آخر الأخبارأخبار محلية

السنيورة : حزب الله يأخذنا إلى حافة الهاوية

قال الرئيس فؤاد السنيورة في حديث الى” الراي الكويتية”: العالم كله غير راغب في توسيع الحرب، وإيران كانت واضحةً منذ البداية عندما قالت إن لا عِلْمَ لها بما حَدَثَ (طوفان الأقصى) ولا علاقة لها”، مذكّراً بما قالته حكومته في 12 تموز 2006 بعد أسْر حزب الله جنود إسرائيليين من”أننا لم نكن نعلم بذلك ونحن لا نتبنى، أي أخذْنا كدولة مسافةً عن المقاومين. وحزب الله لم يقتنع بسهولة في بادئ الأمر وقمْنا باستدعاء سفيرنا في واشنطن حينها لإعلانه موقفاً مؤيداً (لما جرى)”.

ويضيف: “ما يَجْري الآن فعلياً أن حزب الله يوحي بأنه صحيح أنه لم يدخل الحرب إلا أنه يُشاغِل القوات الإسرائيلية التي اضطُرت إلى سحْب ثلث جيشها إلى قبالة الحدود مع لبنان في الوقت الذي يسود الانطباع بأن إسرائيل ارتكبت كل ما يمكن ارتكابه في غزة وليس في وسعها أن تفعل أكثر مما تقوم به، ولذا فإن الادعاءَ بمُشاغَلة القوات الإسرائيلية جزءٌ من عملية إنقاذ ماء الوجه، وتالياً فإن الحزب يأخذنا إلى حافة الهاوية. وهنا لا بد من الانتباه إلى أنه صحيح أن إيران لا تريد التورط وأن حزب الله لا يريد الذهاب أبعد في تدخّله، وكذلك إسرائيل وأميركا، لكن هناك سوابق غير قليلة في التاريخ تقول إن الأطراف المنخرطة في معارك ومزايداتٍ ولم تكن تريد نشوب الحروب ولكنها وصلت إلى نقطة تدحرجت فيها الأمور. وما أخشاه هو أن يحصل ذلك بسوء حساب أو تقدير، أو كما يقال «فمَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه”.
وحين نقول له “من الواضح أننا أمام فكي كماشة… تهديدات إسرائيلية بما هو أدهى وسط ارتقاءٍ في المواجهات العسكرية وحركة ديبلوماسية ضاغطة عنوانها تنفيذ القرار 1701 بحذافيره، فأيّ أفق أمام لبنان ؟ يردّ “يجب أن نكون واضحين وأن يكون للحكومة اللبنانية ورئيسها موقف أكثر وضوحاً وتأكيداً أن لبنان لا يستطيع الدخول في المعركة، لاعتبارات عدة ليس أقلها أننا لا نملك شبكة الحماية التي كنا نتمتع بها في الـ2006، لا سياسياً ولا وطنياً ولا مالياً ولا اقتصادياً. ورغم مرور ثلاثة أعوام وأربعة أشهر على وقوع انفجار المرفأ، لم نستطع التعويض على جميع المتضررين حتى اليوم، ومعالجة انهيار مبنى في منطقة المنصورية أخيراً استغرقت نحو أسبوع. ولو كان انخراط لبنان في الحرب سيغيّر مجريات الأحداث ويقلب الموازين، ربما لاستأهل الأمر التضحية، أما غير ذلك فإنه سيعرّض بلادنا وناسنا لأخطار وأضرار غير محسوبة”.
ونسأله: من الواضح أن الوضع في الجنوب بات مرتبطاً حُكْمياً بالترتيبات التي تُعد لمرحلة ما بعد انتهاء حرب غزة. وإسرائيل واضحة في مطالبتها بتنفيذ الـ1701 بحذافيره وعلى نحو يبعد حزب الله إلى شمال الليطاني، فكيف يمكن إدارة هذا التحدي؟ يقول السنيورة: “لا بد من العودة إلى(الكتاب). نحن لدينا الـ 1701 الذي لم تطبّقه إسرائيل وكذلك حزب الله لم يتقيّد به”.
وحين نقاطعه: “ألم يَكن من مصلحة لبنان صدور الـ 1701 تحت البند السابع؟”.
يجيب: “في الـ 2006 كان هذا الأمر سيؤدي إلى مشكلة داخلية. وهمّي الأساسي فعلياً يومها كان إنهاء الحرب وإعادة الناس إلى قراهم. وكنتُ أمام تحدي الحفاظ على وحدة البلاد والتوصل إلى القرار قبل حصول انهيار جبهة حزب الله… وقبل ثلاثة أشهر من وفاته، قال هنري كيسنجر إنه عندما وقعتْ حرب الـ 1973 اتخذنا قراراً بأنه ممنوع هزيمة إسرائيل، وتالياً انطلق جسر جوّي لتزويدها بكل ما تريده من دعم عسكري، لوجستي، مخابراتي وسوى ذلك لإحداث ما سمي حينه بـ “الدفرسوار”، ولذا علينا الانتباه”.
ويضيف: “المهم أنه في الـ2006 حصلنا على القرار 1701، الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من جميع المناطق التي احتلتْها، والبقية هي قرية الماري شمال الغجر. وقرية الغجر هي أساساً في الجولان السوري، والإسرائيليون يقولون إن عند احتلالهم لها في 1967 كانت تتمركز فيها الجندرما السورية. والواقع عملياً أن الحدود اللبنانية مع فلسطين تم تحديدها بفعل المشاحنات الفرنسية – البريطانية آنذاك، لكن لبنان وسورية كان كلاهما واقعاً تحت الانتداب الفرنسي فلم يَجْرِ تحديد الحدود بينهما كما حصل بين لبنان وفلسطين، فبقيتْ تلك المناطق غير محسومة، وكانت سائدة نظرية اعتبار مجرى المياه معياراً فإذا كان إلى الغرب فالأرض لبنانية وإذا لجهة الشرق فالأرض سورية”.
ويتابع: “عندما انسحبتْ إسرائيل في العام 2000 انبرى البعض في عهد اميل لحود للقول إن مزارع شبعا لبنانية لجعْلها مسمار جحا، في الوقت الذي استمرّت سورية في القول إنها أرض سورية. المرة الوحيدة التي وقف فاروق الشرع يوم كنا في برشلونة وقال إن مزارع شبعا أرض لبنانية، لم يسمعه أحد ولم يتبن كلامه أحد بل على العكس رفض محمد ناجي العطري (رئيس الوزراء السوري آنذاك) هذا الأمر وأرسل لي كتاباً في هذا الخصوص. وتالياً فإن أمر المزارع والسيادة عليها غير محسوم”.
ويشدد السنيورة على أنه “بصرف النظر عن لبنانية مزارع شبعا أو اذا كانت سورية، فهي بالتأكيد ليست إسرائيلية، ومن هنا كان الطرح الذي قدّمتُه بأن توضع تحت ولاية الأمم المتحدة إلى أن تُحسم السيادة عليها بين لبنان وسورية. وهذا ما تتضمّنه خطة النقاط السبع التي تَقَدّمتْ بها في 2006 الحكومة التي كنتُ أترأسها (إبان حرب يوليو وقبل أن يصدر القرار 1701). وتالياً على إسرائيل اليوم أن تنسحب من قرية الماري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتسهّل حلّ النقاط المتنازَع عليها (على الخط الأزرق)، وفي المقابل على (حزب الله) أن يسحب قواته وأسلحته الثقيلة من جنوب الليطاني”.
ويشير إلى أن المؤشرات تدلّ على أن مثل هذا الأمر ليس من السهل أن يَتحقق”لأن حزب الله لن يتخلى بسهولة عن ذرائع لبقاء وضعيّته خارج الدولة، كما أن إسرائيل عدو لا يمكن الركون إلى نياته وما يضمره، وهذا ما يفسر خطورة الوضع حالياً”.
وعن تفسيره لزيارة آموس هوكشتاين لبيروت عشية حرب غزة وخلالها، وسط كلام عن مهمةٍ يضطلع بها في موضوع الحدود البرية مع إسرائيل على قاعدة بتّ النقاط الخلافية على الخط الأزرق بالتوازي مع تسريباتٍ عن أفكار يتم بحثها وبينها وضْع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة، يقول السنيورة: “هناك كلام يَجْري تداوله في الأروقة حول كيفية إيجاد مَخارج لهذا الملف. ولا شكّ في أن وضْع الجنوب بات مرتبطاً بمآلات حرب غزة التي رُبط بها بالنار. وهناك رؤوس حامية في إسرائيل تريد لهذه الحرب أن تستمرّ، ناهيك عن بنيامين نتنياهو الذي يدرك تماماً أن رأسه بات تحت المقصلة ما أن تنتهي. ولكن في الوقت نفسه تعيش إسرائيل ظروفاً صعبة. من ملف المخطوفين لدى(حماس) الذي تمارس عائلاتهم ضغطاً داخلياً يضع حكومة نتنياهو أمام موجبات تقديم تنازلات، إلى الرأي العام الدولي الذي يشكّل بدوره عنصراً ضاغطاً في ضوء المآسي الكبرى التي تشهدها غزة والجرائم المرعبة التي ترتكبها إسرائيل. وكل هذه المعطيات تتشابك في خلفية الحرب في غزة التي تتكثّف بالتوازي مع وقائعها الميدانية الاتصالاتُ غير المعلنة، وبينها مثلاً لقاء مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه» مع رئيس الوزراء القطري في وارسو، ولقاءاتٌ أخرى تشكل القاهرة محورَها، من دون أن يكون ممكناً استشرافُ الأفق بوضوح”.
ونقول للسنيورة: في ضوء إفراغ المستوطنات ونقْل سكانها إلى مناطق أخرى، وما ظهّرتْه المواجهاتُ على الحدود الجنوبية من أن حزب الله موجودٌ بقوة على الحافة الأمامية، تتعزّز المخاوفُ من أن يَفرض الإسرائيلي أمراً واقعاً على الأميركيين، في ظلّ الوجود العسكري لأكثر من دولة من الناتو في المتوسط وذلك في محاولة لفرض تنفيذ الـ 1701 تحت ضغط النار وعلى قاعدة أن الديناميةَ العسكريةَ بحدودها الحالية جنوباً غير كافية لتحقيق هذا الهدف، فيجيب: “هذا غير مستبعَد. والأمور وصلتْ إلى نقطة تستوجب الكثير من التبصر من حزب الله الذي لا يمكنه المضيّ في المعاندة على أساس أنّ إسرائيل لا يمكنها وغير قادرة. مع العلم أن القرار في ما خص وضعيته وما يقوم به في الجنوب ليس عنده بل في يد إيران التي يتعيّن عليها أن تقيس الأمور بدقة. ويجب عدم إغفال العامل الذي يشكّله رفْض أكثر من 70 ألف مستوطن العودة الى مستوطنات الشمال بحال بقي الوضع على ما كان عليه قبل 7 أكتوبر، وهذا يَضغط أيضاً على القيادة الإسرائيلية ويدخل في حساباتها”.
إبعاد “حزب الله”
وفي موازاةِ الحملة الديبلوماسية التي تقوم بها تل أبيب تحت عنوان إبعاد “حزب الله” عن جنوب الليطاني والحضّ على تطبيق الـ 1701 ونجاحها في تشكيل وعاءٍ دولي يحتضن طروحاتها في هذا السياق، يَبرز ارتباكٌ لدى لبنان الرسمي وديبلوماسيته وغيابٌ عما يُرسم للبلد وجنوبه. ويقول السنيورة عن ذلك: “لم يَعُد جائزاً الركونُ إلى المواقف الرمادية. يجب أن نكون واضحين، فنحن دولة مسؤولة أمام المجتمع والرأي العام الدولي، وقد وافقْنا على القرار 1701”. ومَن يعُد إلى مَحاضر ليلة 12 آب 2006 ومداولات مجلس الوزراء التي استمرّتْ نحو 5 ساعات (قبل الموافقة على الـ 1701) يجد أنني قلتُ صراحة: “لا مَكان للتذاكي على المجتمع الدولي، فإذا فعلْنا ذلك تَذاكى علينا. وهذا اتفاقٌ تقولون عنه إنه ظالِم، وربما يكون كذلك لأننا لم نحصل على كامل حقوقنا بموجبه، ولكن الآن صرْنا أمام قرارٍ وافقتْ عليه 15 دولة (في مجلس الأمن). وإذا كان هناك طرفٌ لن يقبل بالقرار، فسأكون قبْله وأقول لستُ موافقاً ولا نسير به، ولا أحد يزايد عليّ وعلى الدولة في هذا الشأن، فإما نوافق جميعاً على القرار وإما نرفضه”. ويضيف: “علينا أن نكون حريصين على بلدنا وشعبنا وعلى عروبتنا كما على الفلسطينيين، فلا يخوض البعضُ مَعارك تؤدي إلى المزيد من الخسائر”.
وفي غمرة الأزمات التي يعيشها لبنان، مالياً وسياسياً، جاء الخطر العسكري على الحدود مع إسرائيل، لترتسم معه مجدداً مشهدية سوريالية تتمثل في أنه رغم كل هذه المَخاطر لم يجد الأطراف الوازنون أرضيةً لإنهاء الشغور الرئاسي وتصفيح الواقع السياسي بوجه عواصف “طرقتْ الباب” من الجنوب. ولا يستغرب الرئيس السنيورة هذا الواقع المؤلم، معتبراً أنّ “حرب غزة جعلتْ احتمالات الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، الذي يشكّل مدخلَ الخروج من الأزمات، تتراجع في ضوء تبدّل أولويات المجتمع الدولي وتركيزه على هذه الحرب وتداعياتها التي لا تنفكّ تتمدد وليس أقلّها ما يجري في البحر الأحمر”.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى