آخر الأخبارأخبار محلية

هل يكون العام 2024 للتقويم والمراجعة وتصويب الخيارات عند الوطني الحر

يختلف منطق الخسارة والربح عند المكوّنات السياسية، لكن التشظي داخل الأحزاب والاختلاف في الرؤى والذي يترك أثراً على كيفية التعاطي سواء على مستوى لملمة البيت الداخلي أو على مستوى الاستحقاقات والتحالفات، غالباً ما يعني تراجعا على الساحة السياسية، البعض يستفيد منها لشد العصب الطائفي بأساليب وطرق مختلفة والبعض الاخر يحاول إعادة ترتيب أوراقه من أجل تصويب البوصلة من جديد.

منذ انتخاب الرئيس العماد ميشال عون في نهاية العام 2016 وحتى انتهاء ولايته في نهاية العام 2022، ذهب “التيار الوطني الحر” بعيداً في طموحاته السياسية والادارية على مستوى إدارات الدولة، إلا ان سرعان ما ترك ذلك حساسيات كبيرة على مستوى علاقته مع حزب “القوات اللبنانية” التي اعتبرت أن النائب جبران باسيل  أطاح ببنود اتفاق معراب، ولا يزال هذا الخلاف مستمراً حتى اليوم، رغم أن الطرفين تقاطعا في ملف رئاسة الجمهورية لجهة رفض انتخاب رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية أسوة بحزب الكتائب وبعض نواب التغيير وذهبوا جميعاً إلى تبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي سرعان ما عاد إلى منصبه في صندوق النقد الدولي،

ضرب الملف الرئاسي علاقة “التيار الوطني الحر” ب”حزب الله”، فبعد 17 عاماً من اتفاق مار مخايل، كاد التحالف بينهما أن يسقط بضربة باسيلية قاضية، مع تهديد رئيس تكتل لبنان القوي حزب الله بإنهاء التحالف متذرعا بأن الحزب تخلى عن بنود عدة في الوثيقة يتصل أبرزها ببناء الدولة وأن الخلافات الداخلية الموجودة كافية لتنسفها، في حين أن حزب الله أدرك ولو متأخراً أنه لم يعد في وسعه أن يعطي باسيل كل ما يطلبه وعلى حساب حلفائه الآخرين.
 يمكن القول إن المياه لم تعد إلى مجاريها بعد على خط ميرنا الشالوحي- حرة حريك، رغم إعادة التواصل بين باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا والاتصال الذي تلقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من رئيس”التيار “بعد أيام من عملية “طوفان الأقصى”، عرض خلاله مجموعة من الملفات، لا سيما التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة، خصوصا تلك التي تهدف إلى حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية. ومع الإشارة إلى أن هذا الاتصال استتبع ايضاً بجولة قام بها باسيل على القيادات السياسية لكنها لم تفض إلى أي نتيجة، لكونها كانت مبنية على حسابات خاطئة جعلت الذين التقاهم يقولون في السر وفي العلن أنه خرج خالي الوفاض، وهذا ما تظهر في الأيام الماضية مع إقرار مجلس النواب لقانون رفع سن التقاعد لقادة الأجهزة الأمنية برتبة لواء وعماد لمدة سنة واحدة، والذي مدد لقائد الجيش العماد جوزاف عون عاماً، في حين أن باسيل جاهر أنه ضد التمديد، وسعى حتى الساعات الأخيرة التي سبقت الجلسة التشريعية لقطع الطريق على العماد عون إلا أنه فشل في ذلك، ومجدداً سارع نواب “التيار” إلى تحميل حزب الله المسؤولية بقولهم انه كان قادرا على عدم  تأمين نصاب الجلسة لكنه فعل، ولذلك فإن العلاقة معه لم تعد كما كانت قبل سنوات إنما باتت في إطار تقاطع المصالح لا أكثر.
 كل ذلك، سبقه أيضاً غضب باسيلي من مشاركة وزراء حزب الله في جلسات مجلس الوزراء، فبعد مشاركة الوزيرين علي حمية ومصطفى بيرم في أول جلسة لحكومة تصريف الاعمال بعد انتهاء ولاية الرئيس عون والتي قاطعها الوزراء المحسوبون على “لبنان القوي” لوّح باسيل بأن اتفاق مار مخايل يهتزّ  وأن مشكلتنا مع الصادقين الذي نكثوا بالاتفاق وبالوعد والضمانة، ليسارع الحزب في حينه ويرد في بيان بالقول إننا “لم نقل إن الحكومة لن تجتمع إلا بعد اتفاق مكوناتها، كما أننا لم نقدم وعداً ل”التيار” بأننا لن نحضر جلسات ‏طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار”.
 كرت سبحة مشاركة حمية وبيرم في جلسات مجلس الوزراء، وأدرك باسيل أن لا مجال مطلقاً لدفع الحزب إلى التراجع وهو المدرك أيضاً أن علاقته بالسيد حسن نصر الله لم تعد كما كانت عليه في السابق، بعد ما اقترفه، وفق توصيف المقربين من حزب الله، بحق السيد، عندما هاجم في تشرين الثاني من العام 2022  فرنجية بعد ساعات من عشاء جمع رئيس “تيار المرده” والسيد نصر الله وتباحثا خلاله في الملف الرئاسي واتفقا على أن للبحث صلة، لكن باسيل نسف كل ما قيل في دقائق.
 
 لطلما كان حزب الله الحليف شبه الوحيد ل”التيار الوطني الحر”، نظراً إلى علاقة الاخير المتوترة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والمتأرجحة مع معظم افرقاء فريق 8 آذار، مروراً بعلاقته السيئة مع معظم مكونات فريق 14 آذار  وحتى مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وصولا الى هجومه على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتشويهه الحقائق. ومع ذلك لم يسع باسيل إلى البناء على القواسم المشتركة مع القيادات السياسية والاحزاب، ولم يحافظ على علاقته مع حزب الله، وها هو اليوم وحيداً يخوض، بحسب مصدر سياسي بارز لـ”لبنان24″، معارك وهمية من شأنها أن تطيح ب”التيار” الذي رفض عدد من مسؤوليه الحملة المنظمة على قائد الجيش وطالبوا مرارا إبعاد المؤسسة العسكرية عن المناكفات السياسية والخلافات الشخصية، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن النائب اسعد درغام فشل في تقريب وجهات النظر بين باسيل والعماد عون، بعدما نجح سابقا في عقد لقاء بينهما.
 كل اتهامات باسيل لقائد الجيش دحضها ديوان المحاسبة عندما أكد القاضي فوزي خميس في قراره، أن “كل التدابير التي اتخذها قائد الجيش متوافقة مع الأصول، وهي مشروعة ومباحة ومبرّرة ومناسبة مع حجم التحدّيات والظروف الاقتصادية والسياسية والاستثنائية المحدقة التي تمر بها البلاد، وأكدت حرص قيادة الجيش على أموال المؤسسة العامة، وعدم ثبوت ارتكاب عون أي مخالفة”.
 أمام كل ذلك، يقول مصدر قريب من الثنائي الشيعي لـ”لبنان24″ أن صدقية “التيار الوطني الحر” على المحك، وأن الأوان حان لمراجعة شاملة لسياساته وأدائه في السنوات الماضية، لأن الأمور لن تقتصر على خسارة نائب البترون لحلفائه إنما ستمتد إلى القاعدة الشعبية للتيار العوني لا سيما المسيحية على وجه الخصوص، فانتخابات العام 2022 أثبتت أن باسيل ليس الزعيم المسيحي الأول، فهناك 7 نواب لم يكن ليصلوا إلى البرلمان لولا “المد الشيعي” لهؤلاء بالاصوات.
قبل نهاية العام كان لقاء اليرزة بين فرنجية والعماد عون محطة مهمة سوف يبنى عليها في العام 2024 لا سيما وأن الرجلين اتفقا على المنافسة الديمقراطية، لكن الواقع يشير إلى أن باسيل سيجد نفسه أمام تحديات سياسية كثيرة. ويقول مقربون من “التيار الوطني الحر” إن المطلوب في العام 2024 العودة لتصدر المشهد السياسي في البلد ، والابتعاد عن السجالات والمناكفات التي لا طائل منها، والمفروض أيضاً أن  يضع باسيل في حساباته أن العام 2024 يجب أن يكون عام التقويم والمراجعة وتصويب الخيارات بدءا من تبني خيار منطقي لرئاسة الجمهورية يمكن التقاطع عليه مع الحلفاء، مرورا بترميم الانقسام الداخلي العميق وغير المعلن داخل “التيار” ومع قسم كبير من الكوادر الذين غادروا “التيار “في الاونة الأخيرة، وصولاً إلى إعادة بناء الثقة المهتزة مع حلفائه وفي طليعتهم حزب الله وإعادة الاعتبار للفكرة المركزية عند “التيار”وهي الإصلاح والتغيير ومغادرة الحسابات الشخصية الضيقة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى