آخر الأخبارأخبار محلية

لبنان اجتاز تحديات مالية فهل يحمل العام 2024 حلولا جذرية ضمن خطة التعافي؟

يكاد ينتهي العام 2023 لكن الأزمة الاقتصادية التي ارخت بظلالها على لبنان في العام 2019 لا تزال آثارها وتداعياتها مستمرة على هذا البلد، رغم كل المحاولات التي حصلت من أجل التخفيف من وطأة الأزمة على المواطنين لا سيما القطاع العام مع إقرار الحكومة الزيادات وبدل التعويضات لهذا القطاع، ورفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص أسوة بالقطاع العام. علما أن العام 2023 لم يشهد تحسناً في إنتاجية القطاع العام ولم تستطع السلطة  إعادة عجلة العمل الى كثير من الإدارات والمصالح المتوقفة وأهمها الدوائر العقارية ومصلحة تسجيل السيارات والمعاينة الميكانيكية الا في الاشهر القليلة الماضية.

الاهم  أن لبنان اجتاز  القائمة الرمادية الخاصة بمجموعة العمل الدولية FATFفي هذا العام في حين ان “ستاندرد آند بوز” ابقت نظرتها  للتصنيف الائتماني الطويل الأجل بالعملة المحلية سلبية.اما وكالة موديز للتصنيف الائتماني فأبقت تصنيف لبنان عند C، لكنها عدّلت نظرتها المستقبلية إلى مستقرّة.

لعل أبرز إيجابيات العام 2023 هي في الانتقال السلس لحاكمية مصرف لبنان وعودة مجلس المركزي كوحدة متجانسة ترسم القرارات وامتناع مصرف لبنان عن تغطية عجز الدولة من دون تشريع ذلك  إضافة الى الانتظام في تواقيت الموازنة، فنجحت الحكومة اللبنانية في إقرار مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024، ضمن المواعيد الدستورية، وذلك للمرة الأولى منذ 21 عاماً، رغم ملاحظات  الاقتصاديين على بعض بنودها المتصلة بالضرائب. ومن الإيجابيات عودة القطاعات السياحية إلى التقاط أنفاسها،  مع الإشارة إلى أن لبنان تلقى خلال العام 2023 ما يقارب 6.37 مليارات دولار من تحويلات المغتربين.

لا شك ان استحقاقات 2024 يختلط فيها السياسي بالاقتصادي خاصة ان الملفات في لبنان مرتبطة مع بعضها البعض، فالفراغ الرئاسي القى بظلاله على العمل الحكومي الذي انعكس تلقائيا على كل القطاعات المالية والاقتصادية وكل العمل الحكومي فأول الانتظار يبدأ مع انتظام الحياة الدستورية بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة  تبعث الثقة في الداخل والخارج ضمن معادلة الشفافية فهناك دول في الإقليم مرت بأزمات مختلفة وخرجت منها ضمن سنوات قليلة ولكن حتى الساعة لا يوجد إرادة حقيقية لاجتراح الحلول القادرة والمقبولة في حلبة صراع بين المكونات السياسية ومصرف لبنان وجمعية المصارف لردم الفجوة المالية، والخشية ان يتحمل المودع وزرها كما تحمل في السنوات الاربع التي خلت.

ان الاتفاق مع صندوق النقد أصبح متل قصة ابريق الزيت في لبنان. ويعتقد استاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة اللبنانية محمد موسى ل”لبنان 24″ان المجتمع الدولي بدأ يمل من التعاطي مع العقلية اللبنانية التي تريد كل شيء على طريقتها علما” ان مقاربة صندوق النقد ليست منزلة ولكنها المدخل الصحيح لبداية الحل، ولكن الاستمرار بالمنهجية نفسها في التعاطي لن يودي الى الحلول وأبرز مثال “قانون الكابيتال كونترول” الذي اطاحت به الخلافات السياسية. في حين يرى الخبير المالي الدكتور بلال علامة  ل”لبنان24″ ان العام 2024 لن يشهد أي تطور على مستوى توقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي كون الشروط التي طلبها الصندوق تتهرب من تطبيقها السلطة السياسية ولن تقدم على إقرارها او تطبيقها خلال العام 2024.

ولذلك فإن مستقبل الليرة، كما يقول موسى، ليس بألف خير ما لم تبصر الحلول الحقيقية النور، بمعنى بلورة اتفاق مع صندوق النقد وردم الفجوة المالية بين الأطراف المعنيين وإقرار خطة التعافي وإقرار القوانين الإصلاحية بلا مماطلة والبعد عن تمويل الدولة وخلق فرص الثقة بالقطاعات كلها تبقي الليرة بأمان. اما سوى ذلك فلا شي مضمونا في منطقة على كف عفريت وارضها رمال متحركة وربما لبنان أضعفها بالمعنى الاقتصادي والسياسي. في المقابل لا يتوقع الدكتور علامة  هدوءا واستقرارا للوضع المالي والنقدي طويلاً خلال العام 2024 ،ومرد ذلك ان نهاية العام 2023 شهدت  عودة التمدد والإنتفاخ للكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي كانت محتسبة تسعة وأربعين تريليون سابقاً خلال شهر تشرين الأول وأصبحت في شهر كانون الاول خمسة وخمسين تريليون،مع تأكيده أن دفع  المتوجبات على الدولة ما زال يتم بالدولار الاميركي.

والاكيد بحسب موسى، ان أموال المودعين تشكل مفتاح الحل في لبنان لأنها البوابة لإعادة الثقة بالمصارف،  والتي من شأنها أن تعيد القطاع المصرفي إلى ما كان عليه في سنوات خلت. ومن هنا لابد من هيكلة المصارف والاستفادة من قوانين معينة كالدمج وغيرها لبلورة عودة أموال الناس او الجزء الأساسي منها في 2024.و لابد من حلول جذرية ضمن خطة التعافي خاصة لأصحاب الودائع الصغيرة لان كل يوم تأخير سيعني المزيد من تحلل الدولة ودورها في هذا المجال.

لكن الثابت، كما يقول الدكتور علامة، أن لا أحد يستطيع رسم صورة للوضع  في لبنان  خلال العام 2024، لأن الأمور مرهونة بعوامل كثيرة أولها الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وليس آخرها كيفية مقاربة الكتل السياسية والاحزاب للأزمة الراهنة وطرق المعالجة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى