومة السورية بان المخفر لا يخفي اي مضمون او دلالة سياسية، فهو مجرد ‏امر ظرفي لمعالجة مشكلة، عندها اصدر الصلح القرار رقم 493 بتاريخ ‏‏14/12/1657 الى السلطات اللبنانية المختصة يؤكد فيه على «ضرورة تسجيل كل الحوادث ‏والتجاوزات في المزارع، وبذل اقصى الجهود للمحافظة على لبنانية مزارع شبعا (ومن ضمنها: ‏كفردومة، مراح الملول، قفوة، رمتا، خلة غزالة، فشكول، جورة العقارب، الربعة، بيت ‏الذمة، عرضتا، الخ»… وبعد العام 1958 استعادت العلاقات اللبنانية السورية حرارتها، في ‏ظل الرئيس جمال عبد الناصر ولم يجد احد ضرورة لاثارة اي اشكال حول المزارع في ظل التيار ‏الوحدوي…‏

في العام 1962 نظم الجيش اللبناني خريطة عسكرية للبنان بمقياسين 20000/1 و50000/1 ‏وانطلق مبدأ التخطيط من الواقع الميداني وليس من الحق القانوني، والسيادي، فادرجت ‏المزارع خارج الخريطة، ولما ذاع امر هذا العمل في اواخر العام 1963، وتناهى العلم بذلك ‏الى مسمع الاهالي، ثارت حفيظتهم، وطالبوا بالتصحيح حتى لا تضيع الارض، فابلغوا يومها ان ‏الخريطة تلك ليس لها اي اثر قانوني فهي عمل تقني منفرد غير موقع من الطرفين المعنيين، وهو ‏يعني الجيش وحده ولن يوثر في اي حال على الواقع الحقوقي والسيادي للارض، وان الدولة بصدد ‏انتظار الفرصة الملائمة لرسم الخريطة السياسية للبنان وبت موضوع الحدود مع سوريا بشكل ‏كامل، وهي بت موضوع المزارع سنة 1946، ولا تغيير قانونياً للحال ذاك، واستمر التعامل مع ‏المزارع وفقا لما كان قائما قبل الخريطة وفي كل المسائل الرسمية، ثم تقرر ان تشكل لجنة ‏لبنانية سورية مشتركة للبت بكل المسائل العقارية العالقة على طول الحدود، وبالفعل شكلت ‏اللجنة وانطلقت في عملها استكمالا لعمل لجان سابقة.. ونظمت اكثر من محضر اتفاق في اكثر ‏من نقطة خلافية، وحفظت هذه المحاضر لدى لبنان وسوريا (لا زالت موجودة في محفوظات الجيش ‏اللبناني) وكان اتفاق حول لبنانية المزارع بصيغة 1946 (اي الى وادي العسل واخرج المغر ‏والغجر منها). ولكن لم تستكمل اللجان عملها فداهمتها حرب 1967… فتوقفت ما سبب عدم ‏تصديق المحاضر من قبل السلطات السياسية المخولة في البلدين، وبقيت خريطة 1962 تنتظر ‏استكمال العمل للتصحيح النهائي، مع استمرار الحال الاداري والقانوني والسياسي ‏والواقعي على ما هو عليه على كامل الحدود بما فيها مسألة المزارع (اي ممارسة لبنان كامل ‏سيادته عليها، واستثماره للارض كلها).‏
 

ويذكر حطيط ان التوقف عن العمل المشترك على الحدود  استمر حتى العام 1970، ‏العام الذي وصل فيه الى قمة السلطة في لبنان وسوريا من تربطهما علاقة ود شخصية مميزة ‏‏(الرئيس حافظ الاسد، الرئيس سليمان فرنجية) حيث تقرر بناء لطلب من الرئيس اللبناني ‏وضع حد نهائي لمسألة الحدود، فتجاوب الرئيس الاسد واطلق مقولته الشهيرة «لبنان وسوريا ‏شعب واحد في دولتين»، واسدل بذلك الستار على تاريخ من القلق اللبناني حول عدم اعتراف ‏سوريا بلبنان كدولة، وتنفيذا للوعد والتفاهم اعيد العمل باللجنة التنفيذية المشتركة ‏للحدود اللبنانية السوريةالتي عملت على وضع مبادىء عامة لحل الخلافات الحدودية، وقد ‏اقرت اللجنة جملة مبادىء تضمنتها الخلاصة التي رفعتها الى مجلس الوزراء في البلدين اثر ‏دورتها المنعقدة في دمشق بتاريخ 17 و 18 ايار 1971 حيث ان اهم ما ورد في الاتفاق :‏
أ- لا قيمة قانونية لخريطة 1962 اذ انها صادرة عن طرف واحد غير سياسي او حقوقي خلافا ‏للمبادىء المتفق عليها من الفريقين.‏
ب- ان مزارع شبعا لبنانية وبشكل لا يقبل الجدل، وان مسألة لبنانيتها، ليست مطروحة ‏للنقاش، اذ ان كل الاتصالات، والمراسلات، والمحادثات، بين الجانبين اللبناني والسوري كانت ‏تنطلق دائما من التسليم بهذه اللبنانية، المستندة الى القانون الدولي عملا بالقرار 318، ‏وبالقاعدة القانونية التي تقول :«ما رسمه المنتدب من الحدود فهو الحدود»، وفقا لما استقام ‏عليه اجتهاد محكمة العدل الدولية في لاهاي، اضافة الى تكريس الامر في اتفاق 1946، وهو ‏يستند الى قاعدة قانونية اخرى :«الحدود بين الدول ترسمها الدول ذاتها»…‏

ج- ان حدود السيادة اللبنانية في المزارع هي حدود الملكيات العقارية، والحدود الادارية ‏لكل من شبعا وكفرشوبا والمجيدية والعباسية، الا ما خرج عن خط وادي العسل مغر شبعا ‏النخيلة والغجر. (الخريطة رقم 1).‏

لماذا كان النزاع في العام 2000 حول مزارع شبعا؟‏
يجيب حطيط بالقول :في العام 1967 احتلت اسرائيل الجولان السوري، ولم يكن في منطقة المزارع هذه وجود عسكري لاي ‏من لبنان وسوريا (الا مخفر لبناني من 5 عناصر في مزرعة زبدين)، بل كان فيها بعض ‏القواعد العسكرية الفلسطينية (3 قواعد كما يذكر)، ولم تدخل اسرائيل الى المزارع كونها ‏تقر بلبنانيتها.‏
وبعد شهر تقريبا من وقف اطلاق النار في 11 حزيران 1967، وفي ظل غياب رسمي لبناني، وطبعا ‏سوري، بدأت اسرائيل بعمليات التقرب العسكري المتدرج من المزارع، بدوريات ظرفية غير ‏مقيمة ثم، طرد السكان، ثم احتلال الارض التدريجي، حيث سجل حتى اواخر العام 1967 احتلال ‏الملول وبرختا، ثم حتى العام 1972 ما تبقى من مزارع الا مزرعة بسطرا والنقار، ومنطقة ‏السدانة وغربي النقار ولحظت المنطقة المحتلة من المزارع في خرائط فض الاشتباك في الجولان في ‏العام 1974، واحتلت المنطقة المتبقية من المزارع في العام 1978 في معرض الاجتياح ‏الاسرائيلي للبنان الذي تسبب في اصدار القرار 425، الذي نص على خروج اسرائيل فورا ومن ‏غير شروط من الاراضي اللبنانية.‏
وكان تقصير السلطة اللبنانية في الفترة ما بعد 1976، والى 1978 إذ ان الحكومة لم تبادر الى ‏اي عمل رسمي ذي قيمة قانونية حقوقية معتبرة في القانون الدولي العام لتطالب اسرائيل ‏بالانسحاب من المزارع، (باستثناء عمل خجول من وزير الخارجية ايلي سالم)، وكان القيمون على ‏الشأن اللبناني يتذرعون بخشيتهم من الحاق لبنان بالقرار 242، والاضطرار للدخول في ‏مفاوضات غير متكافئة مع اسرائيل، يخسر لبنان فيها بعض ما لديه، وتقرر ضمنا ان تبقى ‏سوريا كما فعلت في فض الاشتباك هي المعنية تفاوضيا فاذا استعيدت المزارع اعيدت الى لبنان ‏بحسب القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية.‏
عندما رضخت اسرائيل في العام 2000 لقرار المقاومة باخراجها من لبنان من دون اتفاق ‏معها، لجأت اسرائيل الى الامم المتحدة عارضة تنفيد القرار 425، الذي تجاهلته نيفا و22 ‏عاما، وقصدها في ذلك التغطية على هزيمتها، والظهور بمظهر المطيع للشرعية الدولية. ‏وتجاوبت الامم المتحدة مع الطلب الاسرائيلي وكلفت لجنة منها (عسكرية سياسية حقوقية ‏تقنية) لمراقبة تنفيذ القرار والتحقق من الانسحاب.‏
كان على اللجنةحتى تنفذ مهمتها، ان ترسم ، بحسب حطيط، خط الحدود الدولية للبنان لتخرج اسرائيل ‏عبره، لكن، تبين ان هناك صعوبة في اظهار هذا الخط بالدقة اللازمة، فتقرر ‏الطلب الى لبنان واسرائيل ايداع اللجنة ما لدى الطرفين من وثائق ومستندات تثبت الخط ‏الحدودي، فاستجاب لبنان، وتجاهلت اسرائيل الطلب.. ورفع لبنان ملفا كاملا يثبت حدوده ‏الدولية من الناقورة غربا الى قصر شيبب في اعلى جبل الشيخ شرقا، مظهرا هذا الخط بخريطة ‏مقياس 1/50000، وخريطة مقياس 1/20000 ولائحة احداثيات، وبعض الوثائق الحقوقية الاخرى.. ‏ملف يقطع بالحقيقة الدامغة… ولقد استند لبنان في اعداد الملف الى القانون الدولي ‏العام، والقانون المدني، والاتفاقات بين لبنان وسوريا، واعمال المنتدب، وكرس حقوقه في ‏ارضه كما هي قانونا .
عرض الملف اللبناني على كل من سوريا واسرائيل كونهما المعنيين بالجانب الاخر من الحدود، ‏فوافقت سوريا على الموقف اللبناني، وابلغت موافقتها الى الامين العام للامم المتحدة واشار ‏اليه الامين العام السيد كوفي انان في تقريره المرفوع في 22/5/ الفقرة 16 «وفي حديث هاتفي ‏معي في 16 مايو 2000 ذكر وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، ان الجمهورية ‏العربية السورية تؤيد المطالبة اللبنانية (بمزارع شبعا)».. واكد الموقف السوري بعد ذلك ‏بكتاب خطي رفعه مخايل وهبي مندوب سوريا في الامم المتحدة الى الامين العام في تشرين ‏الاول 2000. اما اسرائيل فقد وجدت ان خروجها من المزارع يعني خسارتها لاخر ورقة ضغط على ‏لبنان لادخاله في مفاوضات معها على اساس القرار 242، وهي مفاوضات تعول عليها لتحقيق 4 ‏مكاسب لها في لبنان فرض التوطين، تقاسم المياه، تعديل الحدود، وتعيين الوظيفة اللبنانية في ‏الشرق الاوسط بما لا ينافسها. لذلك ابلغت الامم المتحدة بانها احتلت هي الارض قبل 1978، ‏وبالتالي فهي ارض لا تخضع للقرار 425، (لم تنكر لبنانيتها)، ومصيرها مرتبط بتنفيذ القرار ‏‏242، فاذعنت الامم المتحدة للطلب الاسرائيلي تحت الضغط الاميركي واخرجت المزارع من المنطقة ‏الواجب اخلاؤها، واظهرت ذلك في مشروع الخط الذي جاءت لتعرضه على لبنان، كما جاء في دراسة العميد حطيط.

ناقش لبنان الخط المقترح من قبل الامم المتحدة، لاعتماده معيارا لتأكيد الانسحاب، فتبين له ‏انه لا يستجيب للمطلب اللبناني المبين في الملف المرفرع اذ انه في الجانب المتعلق بفلسطين ‏المحتلة، يغاير خط الحدود الدولية في 9 مناطق كبرى، وفي الجانب مع سوريا يختلف عن خط الحدود ‏تماما باخراجه منطقة المزارع بكاملها من لبنان. فرفض الخط الدولي وتقدم لبنان بمطالبه ‏لتصحيحه، مؤكدا مواقفه السابقة، وبالفعل استلم الفريق هذه المطالب ثانية واظهرها ‏على خريطة اعتمدت من وثائقه لكنه لم يقبل بكل ما جاء فيها، لذا كان لا بد من البحث ‏بالامر. وبعد نقاش مضن استجاب الفريق الدولي للمطالب اللبنانية في الجانب الفلسطيني الا في ‏نقاط ثلاث، تحفظ لبنان على القبول بالخط الدولي فيها (رميش، عديسة، المطلة)، اما في الجانب ‏مع سوريا فكان رفضنا قاطعا، وتحفظ على اخراج المزارع
لم ينكر الفريق الدولي لبنانية المزارع، خاصة وان اسرائيل لم تدع بانها من فلسطين المحتلة، ‏وان سوريا وافقت على ما طرحه لبنان، وبالتالي لم يكن للامم المتحدة اي ذريعة قانونية ‏لتاكيد لبنانية هذه المنطقة، وبالمقابل كان هناك قرار دولي مسبق بابقاء المزارع تحت ‏الاحتلال لتحقيق الاهداف الاسرائيلية السابقة الذكر. هنا جاء الفريق الدولي عبر رئيسه ‏لارسن ببدعة الصلاحية العملانية وقال: بما ان المزارع لحظت في خرائط فض الاشتباك في الجولان ‏فان الصلاحية العملانية تكون فيها لقوات فض الاشتباك في الجولان ‏UNDOF‏ اندوف، وليس لقوات ‏الامم المتحدة المؤقت في الجنوب ‏UNIFIL‏ يونيفل، وبما ان مهمة فريقنا هي تطبيق القرار 425 ‏الذي انشأ هذه القوات ولا علاقة لنا بعمل الاندوف لذلك لا يكون اخلاء المنطقة من صلاحيتنا. ‏رفضنا هذا المنطق المغاير لكل منطق خاصة وان القرار 425 ينص على خروج اسرائيل من كل ‏أرض لبنانية، دون التوقف عند صلاحية عملانية او سواها من الذرائع. لكنهم، من غير توقف عند حق ومنطق، تمسكوا بموقفهم فرفضناه، ورسموا عندها ‏الخط المبحوث فيه والذي اسمي ازرقا بعد ذلك، بخط متقطع دلالة على كونه ‏موقتا وغير مقبول من لبنان، ثم طلبنا ووافقوا، على اضافة عبارة ان هذا الخط لا قيمة ‏قانونية له، ولا يؤثر في موقع الحدود الدولية فكان ذلك…‏واستقر الحال بتاريخ 3/8/2000 (تاريخ انتهاء العمل من التحقق من الانسحاب ‏الاسرائيلي) بيننا وبين الامم المتحدة على التمسك اللبناني بالمزارع مع دعم سوري للبنان ‏في موقفه، وعلى عدم انكار الامم المتحدة للبنانية المزارع بل اعتبارها غير خاضعة للقرار ‏‏425، وقد أودعت اللجنة اللبنانية التي رأستها تقريرها لدى قيادة الجيش تبين فيه ما تحقق ‏في المهمة، وضمنته الموقف في مزارع شبعا، فقررت القيادة فوراً تصحيح الخرائط المعتمدة ‏عسكرياً في الجيش لتكون اقرب ما يمكن للخريطة السياسية التي قرر مجلس الوزراء اللبناني ‏اعتمادها بحيث تجب كل ما قبلها من اخطاء، وقررت اعتماد ما جاء في القرار 318/1920 وهو ‏القرار الاساس، كما وما جاء في عمل لجان 1934، و1946، 1966 وكانت الخريطة النهائية ‏الصادرة العام 2001. وفيها الحدود التي يرى لبنان انها وضعت له، وهي المعتبرة حدوده ‏الدولية بحسب قواعد القانون الدولي… اي ان الخريطة الجديدة وضعت الامور في نصابها فأعلنت ‏حقاً ولم تنشىء الحق، وهو حق غير منازع فيه…‏
‏وعليه، يؤكد حطيط أن بعد 4 سنوات، وبعد أن صدر القرار 1559، خشيت الامم المتحدة ان تنهار خطتها في إبقاء ‏إسرائيل في المزارع بعد أن أسقط القرار منطق الصلاحية العملانية، ونص على وجوب خروج ‏القوات الاجنبية من اي ارض لبنانية، فخشيت تلك المنظمة ان يطالب لبنان بتنفيذ القرار ‏في المزارع ايضا، فجاءت وعلى لسان موفد الأمين العام الى الشرق الاوسط تيري رود لارسن لتقول ‏ان المزارع سورية، وبعد ان رفض لبنان هذا القول، وايدته سوريا في مطلبه ورفضه اصرت ‏الامم المتحدة من غير بينة او دليل على موقفها…‏

 وعليه فإن خلاصة الدراسة التي اعدها حطيط  تؤكد ان مزارع شبعا لبنانية، ولا يوجد اي بينة تنكر لبنانيتها، كما لا يوجد ‏اي فريق يدعي ملكيتها غير لبنان، ولا يوجد اي نزاع بين لبنان واي دولة على ملكيتها… ‏اما النزاع الوحيد في شأنها فهو النزاع مع الامم المتحدة التي تمارس في الامر شأنا ليس من ‏صلاحياتها، لان الامم المتحدة ليست هي الجهة الصالحة لتعيين الحدود بين الدول، كما انه لا يلجأ ‏الى التحكيم او الى القضاء الدولي او الى محكمة لاهاي الا اذا كان هناك نزاع… فان انعدم ‏النزاع فقد البحث موضوعه…‏
 
‏ اما اذا انكرت لبنانية المزارع؟

 فان ذلك يعني، بحسب العميد حطيط، بقاء اسرائيل فيها بانتظار مفاوضات لن تتم مع سوريا في المدى المنظور، ‏وبقاء الاحتلال جاثماً عليها مع اسقاط شرعية المقاومة لاستعادتها… وبسقوط هذه الشرعية ‏يسقط مبرر وجود السلاح المقاوم في لبنان… وهو سلاح يعتبر الغرب ان خطورته ليس في ‏نوعيته وكميته، بل في مكان وجوده وقوة تأثيره…فالغرب الذي يرى ان منطقة الشرق ‏الاوسط الكبير هي منطقة استراتيجية واحدة متكاملة يعرف تماما ان اي قرار ينفذه في جزء ‏منها تكون له ارتدادات في اجزاء اخرى. وبالتالي ان لبنانية المزارع تعني تحريرها او ابقاء شرعية المقاومة، وكلاهما مرفوض ‏اسرائيليا اليوم،فامام انكار لبنانية المزارع فهو يسقط شرعية المقاومة ويبقي الاحتلال ‏حاضرا ويذكي الخلاف مع سوريا. اما  انكار لبنانية المزارع بالتذرع بخريطة 196 والقول بتزوير خريطة فهو، وفق حطيط، دليل الخبرة المحدودة في ‏الموضوع، فالجيش اللبناني ليس هو من يضع الحدود، فقرار الحدود سياسي، ورسم الخريطة تقني، ‏فان عارضت التقنية الحق، فلا يعني النزول عن الحق، وان صححت التقنية الامر لتعود الى ‏الحقيقة القانونية.
وبناء على كل ما تقدم يؤكد حطيط ان استعادة الحق الوطني في مزارع شبعا تستدعي التمسك بالموقف اللبناني الرسمي الذي تبلور في ‏العام 2000 بالاستناد الى القانون، المدني والدستوري، والدولي العام، الموقف الذي يقول ‏من غير اي التباس: مزارع شبعا لبنانية يجب تحريرها.‏ استغلال الاهتمام الدولي المفاجئ بلبنان، بعد نسيان طويل وابلاغ واشنطن أنها إذا  كانت تريد ‏مساعدتنا فعلا فلتضغط على اسرائيل لتخرج منها، وتذكير الامم المتحدة بان لبنان وافق على التحقق من الانسحاب الاسرائيلي وفقا للخط ‏الازرق، الذي لا يمس باي حق وطني، اما في المناطق المتحفظ عليها، ومنها مزارع شبعا، فان ‏لبنان كما ابلغ الامم المتحدة في العام 2000 لا يعتبر هذا الخط مانعا له من استمرار ‏مقاومته المشروعة لتحرير ارض لبنانية..
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى