هل تستغلّ إسرائيل ردّ حزب الله لجرّه إلى حرب واسعة؟
أشعلت إسرائيل الجنوب في ردّها على ردّ “حزب الله” على اغتيال القيادي “الحماسي” صالح العاروري ورفاقه في الضاحية الجنوبية. فهل يكتفي العدو بهذا القصف الشامل لأكثر من منطقة جنوبية أم أنه سيستغل ردّ “الحزب” الموجع لتبرير ما يمكن أن يقوم به على مستوى كل لبنان، وهذا ما كان يخطّط له منذ زمن بعيد؟
فـ”حزب الله” استهدف قاعدة “ميرون” الجوية، كردّ “أولي” على تجرؤ تل ابيب على اختراق أمن الضاحية الجنوبية بهذه الحرفية العالية الدقة، إذ تقول المعلومات أن المسيّرة التي استهدفت العاروري ورفاقه استخدمت البصمة الصوتية للمغدور، وهي تقنية عالية الجودة والدقة، من دون إغفال فرضية “العملاء من الداخل”، الذين يرجّح أن يكونوا قد زودّوا غرفة العمليات في الداخل الإسرائيلي بإحداثيات الشقة السكنية، التي كان يعقد العاروري اجتماعًا أمنيًا فيها، وقد جاءت الاصابة مباشرة ومن دون أخطاء. ويقول بعض الخبراء العسكريون أن الأمر لم يكن يحتاج إلى إطلاق أكثر من صاروخ مع أن ثمة معلومات غير أكيدة بأن الشقة استهدفت بعدّة صواريخ متتالية، لأن سكّان المنطقة سمعوا أكثر من صوت انفجار واحد.
وبالعودة إلى الردّ الأولي لـ “حزب الله”، الذي استهدف قاعدة “ميرون” التي تُعنى بتنظيم وتنسيق وإدارة كامل العمليات الجوية باتجاه سوريا ولبنان وتركيا وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. كذلك، تُشكل هذه القاعدة مركزاً رئيسياً لعمليات التشويش الإلكتروني على الاتجاهات المذكورة، ويعمل في هذه القاعدة عدد كبير من نخبة الضباط والجنود الإسرائيليين.
ويبقى السؤال قبل طرح أسئلة أخرى عمّا سيتبع الردّ الأول لـ “حزب الله”، هل تكتفي إسرائيل بهذا القدر من القصف غير المسبوق، أم أنها ستلجأ مرّة أخرى إلى استهداف الضاحية الجنوبية أو غيرها من المناطق، التي يعتبرها “الحزب” حسّاسة، والتي يمكن أن تصيبه بالصميم، أم أنها ستلجأ إلى استدراج “المقاومة الإسلامية” إلى حرب شبيهة بتلك التي تجري على أرض فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية؟
فهل يُستدرج “حزب الله” إلى هذه الحرب الواسعة ويقع في الفخ الإسرائيلي، وهل يلغي الأمين العام لـ “الحزب” السيد حسن نصرالله” كلمة “إذا” الشرطية من قاموسه السياسي، وتصبح المواجهة مفتوحة من ضمن المصلحة الوطنية بعد أن تسقط المحاذير الأخرى التي لا يزال “حزب الله” يأخذها في الاعتبار، مع أنه يعرف تمام المعرفة أن ردّة فعل العدو على عملية “ميرون” الجوية ستكون قاسية وموجعة، خصوصًا أن بعض القادة العسكريين في تل أبيب قد شبهوا عملية “ميرون” بعملية “طوفان الأقصى”، من حيث مفاعيلها ونتائجها العسكرية ومدى تأثيرها على معنويات الجيش الإسرائيلي، التي أصبحت متدنية كثيرًا؟
ففي خطابه الأخير أعطى نصرالله لـ “الميدان” الضوء الأخضر لتنفيذ العملية الثأرية، وهو لم يتحدّث عن “المكان والزمان المناسبين”، بل ترك الأمر لـ “الميدان”، الذي سارع إلى تحديد الهدف وقام بتنفيذه من دون تردّد. وهذا ما أعطى لكلام نصرالله صدقية أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن العدو لم يأخذ كلامه على محمل الجدّ. أمّا وقد قام مجاهدو “المقاومة” بهذه العملية النوعية والسريعة فإن ما بعد “ميرون” غير ما قبلها في الحسابات الاسرائيلية.
وباللغة العسكرية، والتي يفهمها العدو الإسرائيلي جيدًا، لا يعني ردّ “الحزب” توطئة لانجراره في حرب واسعة، لأنه لا يزال يأخذ في الاعتبار دقة الأوضاع الداخلية، وعدم قدرة البلد على الدخول في حرب مفتوحة، خصوصاً أن إيران لا تبدي حماسة لتوسعة الحرب، ولو أنها أرادت ذلك لتدخلت في الوقت المناسب، لكنها تفضل الإبقاء على قنوات الاتصال غير المباشر مفتوحة مع واشنطن.
وعليه، فإن الحزب، وإن كان ردّه عنيفًا، ليس في وارد الانجرار إلى حرب مفتوحة، شروطها غير متوافّرة، بخلاف الظروف التي كانت قائمة في حرب 2006، وهو يفضّل أن يبقى تحت سقف مساندته “حماس”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook