رحيل الشاعر في غزة يعني موت الكلمة.. كما صورة الصحافي
Advertisement
في السابق كان الشعراء صوت قبيلتهم، ولهم دور مهم في المعارك والحروب لا يقل عن دور الفرسان، كما يحدث اليوم تماماً في غزة، فالشاعر لا يقل أهمية عن الصحافي في دوره من نقل الصورة، ومواكبة المعارك القتالية، إلا أنه “الشاعر” بات اليوم في غزة ينقل أحلام أهالي القطاع، ورسائلهم التي لا تأخذ حيزها الكبير في الحرب، من الهروب، إلى الفقد، والظلم، والأحلام التي ضاعت، فالكملة هنا تترجمها عبر سائل، بكلمات تحدث، تحت وقع الحرب ،أثراً كبيراً في ذهن القارئ وتخيل الصورة.
مقارنة بسيطة
في حالة الحرب دائماً تكون الكاميرات جاهزة للتوثيق في أيدي الصحافيين، أما أفواه الشعراء فتكون خرساء من هول المشاهد، إذ تلتهم النيران أفواه المتكلمين، ولا يوجد تعابير تُساعد الوصف أو حتى تنمقه، كي يخرج بصور تترجم المشهد إلى الأذهان، فهنا تكمن الصعوبة والفرق بين الشاعر والصحافي في غزة، مع أن عامل الخوف مشترك، ألا وهو الموت.
ورغم دعوات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي لا يزال صوته حياً وسط الحرب الدامية، للتوقف عن الكتابة بلغة “الندب”، لأن غزة لا تُحب النواح بل تعرف شيئاً واحداً فقط، “المقاومة”، لكن كلماته لا تزال حاضرة بين رسائل غزة التي تخرج إلينا ونقرأها على لسان شعرائها، كي ولو بنسبة قليلة، نشعر ما يشعرون به في مواجهة شبح الموت.
مقارنة الموت
وكما تستهدف إسرائيل الصحافيين في غزة لإسكات اصواتهم، فإنها أيضاً تستهدف الشعراء، ما يعني استهداف الصورة والفكرة، مع هدم جمالية الكلمة، فإسرائيل لا تريد فقط حصد المزيد من الأرواح بل تريد استهداف جمال غزة وفكرها الذي يحمله شعراؤها هرباً من القصف كي يحافظوا على هذا الجمال، ويروى خلال الحرب وبعدها.
وكما يموت الصحفي وهو ينقل الصورة، وتموت معه رسالته، التي يعبر عنها بالصور، أو مقطع الفيديو، كذلك الشاعر أيضاً عندما يموت، يرحل معه إنتاجه الفني فالكثير من القصص والحكايات والشخصيات لم تعد موجودة، كما الصحفي أيضاً فالكثير من الصور والتوثيق التي عاشها ترحل معه، ويبقى العامل المشترك لدى كلاهما، ما يصلنا نحن من كلمة طبعت صوراً عن غزة وأهلها في أذهاننا، وصورة من صحافي وثقت انتهاكات وجرائم إسرائيلية يريدون نحن أن نراها، ونسمعها.
ومن بين الشهداء الذين ارتقوا في الإبادة المستمرة في غزة منذ السابع من تشرين الأول، الفنانة التشكيلية هبة زقوت، والشاعرة هبة أبو الندى، والفنانة المسرحية ايناس السّقا، والفنان الدرامي علي نسمان، والفنانة التشكيلية حليمة الكحلوت.
ولا ننسى طبعاً اغتيال الصحافيين، استشهد أكثر 53 صحافياً منذ السابع من تشرين الأول وحتى الثاني والعشرين من تشرين الثاني بحسب لجنة حماية الصحافيين، آخرهم مصور الجزيرة سام أبو دقة.
وقد كتب الشهيد عمر فارس أبو شاويش ذات يومٍ قائلاً: “عندما تتجرّأ علينا الحياة، ندرك أن الوقت الاحتياطي لنا في هذا الزمان قد أوشك على النفاد، وعلينا ممارسة لعبة البقاء في أي مساحة، كبيرة كانت أم صغيرة، لنتمكن من مجاراة هذا الوقت، ونخلق لأنفسنا – ربما – حياة قصيرة لا تشبه أيّ شيء، سوى الصمت”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook