صحة

لقاح خارق لعلاج التوحد… وهم أو واقع مثبت؟

تمكن علماء صينيون مؤخرًا من تطوير لقاح جديد بشكل حقنة يمكنه علاج أعراض داء التوحد على حد زعمهم. سرعان ما انتشر خبر “اللقاح الخارق” وتلقاه الكثير من أهالي مرضى التوحّد، وعلّق بعضهم عليه آمالاً كبيرة، وتفاعلت الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مع هذا الخبر، وتوالت التعليقات عليه وكثرت النقاشات والتساؤلات عما اذا كان اللقاح هو حقًا علاج فعّال أم أنه كسابقاته مجرد تجربة علميّة فاشلة.

 
قام العلماء وعن طريق الحقن بتلقيح الفئران ولفتوا إلى أن النتائج التي حققوها حتى الآن تشير إلى أنه من الممكن استخدام هذا اللقاح لمساعدة البشر الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد. وكشف العلماء في شنغهاي، بأنهم قاموا بحقن الفئران بأداة تحرير الجينات، التي غيرت طفرة معينة في الحمض النووي المرتبط بأعراض التوحد.

 
وذكرت الدراسة التي نشرتها مجلة “Nature Neuroscience”، أن الفئران ذات الخاصية الجينية، والتي تم إعطاؤها الحقنة الخارقة وغير المسبوقة، شهدت انعكاسًا كاملاً لمشاكلها السلوكية والاجتماعية.

 
وتم ربط اضطراب طيف التوحد بطفرة في جين يدعى”MEFC2″، وهو الذي يسبب خلل الحمض النووي بمشاكل في عمليات النمو الحاسمة في الدماغ.

 
واختار العلماء التركيز على جين “MEFC2” في دراستهم فقط، لأن الأطفال الذين يعانون من طفرات التوحّد، والذين يعيشون في الصين وكوريا، من المعروف أنهم أكثر عُرضة دونا عن غيرهم لتشخيص اضطراب التوحد.

 
وفي الدراسة، نجحت الحقنة في استعادة مستويات بروتين “MEFC2” في العديد من مناطق أدمغة الفئران، وعكست التشوهات السلوكية لدى القوارض ذات الطفرة “MEFC2”.

 
مدى فعاليته
 
لكشف مدى فعالية اللقاح على الاشخاص المصابين بالتوحد، تحدث “لبنان 24” مع الدكتورة روزيت جبور الاختصاصية في علم الأعصاب والاضطرابات العصبية العضلية، وأشارت الى أنه “لا يمكن تقرير فعاليّة اللقاح مع اجراء دراسة واحدة، أقله يجب تنفيذ عشرين دراسة وأكثر مع المتابعة والمراقبة لكي نتأكد اذا كانت هناك حقًا نتيجة فعّالة أم لا. مثلا مرض الـ ALS أو التصلب الجانبي الضموري هو حالة مرضية تصيب الجهاز العصبي وتؤثر في الخلايا العصبية في الدماغ والحبل النخاعي وكمرض الالزهايمر أيضا، صدرت لقاحات عديدة لهذه الحالات وتبين بعد فترة أن هذه العلاجات لم تؤد الى نتيجة فعّالة تستحق الذكر”.

 
وأضافت جبور: “المضاعفات الجانبية التي يمكن ان يسببها اللقاح، سوف تجبر المريض على التوقف عن استخدامه بعد فترة، فاذا كان مفيدا بنسبة بسيطة وليست مؤكدة حتى اللحظة ، الا ان هناك احتمالا كبيرا بأن تكون المضاعفات في الواقع أكبر من النتيجة”.

 
وتقول: “حتى اليوم لم يكشف العلماء الصينيون عمّا اذا كان اللقاح سيعطى في أول مراحل المرض أو مع تقدمه، وهناك تساؤلات وشكوك كثيرة تدور حوله، فهل الافادة منه هي في الحالات الخفيفة أم المتوسطة والصعبة؟ هل يحسن من آداء الخلايا المتضررة في الدماغ؟ أسئلة كثيرة تطرح على العلن قبل التأكد من صدقية هذه الدراسة”.

 
وأوضحت جبور أنّ تفاصيل مرض التوحّد ليست واضحة بعد لدى العلماء، والمثير للجدل أن الدراسة طبقت على “جين”واحد لدى الفئران وهو “MEF2C” بينما الانسان لديه عدد هائل من الجينات.

 
وختمت: “علاج التوحد لا يزال على حاله، ونحن لا زلنا نعالج العوارض لا الاسباب، لأن الأسباب تكمن في خلل حاصل في الدماغ ويرجح انه في الجينات، كما أعتقد أن على المدى البعيد أي ما بعد خمسين سنة سيتحول العلاج الى “gene therapy” وعبرها نستطيع تحديد الجينات وتصحيح الخلل المتواجد في الدماغ، انه المستقبل والعلاج الوحيد الذي يمكن أن يحسن حالة المريض، وأي علاج اخر خارج عن هذا النطاق هو غير مثبت بعد بشكل علمي”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى